بعد استمرار تداعيات فيروس كورونا على الأسواق والنمو الاقتصادي، من الأولويات التي ينبغي التعجيل بتكريسها في المرحلة الراهنة، الإسراع بامتصاص سوق العملة الموازية بآليات تنظيمية ونصوص تشريعية صارمة، تفضي إلى إصلاح جذري وناجع للبيئة الاقتصادية، حيث يكون مبنيا على نظرة بعيدة المدى تعمق من مستويات الشفافية، وتجسد القطيعة مع الأساليب الارتجالية، في وقت الإرادة القوية قائمة لقطع أشواط أبعد في مسار استئصال شأفة الفساد وأخلقة الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
سوق العملة الموازية واقع سلبي مفروض جراء تراكمات الأوضاع الصعبة السابقة، لكنه مازال يستقطب الزبائن من باعة ومشترين وتتدوال في نطاقه أموال معتبرة، في وقت يحتاج فيه الاقتصاد وتحديات الاستثمار الانخراط في مساع وجهود رسمية، وهذا ما يفرضه التوجه الجديد لتجاوز التبعية العضوية للمحروقات، بما يسمح بتنويع قوي وسريع للنشاطات الاقتصادية، ولأن سوق العملة الموازي، النقطة السوداء المنفّرة والمثبّطة للعزائم والقوى الحية المعول عليها في الإقلاع التنموي الذي يجب أن ينطلق بصورة فعلية في خضم تجسيد إجراء رفع الحجر الصحي.
لا يعقل أنه أمام الرهانات الكبرى للتنمية، مازالت سوق العملة الموازية، تنشط باستقلالية وبشكل علني من دون قيد أو ردع، وتحوّل أرباحها لأشخاص أو مجموعات معينة دون أن تستفيد البنوك، في ظل صعوبة تحريك نشاط شبابيك الصرف التي يعد وجودها بعيد المنال بالنسبة للجزائريين، لأنه لا يمكن الحديث عن حركة سياحية وجذب للسياح من دون تحضير أساسيات البنية التحتية من هياكل استقبال وإطعام وكذلك مكاتب صرف العملة، والتي تنشط في إطار القانون وتستفيد بقوة القانون من هامش ربح محدد، وتدفع الضرائب وتساهم في تدفق العملة في اتجاهها الصحيح والطبيعي، لتكون عنصرا من المعادلة.