إســـــدال الستـــــار علـــــى مهرجــــان جميلـــة العربـــي

فــــــي ليلـــــــة خالــــدة مـــن ليالـــــي المقاومــــة علــــى خشبـــة كويكـــول

سطيف: نورالدين بوطغان

أسدل، ليلة الجمعة، الستار على فعاليات الطبعة الثالثة عشرة لمهرجان جميلة العربي، والذي احتضنته المدينة الاثرية كويكول، بمنطقة جميلة شرق عاصمة ولاية سطيف، بعد ثماني ليال من السهرات الفنية التي أحيتها كوكبة من الفنانين الجزائريين، وبعض النجوم العرب من سوريا ولبنان وتونس وفلسطين،وهذا بحضور السلطات المحلية لولاية سطيف، والمدير العام للديوان الوطني للثقافة والاعلام، لخضر بن تركي، وجمهور غفير من الشباب والعائلات الذين أبوا إلا أن يحضروا واحدة من أهم سهرات المهرجان، بتواجد الفنان الشاب محمد عساف، من فلسطين التي تعاني عاصمتها القدس من الممارسات الاسرائيلية الوحشية، في حقّ مواطنيها والمصلين بالمسجد الأقصى خلال هذه الأيام.

السهرة الأخيرة كانت، إذن جزائرية فلسطينية بامتياز، فكانت مسكا لختام هذا المهرجان الكبير، باستمتاع الجمهور الغفير بأغان جميلة لابن تلمسان، الفنان الشاب انور الذي تغنى عن الحب والأم، وأتحف جمهوره باقة من الطابع الشعبي المغربي الراقص، كما استمتع الجمهور باغان للفنانة ندى الريحان والشيخ سلطان، في طابعين من طبوع الفن الجزائري الذي اثبت ثراءه في هذا المهرجان، فيما كانت للفنان الفلسطيني وصلة غنائية مطولة، تغنى فيها عن فلسطين الجريحة بأنغام ثورية تعبر عن عمق الرسالة الفنية التي يؤديها هذا الشاب لصالح قضية بلاده العادلة.
وكان الفوج الغنائي المتكون من الفنانين الأربعة، قد رسم صورة رائعة على الركح، بوقوفهم معا، وهم يحملون العلم الفلسطيني، على أنغام فلسطينية جميلة بعنوان: يادنيا علي اشهدي، وخاطب بعدها الفنان الجمهور بقوله: اليوم نجتمع بإخوتنا كل أفراد الشعب الجزائري العظيم، أخونا في الدم، كل باسمه ولقبه وصفته، وشعب فلسطين يحييكم ويحبكم كما تحبونه، وتوجه بتحية عظيمة لشعبه في فلسطين، وخاصة في  القدس المحتلة، ولكل الشهداء الذين سقطوا في المدة الأخيرة، بسبب محاولات الاحتلال الصهيوني لتغيير معالم المدينة القديمة للقدس والمسجد الاقصى، كما قال، مواصلا: فالقدس في وجدان كل فلسطيني وعربي وجزائري، موجها التحية لأهل القدس والشعب الجزائري،ومذكرا بالمثل الفلسطيني: أن الفرح لا يكمل الا بأهله وناسه، والشعب الجزائري اهل الفرح فدعونا نغني للقدس.
وتواصل الحفل بتقديم مجموعة من الاغاني الثورية المعروفة، مثل منتصب القامة امشي، لتتواصل الوصلة الغنائية المتميزة لهذا الفنان الشاب الذي أبدع في اداء أغان وطنية، وسط تجاوب كبير وتفاعل واضح من الجمهور، خاصة وهو يحمل العلم الوطني الجزائري، وكذا بأداء أغان تراثية شامية على غرار، على العين موليتين، وسط رقصات من بعض الحاضرات تجاوبا مع هذه الأنغام الجميلة.
التراث الشامي  يحرّر النفوس المتعطشة لسماعه
وكان الفنان محمد عساف، قد عقد بموقع الحفل، قبيل السهرة ندوة صحفية،أطنب فيها بالشكر للشعب الجزائري العظيم كما وصفه، والمسؤولين على دعوته للمشاركة الثانية له في مهرجان جميلة العربي بعد مشاركته سنة 2015.
 وذكر الفنان بمحبة الجزائر حكومة وشعبا وتضامنها مع فلسطين، وكذا تحدث عن سعادته الكبيرة بحضوره المهرجان، ومشيرا الى أهمية القدس والأقصى في وجدان كل جزائري وعربي، وأنه سيغني للقدس ولفلسطين وهي تمرّ بهذه الظروف الصعبة.
واعتبر عساف، ان مهرجان جميلة هو مهرجان كبير لا يقل أهمية عن باقي المهرجانات العربية، مذكرا بحفاوة الاستقبال التي حظي بها واعتزازه الكبير بتواجده في الجزائر، معترفا بالمواقف العظيمة للشعب الجزائري لصالح قضية بلاده، والتي قال انه كفلسطيني مهما فعلت لن أكون وفيا ولو لـ100 عام لوطنه، والفن رسالة يخدم بها شعبه وقضيته.
وهكذا كان ختام المهرجان فلسطينيا بامتياز، في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها محيط المسجد الأقصى والمدينة القديمة للقدس المحتلة، فكانت الحفلة الختامية، بمثابة دفعة قوية لنضال سكانها، في ظلّ العجز العربي الرسمي عن مواجهة الموقف بحزم.
القناوي يصنع الفرجة ويؤرخ لمنطقة الساورة
للإشارة فإن الليلة السهرة السادسة من ليالي مهرجان جميلة العربي ميزها الطابع القناوي مع إظهار عمق التراث الموسيقي الجزائري الضارب في جذور التاريخ والمعبر عن أصالة شعب عريق. الفن القناوي الذي يرمز الى ثقافة وفن منطقة الصحراء الجزائرية، ولاسيما منطقة الساورة بشار، كان حاضرا بقوة، وأعطى للسهرة نكهتها، بحضور الفنانة نورة قناوة التي ابدعت في تقديم أغاني من هذا الطبع الغنائي المتميز، والمميز للمنطقة المذكورة دون سواها ليحكي تاريخها وآلامها وآمالها، فكانت الفنانة نورة التي تشارك لأول مرة في مهرجان جميلة أحسن سفيرة لهذه الأغنية التي ليوجد الكثير ممن يؤدونها على الساحة.
الهادي، بلال، صالحي، سيكا، نجوم احبها الجمهور وغنى معها
السهرة كذلك تميزت بحضور رائع لنجم الراي الهادئ، الشاب بلال، الذي كان نجم السهرة الذي اطرب الشباب الحاضر بأحلى أنغامه، وبتجاوب كبير معه، لما يتمتع به هذا الفنان من سمعة طيبة في الوسط الشبابي والفني بشكل عام، لتتواصل السهرة الجزائرية الخالصة والثانية من نوعها في هذا المهرجان بباقة من الأغاني الجميلة التي أداها رضا سيكا وحكيم صالحي بطابع خفيف وراقص نال إعجاب الجمهور.
وحسب الأصداء الأولية التي استقيناها من الجمهور الحاضر لسهرات المهرجان، فإن المستوى الفني للمطربين الجزائريين مرتفع ويضاهي نظيره من نجوم الأغنية العربية المدعوين لإحياء سهرات المهرجان، مع تألق واضح لفناني الأغنية السطايفية التي برهنت  بقوة عن مكانتها في الساحة الفنية الوطنية، بفضل  كوكبة الفنانين الذين حملوا المشعل الذين تركه أعمدتها.
نجمة السهرة، نورة قناوة، عقدت ندوة صحفية مطولة قبيل انطلاق الحفل، وهذا بفندق سيتيفيس بمدينة سطيف، تحدثت فيه عن نوع القناوي ومسيرتها الفنية، مع هذا الطبع المميز لمنطقة الجنوب الغربي الجزائري.
الفنانة نورة  تشارك لأول مرة وإصرار على الطابع القناوي
في البداية، تقدمت الفنانة التي تشارك لأول مرة في المهرجان بتحيتها وشكرها للديوان الوطني للثقافة والاعلام على الدعوة الموجهة لها للمشاركة، وفرحت كثيرا بها، واعتبرت نفسها أول امرأة بدأت بهذا الطابع الفني المميز لمنطقة الساورة، وسجلت أول أغانيها سنة 1999 بالمحطة الجهوية بوهران للتلفزيون الجزائري، وفي سنة 2009 شاركت في مهرجان موسيقى الديوان ببشار، واحتلت المرتبة الثانية وكانت المرأة الوحيدة المشاركة في المهرجان أنذاك وتواصلت نشاطاتها لتشارك بقوة داخل الوطن وخارجه، وفي سنة 2012،مثلت الجزائر في مؤتمر الوحدة الافريقية باديس ابابا أحسن تمثيل، حسبها، وكذا في ستراسبورغ بفرنسا سنة 2014، كما كانت لها مشاركات بسطيف، واعتبرت جمهورها طيبا وذواقا.
وعن جديدها، قالت نورة قناوة، انها قامت، مؤخرا، بإنجاز البوم ثاني في السوق ألان، وهو متنوع فيه القناوي والصحراوي بطريقة عصرية، وأرجعت الفضل في تألقها الفني الى مساهمة زوجها، وهو موسيقي ويساعدها كثيرا، رفقة الفرقة الموسيقية التي تنشط معها ،والجمهور يعرفها كذلك كعازفة على آلة القومبري، كما انها تقوم بتأليف كلمات والحان اغلب أغانيها، أما عن الأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم في مسارها الفني، ذكرت الفنانة نورة كلا من حميد القصري والمرحوم المعلم بن عيسى.
نبحث عن امتداد الأغنية القناوية
وعن مستقبل الأغنية القناوية، تأسفت الفنانة لعدم وجود عدد كبير من فناني هذا الطبع الغنائي الأصيل الذي يتميز بلباس تقليدي وآلات موسيقية معينة،كما ذكرت انها رفضت دعوات مغربية لتطوير هذا الفن هناك، وأصرت على البقاء في الجزائر.
اما رضا سيكا، فقال انه يشارك لأول مرة في مهرجان جميلة، وهو يعرف ويحب جمهور سطيف في مناسبات سابقة، واعتبر المهرجان فرصة لإظهار مواهب الفنان، فيما حكيم صالحي  طالب من اي فنان ان يعمل دائما ويجتهد لخدمة الفن والمجتمع، مع ابلاغ رسالة الفن وتفعيل موهبته.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024