عادت الجماجم إلى الأرض الطاهرة العنوان الأبرز لانتزاع جماجم شهداء قادة المقاومات الشعبية في الجزائر الذين قاوموا الاحتلال الفرنسي الغاشم في بداياته وضحوا بالنفس والنفيس، ممهدين الطريق لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة التي استعادت بها الجزائر حريتها بعد قرن ونصف من الاستدمار والاضطهاد الفرنسي الذي استعملت فيه أبشع صور القتل والتعذيب في حق أجدادنا الأبرار.
بعد أكثر من 170 سنة عن فصل رؤوسهم عن أجسادهم وقطع البحر الأبيض المتوسط بهم وعرضهم في متحف الإنسان بباريس متباهين بإنجازهم أمام الشعوب، أعاد الرئيس تبون الاعتبار لرفات 24 شهيدا من كبار قادة المقاومة الشعبية في الجزائر، ليتوسدوا وطنهم، التراب المطهر بدماء الثوار والأحرار، بعد حرمانهم من حقهم الطبيعي والإنساني والديني في الدفن حتى لا يكونوا قدوة لغيرهم ورموزا من رموز المقاومة التي تواصلت إلى غاية استعادة الحرية بقوة السلاح.
ويكون عيد الاستقلال الثامن والخمسون عيدين، ويصنع من الخامس جويلية 2020 محطة حاسمة في تاريخ الجزائر، بعد النصر الجديد الذي حققته الجزائر المستقلة على فرنسا، نصر جاء بعدما تم تعبيد الطريق لتحقيق انتصارات أخرى في ثورة ملف الذاكرة، وهو ما يترجم الإرادة السياسية للدولة الجزائرية تجاه التاريخ.
استعادة رفات وجماجم أجدادنا سيمهد الطريق لفتح ملفات عديدة عالقة يتقدمها الاعتراف بالمجازر الشنعاء التي ارتكبها جنرالات الجيش الفرنسي على غرار مجازر الثامن ماي 1945، وملف التفجيرات النووية بالصحراء، واستعادة الثروات المنهوبة بينها أرشيف الجزائر الذي يعد غنيمة حرب لا قيمة لها لتاريخ الجزائر تزين بها فرنسا متاحفها ومكتباتها.