20 شهرا من حرب أهلية مدمرة

جنوب السودان يمضي اتفاق السلم والمصالحة

حمزة محصول

توصلت حكومة دولة جنوب السودان حديثة النشأة والمتمردين، إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وتشكيل لجنة مصالحة وطنية، بعد 20 شهرا من حرب أهلية دامية. الاتفاق بدا للوهلة الأولى هشا، بدليل استمرار الاشتباكات وتبادل الاتهامات. أما الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الدولي، فيسعيان لخلق الآليات اللازمة لبسط الهدوء، بعد حالة التعفن التي بلغتها الأوضاع.

يشكك المراقبون لما يجري، في جنوب السودان، منذ 2013، أن تكون الحرب قد وضعت فعلا أوزارها بين الحكومة التي يقودها الرئيس سلفاكير والمتمردين الذين يقودهم النائب السابق للرئيس رياك مشار. ويرجع ذلك إلى استمرار العنف المسلح بين الطرفين، غداة دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل يومين.
الحكومة تقول إن المتمردين، هم من خرق الاتفاق، بينما يقول رياك مشار، أن قواته تحرص على احترام ما وقع عليه في الـ17 من الشهر الجاري، ويتهم رفيق الأمس الرئيس سلفاكير، بعدم امتلاك النية الحسنة لصناعة السلام عبر الحوار.
ولم تجد هيئة الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي، غير لغة التهديد، ومعاقبة الطرف الذي لا يحترم الاتفاق، ما يبين أن الهيئة الإفريقية ومعها المجموعة الدولية، سئمت من الحرب الأهلية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المواطنين ونزوح أزيد من 2 مليون إلى دول الجوار.فضلا عن خروقات بالجملة لحقوق الإنسان كتجنيد الأطفال واستغلالهم بطرق شنيعة، ناهيك عما تعرضت له النساء من معاناة دونتها الأمم المتحدة في تقارير.
وما ينذر بهشاشة السلم المتفق عليه، تحت وساطة، الهيئة الحكومية لدول شرق إفريقيا (إيغاد)، معارضة عديد الأطراف لأهم بنود الاتفاق، خاصة تلك المتعلقة بتقاسم السلطة في بعض الولايات، حيث يتحكم المتمردون في 53 بالمائة من بعض الولايات الكبرى، وتحصل الأحزاب السياسية الأخرى على نسبة تقدر بـ 33 بالمائة.
وتعبيرا عن رفض هذه المقترحات خرجت مظاهرات سلمية، معتبرة أن تقاسم السلطة، سيزيد من تعميق الانقسامات والخلافات ويؤدي إلى مزيد من الاقتتال. بينما نص الاتفاق على تولي زعيم المتمردين رياك مشار، منصب نائب رئيس المجلس الانتقالي الذي سيشرف على إدارة مرحلة انتقالية تدوم سنة ونصف، على أن تشكل خلالها لجنة للمصالحة الوطنية و محكمة لجرائم الحرب بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي.
وتجدر الإشارة، إلى أن الاتفاقية الموقع عليها بين حكومة جنوب السودان والمتمردين، جاءت بعد ضغط دولي مكثف، على غرار تلويح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أثناء جولته الإفريقية الأخيرة، بالتعامل بحزم في حالة ما إذا استمرت الحرب.
وساهمت بشاعة الجرائم والأوضاع الإنسانية المزرية التي تحملت دول الجوار تبعاتها، في تحرك المجتمع الدولي لفرض التوصل إلى حل فوري ينهي النزاع الدموي.
ومن مسببات الأزمة، التي اندلعت شهر ديسمبر من سنة 2013، اتهامات المعارضة للرئيس سيلفاكير، بالتخلي عن أقرب مقربيه، في حزب الحركة الشعبية، قبل استفتاء الاستقلال عن السودان، حيث أزاح أبرز الشخصيات النافذة، بغرض السيطرة على مفاصل الدولة كما يتهمه خصومه، وأدت إقالة نائبه رياك مشار، بهذا الأخير إلى إعلان التمرد، وتشكيل مليشيات مسلحة، جندت أغلب المنحدرين من قبيل النوير الكبيرة التي ينتمي إليها، ما جعل الصراع يأخذ طابعا إثنيا بين هذه القبيلة وبين الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس كير.
ومن بين العوامل أيضا، التي أدت إلى انهيار هذه الدولة التي تأسست سنة 2011، تمويل الأطراف الخارجية لطرفي النزاع بالأسلحة، حيث تعتبر المنطقة ساحة حرب إستراتيجية بين القوى الدولية، بسبب غناها بالمواد الأولية خاصة البترول الذي يشكل المدخول الرئيسي لخزينة الحكومة.
ورغم ما يقال عن هشاشة الاتفاق، إلا أنه يعد خطوة أولى نحو السلام لا شك أنها ستعزز إذا توفرت الإرادة اللازمة، للطرفين والمجموعة الدولية في إرساء سلم دائم والشروع في بناء الدولة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024