عنوان التغيير

سعيد بن عياد
16 جوان 2020

من فك العزلة إلى الجزائر العميقة، برز مسار مناطق الظل عنوانا للتغيير الذي تنتهجه الجزائر انسجاما مع مطالب «الحراك» في طبعته الأصلية، التي وقّعت قطيعة مع مرحلة سابقة، لتفتح أخرى تستوعب كل تطلعات الشعب، عبر امتداد الجغرافيا الوطنية، من أجل هدف واحد، حماية سيادة وكرامة المواطن الجزائري.   
بعد إحصاء وتحديد هذه المناطق ومن أكبرها حول المدن وضواحيها فإنها تصنف كما أكده وزير الداخلية أمام لجنة الميزانية والمحاسبة للغرفة السفلى للبرلمان في صلب مخطط عمل الحكومة، ويرتقب الشروع في انجاز برامج إعادة تصحيح معادلة الانتشار السكاني والمشاريع التنموية بمضمونها الاقتصادي والاجتماعي بإحداث الثروة وتوفير الشغل ومن ورائه الحياة الكريمة للمواطن حيثما كان تواجده.
وتعتبر إزالة هذه المناطق التي تحولت إلى بؤر للغضب وإفرازات لها مبرراتها بالنظر للتراكمات وتشكل في المدى المنظور تهديدا للاستقرار وتعطيل مسار التغيير الشامل ضمن قواعد البناء الوطني الجديد، الذي يحتاج الى تكريس مناخ الاستقرار لتمكين الشركاء في مختلف القطاعات من مواصلة تجسيد المشاريع والبرامج ضمن معايير الحوكمة والعدل والنجاعة لتشمل مختلف المناطق عبر التراب الوطني حيث يتم العمل على تثبيت الساكنة في مناطقهم وربطها بعوامل إرساء الحياة الكريمة من توصيل للكهرباء وفتح الطرق وبناء مرافق تعليمية وصحية وثقافية ورياضية.
وتختلف مقاربة معالجة مناطق الظل عن تلك التي اعتمدت في مراحل سابقة بكونها تضع العنصر البشري في صلب الاهتمام والسعي لإشراكه في التكفل بأوضاعه الاجتماعية من خلال الرفع من مستوى حضور المجتمع المدني بعد توسيع مساحته في مراكز اتخاذ القرار المحلي ليكون منبرا فاعلا في الحياة المحلية أكثر من كونه أداة في يد سلطتها أو مراكز النفوذ فتضيع الإرادة في ظل عولمة شرسة تترصد البلدان الناشئة من خلال التركيز على نقائص واختلالات تعكس انشغالات العنصر البشري وتحويلها إلى شرارة ينبغي استباقها من خلال التوجه العملي لمعالجة مناطق الظل.
ويندرج هذا الاهتمام بجوانبه المعيشية والسكانية ضمن مسار إعادة تصحيح التوجه العام للبلاد بالتركيز على العمل الجواري وانتقال المرفق الإداري من ممارسة السلطة العمومية التقليدية إلى الانفتاح على المحيط عبر بنية تنظيمية تشاركية تسمح بإعادة تجنيد الموارد المحلية ودمجها في ديناميكية التغيير الهادئ لبلوغ أهداف مجتمعية اقتصادية وثقافية منسجمة بأبعادها الوطنية المستمدة من المرجعية النوفمبرية التي تبقى منارة الأجيال ومصدر التزود بالإرادة لرفع التحديات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024