«الإيكواس» تناقش اليوم مشروع الاتفاق السياسي للخروج من الأزمة

بـوركينافاسو أمام مستقبل غامض أو النجاة بأكــبر الأضـرار

حمزة محصول

الجيش يزحف نحو العاصمة ويطالب الانقلايين بوضع السلاح

تناقش، اليوم، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)، بالعاصمة النيجيرية أبوجا، مقترحات مشروع الاتفاق السياسي للخروج من الأزمة في بوركينافاسو، في ظل رفض شعبي مطلق لقانون العفو على قادة الانقلاب العسكري، في وقت تتطلع المجموعة الدولية والاتحاد الإفريقي لعودة سريعة للسلطة السياسية. هذا وقررت أمس ثلاثة فيالق للجيش البوركينابي التوجه نحو العاصمة واغدوغو لمساندة الشعب وطالبت الانقلابيين بوضع السلاح.

قبل 24 يوما على موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي كانت مقررة في 11 أكتوبر القادم، عادت بوركينافاسو إلى نقطة الصفر، إثر الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال جيلبرت ديانديري، الذراع الأيمن للرئيس السابق بليز كومباوري، مساء الخميس الماضي.
كل شيء حدث بسرعة فائقة. محاصرة اجتماع مجلس الوزراء، احتجاز الرئيس الانتقالي ميشال كافاندو، ورئيس الوزراء إزاك زيدا وكافة أعضاء الطاقم الحكومة. في صباح اليوم الموالي، إعلان عن حل المجلس الوطني الانتقالي، واستخلافه بالمجلس الوطني للديمقراطية، وتأكيد الانقلاب العسكري.
قادة الانقلاب من وحدة الأمن الرئاسي، التي تضم 1300 عنصر، يقال إنهم الأفضل تدريبا، والأكثر تسليحا مقارنة بباقي وحدات الجيش البوركينابي، الوحدة أنشأها الرئيس السابق بليز كومباوري، لتحصين نفسه وقصره الرئاسي، ما جعل ظله حاضرا بقوة في الانقلاب، خاصة وأن الجنرال ديانديري من أقرب مقربيه، ورغم نفي هذا الأخير أي علاقة أو إيعاز من كومباوري، إلا أنه لم يفلح في إقناع أحد بذلك.
ردود أفعال المجموعة الدولية والاتحاد الإفريقي، نددت بشدة بالانقلاب، كما هي مبادئها وقوانينها في التعامل مع التغييرات غير الدستورية، في وقت لم يجد الشعب البوركينابي من طريقة للتعبير عن رفضه المطلق لاستيلاء الوحدة العسكرية على الحكم غير الشارع للاحتجاج، والمطالبة بعودة السلطات السياسية الانتقالية. والنتيجة سقوط قتلى وجرحى جراء إطلاق النار.
الرفض الشعبي، ظهر من خلال محاصرة سيارات وحدة الأمن الرئاسي وحرق العديد منها، مثلما ظهر في الصور التي نقلتها الوكالات ووسائل التواصل الاجتماعي، بينما اتهم ممثلو المجتمع المدني القنوات الإذاعية والتلفزيونية لبعض الدول، على غرار فرنسا، بعدم نقل حقيقة رفض الشارع البوركينابي واكتفائها بنقل ما يقوله الانقلابيون.
على خلاف الانقلابات العسكرية السابقة، التي عرفتها عديد الدولة الإفريقية، بدا الجنرال الانقلابي ووحدته، في موقف ضعف أمام المجموعة الدولية والشعب، ولم يدل بأي تصريحات مقنعة أو مبررة للخطوة الخطيرة التي أقدم عليها قبل أيام قليلة عن خروج بلاده من المرحلة الانتقالية وعودتها للشرعية الشعبية.
واتضح، أن ما حرك وحدة الأمن الرئاسي، هو كثرة الحديث والمطالب بحلها وتوزيع عناصرها على وحدات الجيش الأخرى، وبالتالي تجريدها من القوة التي جعلتها في كل مرة ترمي بثقلها في الشؤون السياسية.
أما السبب الثاني الذي كان دافعا مباشرا لمحاولة إزاحة القيادة الانتقالية، فتمثل في قانون الانتخابات الذي سنّه المجلس الانتقالي، شهر أفريل الماضي، بحيث تضمن مادة تمنع كل من حضر آخر اجتماع لمجلس الوزراء بقيادة كومباوري وصادق على تغيير المادة 37 من الدستور التي تتيح له الاستمرار في الحكم لعهدة أخرى من الترشح.
الضحية الكبرى لهذا النص التشريعي، كان وزير الخارجية السابق، جبريل باسولي، ووزير الشباب والرياضة، ياكوبا وادراغو. فبحسب الرجل القوي الجديد في القصر الرئاسي، يجب عدم إقصاء أحد من السباق، ولابد أن تكون الانتخابات شاملة.
من جهتها، فضلت المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا التحرك سريعا، وأرسلت في اليوم الثالث، كلا من الرئيس السنغالي ماكي صال، والرئيس البينيني بوني يايي، للتباحث مع الجنرال ديانديري والرئيس كافاندو والمعارضة السياسية.
بعد يومين من المشاورات المراطونية، في فندق لايكو وسط العاصمة بوركينافاسو، أفضت وساطة «الإيكواس» إلى مقترحات «مشروع اتفاق سياسي للخروج من الأزمة»، تضمن 3 محاور رئيسية، عودة الرئيس الانتقالي ميشال كافاندو إلى الحكم، تنظيم الانتخابات في 22 نوفمبر المقبل، وسنّ قانون عفو يحمي الانقلابيين من المتابعة القضائية بسبب ضحايا الانقلاب. على أن يترك حل وحدة الأمن الرئاسي للرئيس الذي سيُنتخب لاحقا.
مشروع الاتفاق سيناقش، اليوم، في قمة استثنائية «للإيكواس». لكنه بالنسبة لممثلي المجتمع المدني البوركينابي، «اتفاق عار»، لأنه يحمي من قاموا بالانقلاب وقتل على أيديهم أبرياء من المحاسبة أمام القضاء، واعتبروا أن الوساطة الإفريقية رضخت لشرط الجنرال ديانديري، المتمثل في «الحماية مقابل تسليم السلطة»، بعدما وجد نفسه معزولا.
وسيسنّ قانون العفو، في حالة الموافقة عليه، نهاية الشهر الجاري، على أن يسمح في الوقت ذاته لمن أقصتهم المحكمة الدستورية سابقا بالمشاركة في سباق الرئاسيات، الأمر نال ارتياح أنصار حزب الرئيس السابق كومباوري.
في مقابل هذا كله، توجد بوركينافاسو، في مفترق طرق خطير، بعدما كانت في المنعرج النهائي لتجاوز المرحلة الانتقالية، وهي الآن أمام مستقبل غامض في حالة استمرار العسكر في الانقلاب، أو انفراج بإضرار ثقيلة إذا ما ترسّمت عودة السلطة السياسية.
وينتظر البلاد يوم حاسم، خاصة بعد حديث مصادر من قيادة أركان الجيش، عن تحرك 3 فيالق باتجاه العاصمة واغادوغو، للوقوف إلى جانب الرافضين للانقلاب، ما يفتح الباب أمام مواجهات دامية إذا لم يتم التوصل سريعا إلى اتفاق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024