أثار ارتفاع عدد حالات الإصابة الجديدة بكوفيد – 19 حالة من القلق لدى المواطنين الذي تساءلوا عن الطريقة الأنجع والأسرع لعكس اتجاه المنحنى التصاعدي لانتشار الوباء نحو الأسفل، متناسين أنهم الرقم المفتاح في معادلة الحد من عدوى الفيروس التاجي ومجابهته لأنهم المعني الأول بالإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي أوصي بها الأطباء والمختصون في مختلف دول العالم، فإن كان الوباء مستجدا لم تستطع المخابر بعد إنتاج لقاح ضده، فالحل موجود بكل بساطة في الوقاية التي درج الجميع في مختلف مراحل حياتهم على أنها خير من العلاج وأنها الدرع الواقي الأول لمنع أي عدوى مهما كان المرض.
الوقاية إذا هي الوحيدة القادرة على صنع الفارق في الوضعية الوبائية في الجزائر، ولن تحتاج إلى خطة استراتيجية أو تجهيزات طبية متطورة، بل الوعي والتحلي بروح المسئولية تجاه الآخر أو المجتمع هما جوهرها الوحيد، لأن العدوى لن تتوقف بشريحة معينة بل بانخراط الجميع في حرب الجزائر ضد هذا الوباء العالمي، والانضمام هنا سيكون التزاما معنويا نحو المجتمع والمحيط الذي يعيش وسطه الشخص بإتباع كل الإجراءات الوقائية من غسل اليدين بالطريقة الصحيحة، ارتداء القناع الواقي واحترام التباعد الاجتماعي، الأمر لن يتطلب ميزانية خاصة أو مجهودا كبيرا يُشعر صاحبه بالتعب، هي سلوكيات يومية ستتحول مع مرور الوقت إلى روتين وعادة سلوكية لا يمكن التخلي عنها.
ولمن يعتقد أو يصدق بأنها «كذبة 2020»، فليزُر المستشفيات ليرى بـ«أم» عينه مرضى كوفيد -19 وهم يعانون أعراضه في العناية المركزة، حقيقة أن المجتمع كشف عن شريحة التزمت بكل الإجراءات الوقائية منذ الإعلان عن أول حالة في الجزائر لكن وجود المتراخين والمستهترين جعل سلوكهم السليم لا يُؤتي النتائج المرجوة منه، لأن الشريحة الأخرى من المغامرين بصحتهم وصحة غيرهم مرتبطون بسلسلة الوقاية ويمثلون الحلقة الأضعف فيها، لذلك وجب استرجاعها وإقناعها بأن الكل معني ولا أحد مستثنى من مجابهة الفيروس التاجي فشخص واحد يكفي لنقل العدوى إلى المحيط الذي يعيش فيه.
يتحدث البعض عن دور الردع والصرامة في إلزام هذه الفئة المستهزئة بالوقاية لكن كل القرارات التي اتخذت في هذا الشأن من غرامة مالية قد تصل إلى 20 ألف دج، وعقوبات بالحبس لثلاثة أيام على الأكثر لكل مخالف لإجراءات الحجر الصحي، وهذا التشديد والتجريم لبعض السلوكات لم يكن كافيا رغم أنها جاءت لحماية صحة المواطنين، فلا يمكن وضع شرطي لكل مواطن من أجل مراقبته، وهو السبب البديهي في الدور المفصلي والمحوري للوعي والتحلي بالمسئولية في الحد من انتشار عدوى الوباء، لأنهما بمثابة رقابة ذاتية تجعل صاحبها حريصا على صحته وصحة غيره، وهذا ما نسميه بالضمير الجمعي الذي يخضع إلى سلطة الأخلاق التي تجعل منه قوة موحدة لكل أطياف المجتمع.