وضعت بوركينافاسو، أخيرا، 27 سنة من حكم انقلابي وعام انتقالي، خلف ظهرها، فاتحة صفحة جديدة من تاريخها السياسي عنوانها: «أول رئيس منتخب من طرف الشعب».
دفع الشعب البوركينابي ثمن بلوغ تنظيم انتخابات ديمقراطية ونزيهة غاليا، فقد سقط منه ضحايا أثناء ثورة الإطاحة بالرئيس بليز كومباوري في أكتوبر 2014، وعاش على أثار مرحلة انتقالية عسيرة لمدة سنة كاملة، تعرضت قيادتها السياسية في 17 سبتمبر الماضي لمحاولة انقلابية باءت بالفشل الذريع.
في كلتا المرحلتين، لفت شعب بوركينافاسو أنظار العالم بوعيه الشديد، ففي المرة الأولى رفض محاولة كومباوري تعديل مادة دستورية تتيح له الاستمرار في الحكم. وفي الثانية، خرج للشارع منددا بانقلاب الجنرال ديانديري، ورفض وبشكل قطعي مقترح دول الإيكواس للخروج من الأزمة، القاضي بعدم محاسبة وحدة الأمن الرئاسي التي تم حلّها بقوة.
إصراره وطموحه للديمقراطية كلل بالنجاح، فالنظام السابق رحل، ومن تورط من رموزه في الانقلاب الفاشل تم اعتقالهم وسيحالون على العدالة لتتم محاكمتهم، ليقدم بذلك صورة مشرقة عن تنامي وعي الشعب الإفريقي بمصلحته ومصيره.
حراك شعب بوركينافسو لم يتوقف عند ضبط خيوط اللعبة السياسية في البلاد، بل لعب دورا أساسيا في حماية الأمن وصون الاستقرار، فتحليه الكبير بضبط النفس ورفضه المطلق للعنف واعتماده الأسلوب السلمي لتحقيق مطالبه، درس آخر قدمه لمن يريد التظاهر والاحتجاج.
لقد تجاوزت هذه الدولة، المرحلة الصعبة، وهي مقبلة الآن على مرحلة جديدة بقيادة جديدة منتخبة، أمامها تحديات معتبرة عليها رفعها لتشريف ثقة الشعب.