كانت ولاتزال العلاقة الروحية التي تربط الجيش الجزائري بشعبه تزعج وطالما هي كذلك فان محاولات ضربها أو التشويش عليها لن تتوقف، لأن الأصدقاء قبل الأعداء يعلمون جيدا أن ثنائية (جيش - شعب) هي مصفوفة أمن واستقرار الجزائر وأنه يستحيل ضرب الدولة الجزائرية إلا من خلال إحداث ثغرة في هذه المصفوفة.
إن الجيش الشعبي الوطني خصوصية، جعلته لا يشبه جيوشا أخرى ظهرت للوجود بمراسيم رئاسية أو قرارات ملكية، بينما اختلف الوضع جيشنا تماما لأن نواته الأولى تشكلّت من رجال ثاروا ضد الظلم والطغيان الممارس على الشعب الجزائري من استعمار استيطاني مارس الفاشية في أبشع صورها لتنتقل بعدها تلك الانتفاضة من حالة عاطفية وحماس شباب إلى مشروع وطني سمي جيش التحرير الوطني، الذي حمل على كاهله تحرير البلاد وهو الجيش الذي لم يتم حله بمجرد انتهاء هذه المهمة المقدّسة بل وجد امتداده في الجيش الوطني الشعبي مع تغيّر التسميات والمهام التي لم تقتصر على صون سيادة واستقلال الجزائر ولكن الاضطلاع ورفع التحديات التنموية، مما سمح باستمرار الاحتكاك بين الجيش وشعبه. فالمداشر، المشاتي والقرى التي احتضنت مجاهدي جيش التحرير الوطني وسجّلت فيها أروع صور التلاحم والانصهار شهدت مع أفراد الجيش الوطني الشعبي مشاهد مغايرة في المهام ولكن بنفس الروح وكان الجندي الجزائري يدا واحدة مع شعبه في شق الطرقات وفك العزلة وإنجاز المشاريع الإستراتيجية الكبرى منها إرساء أولى أسس النسيج الصناعي الوطني مما اثبت أنه ليس بين هذا الشعب الاّ خيط رفيع يتمثل في بزة موّحدة وقبعة ولكن ليس من منظور شعبوي "شعب مسلّح" ولكن من منظور مؤسساتي عصري بروح نوفمبر وطيف الشهداء وهنا يكمن سر هذه العلاقة.
إن ما وقع أمس الأول في تينزاواتين الذي استدعى إصدار بيان من وزارة الدفاع الوطني بعد انتشار فيديوهات مفبركة وأخرى قديمة بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي مشفوعة بشعارات "كلنا تنزواتين " أو "متضامن مع تنزواتين" يؤكد وجود عمل منسّق وممنهج وقوالب جاهزة لاستهداف العلاقة بين الجيش والشعب في أكثر المناطق التي كتبت أجمل صفحات التلاحم والانصهار بين الشعب وجيشه، جيش كان وسيبقى وطنيا وشعبيا وستظل هذه الوصفة شوكة في الحلق؟!