لا يمكن التحرّر من التبعية العضوية للمحروقات، من دون تهيئة أرضية البديل الاقتصادي المتنوع، من إنتاج قوي ذي تنافسية عالية في عدة قطاعات تملك فيها الجزائر الإمكانيات والمورد البشري، لأن العديد من المؤسسات العمومية والخاصة قطعت بخبرتها شوطا معتبرا من الأداء، وبرهنت في السوق المحلية جودة ما تطرح من منتجات، مثل قطاع الصناعات الغذائية والكهرومنزلية والالكترونية والصيدلانية وحتى بالنسبة لصناعة مواد البناء على غرار الاسمنت والحديد وما إلى ذلك.
البديل الاقتصادي لا يقتصر دوره على تلبية الطلب المحلي، بل الرفع من تنافسيته، لأن النسيج الاقتصادي مطالب في المرحلة الراهنة، بإعداد خطة على مستوى كل مؤسسة منتجة من أجل التموقع في أسواق خارجية خاصة الإفريقية والعربية منها، وإعداد دراسات جدوى للأسواق على المديين المتوسط والطويل، واغتنام الفرصة لمبادرة الدبلوماسية الاقتصادية التي انفتحت للتعاون، بتقديم بيانات ومعطيات عن الأسواق الخارجية، لأن وزير الخارجية بوقدوم في آخر تصريح له كان قد التزم بذلك، من أجل تعميق خيار التصدير الذي يتصدر، اليوم، الأولويات الوطنية في الحياة الاقتصادية.
وعلى ضوء تأكيدات الوزير فإن أسواق إفريقية لازالت تدفع كلفة باهظة مضاعفة عدة مرات عن استيرادها عديد المنتجات الغذائية من أسواق أوروبية. وعلى سبيل المثال علبة «الياوروت» تسوّق في دولتي النيجر ومالي بسعر مضاعف 7 مرات عن ثمنه في الجزائر.
إذا تعبيد مسار التصدير صار هدفا جوهريا، ينبغي أن تنخرط فيه مختلف المؤسسات سواء كانت عمومية أو خاصة، في ظل الإرادة السياسية القوية التي باتت تشجع تموقع المنتوج الوطني في الخارج، والتصدير يجب أن يكون من دون انقطاع من خلال كثافة الإنتاج ونوعيته المنافسة وكلفته المنخفضة حتى يسوّق بأسعار تنافسية، والمؤسسة الإنتاجية يمكن إثبات جديتها ونجاعتها الاقتصادية برفع رهان التصدير، ولاشك أن الكرة اليوم في مرمى الآلة الإنتاجية لتحديد إستراتيجية التموقع، هذا من جهة ومن جهة أخرى المنظومة المالية يجب أن تواكب هذا التحوّل وتفتح فروع لها بالخارج خاصة في الدول الإفريقية لتسهل مهمة المصدّرين الجدد.