حذّرت الجزائر القائمين على شؤون قسم الأخبار والمحتوى التابع للأمم المتحدة من التمادي في صياغة تقارير مضللة يراد بها تغليط الرأي العام، خاصة تجاه القضية الصحراوية العادلة، وهذا بإطلاق العنان لأوصاف أقل ما يقال عنها بأنها دنيئة وهابطة تنمّ عن ذهنية حقودة ومتعجرفة، لا مكان لها في هذا الموقع الذي يتطلّب أناسا نزهاء وشرفاء يتصدون لكل هذه المناورات واء الستار التي تتحين الفرص لمحاولة إلحاق الضرر بمسألة تصفية استعمار توجد على مستوى المنتظم الدولي.
وللمرة الثانية على التوالي توجّه الجزائر ملاحظات دقيقة وفي الصميم إلى المسؤولين المباشرين على تلك المصلحة للكف عن التلاعب بمضامين إعداد التقارير المتعلقة بالاجتماعات المخصّصة لمناقشة ملف الصحراء الغربية بإدخال عليها تحريفات ما أنزل الله بها من سلطان.. هي من وحي الخيال «الخلاّق، والمبدع» لهذا «الفريق المجند»، المكلف باعتراض أي مسعى مدوّن يراد له أن يوثق رسميا في أدبيات وثائق الأمم المتحدة، لحيازة المزيد من التأييد والمساندة والتعاطف.
وبتكرار ذلك العمل المشين خلال أشغال اللجنة الرابعة حول تصفية الإستعمار مؤخرا، (الجلسة السادسة) ينكشف حجم المؤامرة المحبوكة بين أطراف اعتادت على التصرّف وفق ما يحلو لها دون عقاب يسلّط عليها، بدليل أنها استنسخت نفس السيناريو، السنة الماضية عندما نسبت إلى الفقيد أحمد بوخاري كلاما لا أساس له من الصحة، وعار من كل حقيقة مما اضطر بتلك الأطراف إلى سحب التقرير فورا وهذا بعد تحرّك فعّال لكل القوى المحبة للسلم والعدل، مندّدة بمثل هذه الأعمال المغرضة الحاملة للنوايا السيئة.
ورفضت الجزائر رفضا قاطعا الادعاء القائل بأنها مجرّد أخطاء ليس إلا.. هذا التبرير الغريب لا يعتد به، كيف يعقل أن هذه الأخطاء تعود نفسها كلما انعقد اجتماع خاص بالصحراء الغربية وينقل المحررون معطيات خاطئة عن مجريات النقاش بل الأكثر يحرفونها ويقوّلون الحضور ما لم يقله للأسف الشديد، ويصفون الآخر بأوصاف غير لائقة، وبعيدة كل البعد عن الواقع.. لا تمت بتلك الصلة المطلوبة في مواقف كهذه، ترفض أو بالأحرى تنبذ الانحياز الأعمى للباطل.. والأكاذيب والمغالطات المفضوحة.
ومهما حاول البعض السقوط في الاستنتاجات السهلة، والتخمينات السطحية، فإنه من الصعوبة بمكان الاقتناع بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خطأ يجب أن يضيف هؤلاء مصطلح آخر وهو «مقصود» أي خطأ مقصود ينمّ أو يترجم نوايا سيئة وخطيرة في آن واحد إن واصل هذا الفريق أو المجموعة التصرف وفق مزاجهم السياسي والامتثال لطاعة أسيادهم، في تشويه صورة الآخر، وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة المعمول بها في تلك المحافل الدولية ذات المستويات العالية، يفترض أن لا تكون عرضة لمثل هذه الممارسات الخبيثة.
الوعود المبدئية الصادرة عن المسؤولين الأمميين على مستوى قسم الأخبار والمحتوى السنة الفارطة، لم تنجز للأسف وبقيت حبرا على ورق، ما شجّع هؤلاء على المضي قدما في ألاعيبهم هذه بدلا من اتخاذ إجراءات صارمة، بالفصل الفوري.. اهتدوا إلى تبرير ما لا يبرر متحدّين النداءات الجماعية الصادرة عن الدول الأعضاء، التي شدّدت على ضرورة احترام سير الأشغال وفق قواعد الجدية المعروفة في مثل هذه المواعيد.
ولم تتوان الجزائر في وصف ما حدث بمصطلحات مصوّبة تترجم حقا ما تمّ فبركته وراء الستار من قبل أطراف تعمل كالخفافيش مندسة في هذه المصلحة تؤدي خدمات جليلة لجهات شغلها الشاغل محاصرة الشعب الصحراوي على مستوى المحافل الدولية وخنق صوته المطالب بتقرير مصيره، مثلما أقرّت كل ما أحرزته القيادة الصحراوية من انتصارات سياسية باهرة على أكثر من صعيد كان آخرها ما حصل في اليابان عندما رفض الاتحاد الإفريقي إقصاء الوفد الصحراوي، وأصرّ على مشاركته وهذا ما حصل بالفعل ليجد «المتآمرون» أنفسهم معزولين يتخبطون خبطة عشواء، خاصة بعد أن هدّدهم الاتحاد الافريقي بمقاطعة الأشغال.
ما يحصده المغرب اليوم هو نتاج هذا التهور الذي ما فتئ يلازمه في كل نشاطه الدبلوماسي الخارج عن الأعراف المعمول بها.. لا يلتزم بحد أدنى من الأخلقيات تجاه الآخرين بدليل التشويش الذي يحترفه على مستوى قسم الإعلام التابع لأمم المتحدة للمرة الثانية على التوالي (٢٠١٧ - ٢٠١٨).
وتلك الأوصاف مؤسسة وواقعية غير مبالغ فيها وإنما تستجلي سلوكا مرفوضا أراد هؤلاء فرضه عنوة على الخيرين في هذا المنتظم الدولي كـ «التحيز»، «الذاتية» و»التضليل»، هذا ما سجلته الجزائر في الاجتماع الأخير بالأمم المتحدة المخصص لدراسة مسائل تتعلّق بالإعلام.
النعوت السالفة الذكر، تكشف عن تحويل «الأعوان» المكلفين بهذه المهام القذرة «هيكل» أو «فرع» أممي إلى مرزعة خاصة بهم في كل مرة يتصرفون كما يحلو لهم الأمر في تحرير التغطيات الخاصة بالأشغال وفق مزاجهم الخاص، أي التوجه المضمون أو المحتوى توجيها مقصودا، ومتحيزا مناوئا للآخر تطبعه تلك الذاتية المفرطة المليئة بالأحقاد والكراهية للصحراويين، خاصة كل هذا يؤدي إلى تضليل الرأي العام والمتتبعين في نفس الوقت لكن هيهيات أن يتحقق لهم ذلك، في كل مرة يفشلون فشلا ذريعا بعد أن أدركوا جيدا بأن صوت الصحراويين هو الأقوى.