لا تمثل الطاقة التقليدية من بترول وغاز، كما تروج له بعض الأوساط ‘’نقمة’’ بالنظر لحالة التبعية التي تعاني منها المنظومة الاقتصادية للمحروقات، لكنها ‘’نعمة’’ بالنظر لما توفره من موارد مالية ثمينة، يجب أن توجه لتصب في دواليب بناء البدائل الاقتصادية وأولها البدائل الطاقوية المتجددة، التي سارعت عديد البلدان من كبار الزبائن في أسواق الطاقة العالمية لبناء مرحلة الانتقال الطاقوي والتحضير للتخلص من تبعيتها للبلدان المصدرة.
وفي ظل التغيرات التي تحتدم بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، يتجه العالم كما تنذر به المعطيات، إلى أزمة طاقوية، بدأت مؤشراتها تلوح في الأفق ويتوقع الخبراء أن تندلع ما بين سنتي 2025 إلى 2030، مما يضع الجزائر أمام تحد يتطلب الإسراع في إعادة صياغة إستراتيجية طاقوية من أجل مواجهة أخطار محتملة. وإذا كان غير دقيق، ما يقوله بعض الخبراء من أن آبار المحروقات معرضة للنضوب، فإن الصحيح أن كبار الزبائن شرعوا في الإعداد لمرحلة الانتقال الطاقوي، بإرساء بدائل اللجوء إلى مصادر الطاقة غير التقليدية مثل الغاز الصخري بأمريكا والطاقة الطاقات المتجددة في أوروبا.
أين موقع بلادنا في المشهد الطاقوي العالمي على المديين المتوسط والبعيد؟ هو سؤال يلقي بظلاله على الساحة ويعني كافة الأطراف، التي لديها صلة بالمسألة وانشغال بالموضوع، من مقررين وخبراء لديهم مسؤولية إعداد ورقة طريق استشرافية، تحمل حلولا ممكنة تضمن للجزائر مواردها التي تضمن هي الأخرى ديمومة التنمية والإفلات من أي طارئ محتمل قد يقلب المعادلة رأسا على عقب، في وقت تتزايد فيه المتطلبات التي تستلزم زيادة مضطردة في المداخيل تكون وقودا لعجلة النمو.
إن الإفلات من ضغوطات الغد، يحضر له اليوم، ولذلك، لعل من أفضل الآليات لصياغة مثل تلك الورقة التي تتجاوز الظرف لتكون منارة تحدد بوصلة الاتجاه وضبط الخيارات، الترتيب للذهاب إلى تنظيم ندوة وطنية يناقش فيها المعنيون ومن بينهم الخبراء في الاختصاص، يتميزون بالكفاءة المشهود لها في المسائل الاقتصادية ذات الصلة ويملكون القدرة الاستشرافية، بعيدا عن أية مزايدات أو تهويل، خدمة للمصالح العليا للوطن وتأمينا لمستقبل الأجيال، في عالم يتجه إلى صراعات غير معلنة، قد تنزلق إلى صدامات وعنف حول مصادر الطاقة وأسواقها.
الخيارات عديدة ومتنوعة لكنها تحتاج إلى وضوح للرؤية واتخاذ قرار حاسم يحرر المبادرات وينهي التردد، فمن الطاقة الشمسية التي تملك فيها بلادنا مصدرا يغطي 10 مرات الاستهلاك الطاقوي العالمي سنويا، إلى الطاقة النووية ذات الطابع السلمي باهظة التكلفة، مرورا بالغاز الصخري المثير للجدل والمخاوف البيئية، يمكن التأسيس للأمن الطاقوي، بتحديد خيار عقلاني أكثر ملاءمة واقل كلفة ويكون في المتناول للدخول إلى إنتاج الطاقة المتجددة في أجل مقبول. ومثل هذه الوصفة البديلة لا يمكن أن يصيغها إلا خبراء يتمتعون بالنزاهة واستقلالية الفكر والتحكم في الدراسات.
الوصفة البديلة
سعيد بن عياد
25
أفريل
2014
شوهد:619 مرة