مخزون فرنسا من الأرشيف الوطني ثقيل جدا، قد يصل إلى الأطنان من الوثائق والصور والآثار المكتوبة، تعود في غالبيتها إلى فترات متزامنة من عهد المقاومة الى الحركة الوطنية فثورة التحرير المظفرة.
بادرة استرجاع رفات شهداء المقاومة خطوة أولى ولو أنّها جاءت متأخرة، نحتسبها بداية لاستعادة بقية الارشيف المختطف والمنهوب من الجزائر، حيث ظلت فرنسا الاستعمارية تستعمله كورقة ضغط منذ أن طالبت الجزائر باسترجاعه منها، وفي كل مرة تصل الادارة الفرنسية أمام معضلة دولية، إلا وتقوم بالتلويح بهذا الملف، في إشارة إلى أن الجزائر استغنت عنه أو أنها لا تريده مادة تاريخية بين باحثيها ومؤرّخيها لإعادة قراءته وتمحيصه.
الأرشيف مهما طال الزمن أو قصر فهو جزء من السيادة والهوية الوطنية، لا يموت بالتقادم وحماية هذا الارث من العبثية الاستيطانية، يستوجب العودة الى المواثيق الدولية التي تمنحنا حق استعادته، حتى إن تمّت كتابته تحت لواء الجمهوريات الفرنسية المتعاقبة، فهو حق قائم حاضرا ومستقبلا، أمانة المكتبة الوطنية وحاضر الاجيال ومستقبلها، معركة تاريخية بين الجزائر وفرنسا متواصلة، ثنائية الحق والباطل أو المنتصر والمهزوم الذي لم يستسغ بعد هزيمته..
استعادة الرفات ثم الأرشيف المهرّب مرهون بالاعتراف الضمني بكل الجرائم الانسانية التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية على الاراضي الجزائرية طيلة قرن ونصف قرن من الاستعمار والاستعباد، وتعويض كل ضحايا التجارب النووية التي لا تزال إلى اليوم تحصد الأرواح، ولن يتأتّى ذلك إلا بتفعيل دور الدبلوماسية الجزائرية وخوضها غمار الملفات العالقة، وما ضاع حق وراءه مطالب.