خاضت معارك دبلوماسيـة من أجـل اتفاق عادل ومتـوازن

الدول الإفريقيــة تفتح جبهــة أخـــــرى للتغيّــر المنــاخي

حمزة محصول

التزام الشركاء بدفع 100 مليار دولار مطـــلب ملـــح

ساهمت دول القارة الإفريقية، مثلما كان منتظرا، في إبرام اتفاق باريس حول المناخ، وحصلت على تعهد البلدان المتقدمة بمنح مبلغ 100 مليار دولار بداية من 2020، لمواجهة التغيرات المناخية وتحقيق التحول الطاقوي، لكنها في الوقت ذاته تبقى مطالبة بالتعويل على قدراتها الذاتية لمكافحة الاحتباس الحراري.
توجت قمة باريس المناخية باتفاق تاريخي، أعقب سلسلة من المفاوضات العسيرة بسبب تصلب المواقف وتباين الرؤى بين الدول المتطورة والسائرة على طريق النمو، حول بعض النقاط الأساسية المتعلقة بالالتزامات المالية.
وبعد تأخر مراسم التوقيع على الاتفاقية النهائية، بـ24 ساعة من طرف 194 دولة، خرج وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، السبت المنقضي، ليعلن عن التوصل «إلى اتفاق عادل، مستدام، ديناميكي، متوازن وملزم من الناحية القانونية». واعتبر أنه الأول في العالم لمكافحة الاحتباس الحراري.
بالنسبة لدول الجنوب، فإن أهم ما تضمّنته الوثيقة النهائية لمؤتمر المناخ العالمي، يتمثل في «مبدإ الإلزامية القانونية»، بشكل يجعل كافة الدول الموقعة عليه مجبرة قانونا بتنفيذ بنوده بدءاً من سنة 2021.
وبالنظر إلى التباين الواضح بين الدول المتقدمة والدول النامية والسائرة في طريق النمو، بسبب المسؤولية التاريخية عن الاحتباس الحراري، خرج المتفاوضون بصيغة تنص «على مبدإ المسؤولية المشتركة مع الاختلاف أو التمايز»، أي أن بلدان الشمال ملزمة بإظهار إرادتها لتحمّل أهداف خفض الانبعاثات بأرقام مطلقة، وحددت النسبة ما بين 40 و70 من المائة في أفق 2050.
على أن تظل دول الجنوب مطالبة بالاستمرار في دعم جهود تخفيف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، استنادا إلى معطيات متعلقة بالواقع الاقتصادي الوطني.
وهنا بالتحديد، تمحورت مشاركة 54 دولة إفريقية، حيث أكدت مجتمعة، على عدم مسؤوليتها عمّا آلت إليه الأوضاع المناخية. وشددت على أنها أكبر ضحية للتغيرات التي تسببت فيها الدول المتطورة، وبالتالي فهي أولى بالتضامن الدولي، خاصة وأن توقعات أرقام الخبراء حول تأثيرات الاحتباس الحراري على القارة كارثية.
في السياق، تحدث رئيس دولة النيجر محمدو إيسوفو، عن السيناريو الذي ينتظر الأفارقة في حال فشل المجموعة الدولية في منع زيادة حرارة الأرض بـ2 درجة مئوية، سنة 2100، حيث سترتفع بـ3.5 درجات مئوية في إفريقيا و5 درجات في النيجر لوحدها.
ووجدت بلدان إفريقيا، رغم مساهمتها الناجعة في فحوى الاتفاق، نفسها أمام إشكاليات عديدة، ففي وقت تعاني من عجز معتبر في الطاقة الكهربائية، تعرضت لضغوط من قبل الدول المتقدمة من أجل التوجه نحو الطاقات المتجددة بدل الطاقة الأحفورية المسببة لانبعاث غاز ثاني أوكسيد الكاربون.
التحول نحو الطاقة النظيفة، يتطلب أمرين أساسين: الدعم المالي والتكنولوجيات الحديثة. فغالبية البلدان الإفريقية تفتقر للخبرة اللازمة لاستغلال هذا النوع من الطاقات وتفتقد للموارد المالية الضرورية.
وعلى هذا الأساس، طالب رئيس السنغال ماكي صال، الأمم المتحدة، خلال القمة، بتخصيص مبلغ مالي قدره 5 ملايير دولا سنويا على مدار 10 سنوات، لتدعيم آلية الاتحاد الإفريقي لإنتاج الطاقة الكهربائية.
وقال جاكوب زوما، رئيس جنوب إفريقيا، إن البلدان المتطورة لا ينبغي عليها النظر إلى مساهماتها المالية على أنها دعم للتنمية أو مساعدة، وإنما التزام قانوني في إطار مفاوضات الأمم المتحدة.
لكن الدول الكبرى، التي كانت قد تعهدت بتعويض بلدان الجنوب سنة 2009، في قمة كوبنهاغن، بـ100 مليار دولار، ناورت كثيرا من أجل عدم الرفع من هذه القيمة، محاولة الموازنة بين التزاماتها وأرباحها الاقتصادية التي تنتظر تحصيلها من وراء التحول من الطاقات التقليدية إلى المتجددة.
وأمام المرونة التي اتّسمت بها مواد الدعم المالي للاتفاق، تستعد دول القارة مسبقا، لوضع استراتيجياتها الخاصة للتكيّف مع التغيرات المناخية، دون التعويل على دعم الخارج، لكنها سترفض حينها أي تدخل أجنبي في سياساتها الطاقوية.
للتذكير، فإن إفريقيا تتسبب بـ4.5 من المائة في تلوث المناخ وهي نسبة ضعيفة جدا، مقارنة بدول وقارات أخرى. وستنتج 3 من المائة من الطاقة الكهربائية العالمية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024