التحليق عبر العالم العربي يبعث للوهلة الأولى على الابتهاج، كل بلد حباه الله بخيرات وامتداد جغرافي وباطن أرض فيه من الثروات ما لا يوجد في غيره من القارات، أكثر من هذا الإنسان بما له من كفاءات وطاقات إبداعية وإرادة البقاء على كوكب الأرض فاعلا في المشهد الإنساني، بالمقابل المؤشرات في أكثر من مجال تنذر بالشؤم، لما تطالع أخبار المنطقة تتساءل هل اللعنة تطارد هذا الوطن وشعوبه، ولماذا كل هذا السقوط في نزاعات وخلافات، يمكن حلها بقواعد الحكمة والقانون ليعيش الجميع في سلام؟..
في بلدان الغرب تجاوزوا كل ذلك بعد أن أدركوا أن التعايش ممكن رغم الاختلاف في كثير من الجوانب، بل يسجل التاريخ عندهم وقوع حروب خيالية بكل ما شهدته من تخريب وتقتيل وتهجير قبل الارتقاء إلى مستوى من الإنسانية بمعيارهم طبعا، حصد خيرات وبناء رفاهية على حساب الشعوب..
ليس الغرب وحده المسؤول عن الوضع الكارثي، حقيقة للاستعمار الطويل أثره المباشر، لكن أيضا المسؤولية تقع بالتأكيد على الشعوب والحكومات لعدم القدرة على تجاوز مرحلة ولّت والدخول في العالم الجديد دون ذوبان في العولمة، وإنما لاحتلال موقع تحت شمس الرقمنة واقتصاد المعرفة، الذي قد يضيع كما تضيع حقوق فلسطين ومستقبل أجيال تحاصرها نزاعات واقتتال في أكثر من منطقة.
كيف التطلع لمثل هذا التطور النوعي والمشهد يغلب عليه بؤس واقتتال وقطع للأوصال، علما أنه ليس الفيروس الوبائي وحده من قطع الأوصال اليوم، بل ثقافة سلبية متحجرة وتراكمات أضغان هي السبب الأول، فيما تحلم الأجيال على امتداد الجغرافيا العربية ببلوغ سقف العيش الكريم في ظل السلم والأمن والتطلع لمركز ضمن صدارة شعوب العالم.
توجد كافة العوامل التي تساعد على كسر تلك الصورة النمطية التي أصبحت خارج التاريخ الحديث وبناء منظومة عربية متكاملة ترتكز على العلم والعمل والقانون مما يسمح حينها للصوت العربي بإحداث الصدى عبر العالم حتى تختفي تلك الصور البائسة المتناقلة عبر فضائيات تقدم الإنسان العربي في أسوأ أحواله، فقد يكون غدا أفضل، وهذا من صلب مهام الهيئات العربية لكن شريطة أن تواكب هي الأخرى التغيرات..