يحاول البعض التلاعب بمشاعر المواطنين من خلال تساؤلهم الدائم عن سبب الإبقاء على غلق المساجد، بل أكثر من ذلك يعطون القرار بعدا لا يتناسب وتبريرات الوزارة الوصية التي أكدت على أن قرارها مرتبط بتقرير المختصين في الصحة وتقديراتهم في ظل الحالة الوبائية، لذلك كان من الأجدر المرافعة من أجل إقناع المواطن باحترام شروط الوقاية والتدابير الاحترازية، وكذا التوصيات المرافقة لمرحلة الرفع التدريجي للحجر الصحي، الذي اعتقد البعض أنه مرادف للقضاء على الوباء.
لكن الواقع أثبت الحاجة إلى وعي أكبر لتجاوز المرحلة لأن الصور التي كان أبطالها المسافرون المستعملون لـ»الترامواي» كانت أصدق حجة وبيان لكل من يرى أن في الإبقاء على غلق بعض الأماكن المغلقة قرارا خاطئا، لأننا أمام إنزال بشري في وسيلة نقل حُدِدَ عدد مسافريها بعد رفع الحجر الصحي التدريجي وكذا أماكن وقوفهم وجلوسهم حتى لا يجد المسافرون صعوبة في اتباع بروتوكول استعمالها.
ورغم كل تلك الارشادات التي يوصَى بها عند استعمال «الترامواي» سواء كانت صوتية أو ملصقات إلا أن التباعد الجسدي غير محترم لدرجة الازدحام. اليومان السابقان إذاً، عكسا صعوبة التحكم في سلوك المواطنين في الأماكن العامة خاصة إذا تعلق الأمر بوسائل النقل.
وإن كان البعض يشكك في الحالة الوبائية للجزائر فما عليه سوى الذهاب إلى المستشفيات لمعرفة عدد حالات الإصابة الجديدة، عليهم فقط أن يسألوا واحدا من العاملين في المستشفى ليعرفوا أن الأهم في هذه المرحلة هو إبقاء عدد الإصابات الجديدة في حالة الاستقرار، وإلا سيكون الانفلات وخروج الأزمة الصحية عن السيطرة أمرا محتوما في غياب الوعي وروح المسؤولية تجاه الحالة الوبائية التي نعيشها.
ولن تكون ذهنية «تخطي راسي» الوسيلة الأنجع لتخطي الوضع الراهن لأن الوباء كالنار إن لم نتعاون في إطفاء شرارتها الأولى ستحرق الغابة كلها، لذلك على كل مواطن ملء دلوه جيدا ليكون ممن يساهمون في إطفائها ولن يكون ماؤه سوى وعي يتحلى به في كل سلوكياته ومسؤولية يتحملها تجاه محيطه، عندها فقط يتعلم الكل أهم درس من كوفيد-19 في أن أول خطوة في التغيير تبدأ بالذات بأن تكون في أفعالها وسلوكياتها مرآةً عاكسة لما يراد أن يكون عليه المجتمع.