60 من المائة من السكان تقل أعمارهم عن 30 سنة

إفريقيا مطالبة بالتحكم في طاقات الشباب

حمزة محصول

تفيد الإحصائيات الديمغرافية الصادرة عن منظمات حكومية وغير حكومية متخصصة، أن إفريقيا مقبلة على انشطار سكاني ضخم بحلول العام 2050، ويتوقع أن يشكل الشباب الفئة الغالبة في مجتمعات القارة، ما يمثل نقطة قوة في حال استغلت إيجابيا ونقطة ضعف وعبئا في حال استمرت الأوضاع الحالية.

دائما ما بنيت نظرة التفاؤل بمستقبل القارة السمراء، على ثلاثة مؤشرات تخص الموارد الطبيعية المتوفر بكثافة، والطاقات البشرية المعتبرة، خاصة الفئة الشبابية، والاستثمارات الأجنبية.
ولاشك أن الأفارقة يدركون جمعيا أن ما ينشدونه من طموحات ورغبة في التطور والتقدم على سلم المستوى المعيشي، لا يمكن تحقيقه إلا بسواعدهم الخاصة، وهنا فقط، تكمن أهمية النمو الديمغرافي من خلال تسخير الطاقات البشرية لتشييد مشاريع البنى التحتية وتحريك العجلة التنموية القائمة على الاقتصاد والتجارة.
ويمكن أن يسير كل شيء في الاتجاه الصحيح، بالكفاءة العلمية والمهنية، فتكوين الشباب وتأهيلهم على مختلف المستويات، يعد السبيل الوحيد للتقدم الاقتصادي والاجتماعي من جهة، وإعطائهم الأمل في الحياة من جهة أخرى، لأن غياب الأمل وانعدام فرص التشغيل من مسببات حالة الإحباط والمآسي التي تعيشها دول القارة مع شبابها.
وفي تقرير حديث للبنك الإفريقي للتنمية، يظهر أن أحد عوامل الوضع الذي تمر به معظم الدول، يتمثل في الكثافة السكانية والنسبة المرتفعة للشباب مقارنة بالشرائح الأخرى للمجتمع، فبدل أن تكون وسيلة قوة أصبحت عبئا يخلف هموما وكوارث إنسانية يشاهدها العالم يوميا في عرض البحر الأبيض المتوسط.
التقرير يفيد بأن 60 من المائة من سكان القارة تقل أعمارهم عن 30 سنة، وحوالي 200 مليون نسمة من الكثافة السكانية تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، هذا الرقم سيصل إلى الضعف سنة 2045.
هذا العدد المعتبر من الشباب ونظرا لغياب فرص العمل وكثرة الحروب والنزاعات الداخلية، وجدت الغالبية منه نفسها تصارع ظروف الحياة، أو لنقل تكافح من أجل البقاء. وما إقدامهم على تسليم أنفسهم للمتاجرين بالبشر ومنح أثمن ما يملكون للهجرة سرا، نحو أوروبا، إلا لعب لورقة أخيرة بحثا عن ضمان لقمة عيش أو البقاء على قيد الحياة، بشكل صور لهم أن المغامرة التي يقدمون عليها أهون من الاستمرار في الفقر المدقع والموت وسط الأوبئة والأمراض.
رئيس البنك الإفريقي للتنمية، دونالد كابروكا، الذي ستنتهي عهدته الشهر المقبل، علق على الأوضاع التي يعيشها شباب إفريقيا قائلا: «في بعض المناطق وبما أنهم لا يجدون عملا أو لا يرون أي مستقبل، يصبحون فريسة سهلة للجماعات الإرهابية أو للمهربين والمتاجرين بالبشر الذين يعيدونهم بالجنة في أوروبا وينتهون بالهلاك في المتوسط».
واقع الحال يكشف، أن الطاقات البشرية التي تحوز عليها القارة، لا تجد المناخ الملائم للعمل واستغلال قدراتها، فحتى المهن التقليدية في الأرياف باتت مهددة، بما أن 40 من المائة من ساكنتها هاجروا إلى المدن أين يعيشون في جو تسوده الفوضى وغياب التنظيم والتخطيط.
إن ورشة النهوض بالقارة واسعة ومفتوحة على أكثر من ميدان، ومحفوف بعديد التحديات والعراقيل، وأول ما يجب تهيئته، هو استعجالية التحكم في الهجرة الداخلية وتسيير الديناميكية الديمغرافية، ليأتي بعدها تسيير الموارد الطبيعية واستغلالها بشكل صحيح، فتصدير المادة الأولية وإعادة استيرادها بثمن أغلى يثير استياء قادة القارة ورؤساء الحكومات، لكن إجراءات التخلص من هذه القاعدة الهشة في التعامل مع الخارج تسير بوتيرة جد بطيئة.
الشباب أساس تقدم الأمم وسواعدها الرئيسية في البناء والتشييد، وإفريقيا قارة شابة ويافعة مقارنة بأوروبا، وعليها الإسراع في التخلص من منغصات حياة هذه الفئة وتوفير كافة ظروف النهوض بها ومعها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024