اختار الشعب الجزائري، عبر صناديق الاقتراع، المرشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، رئيسا للبلاد لخمس سنوات أخرى، سينهي خلالها ما بدأه من ورشات سياسية واقتصادية وأخرى اجتماعية ترتبط بالتضامن الوطني، وينتظر مثلما تعهد به في برنامجه تعزيز مكانة الشباب وجيل الاستقلال.
الآن.. وبعد أن طوت الجزائر صفحة الانتخابات الرئاسية وما صاحبها من نقاش وتقاطع وتنافر في الآراء، قبل أن تعود كلمة الفصل للصندوق، هاهي تضع قدما في مرحلة جديدة، متمة لسابقاتها من المراحل التي بدأت منذ تولي عبد العزيز بوتفليقة الحكم سنة 1999. وستفتح ملفات جوهرية لتغلق بشكل نهائي في الخماسي المقبل، يتوخى منها أن تضع البلاد على سكة صحيحة تخلو من أية إلتواءات أو ثغرات.
فضلت الأغلبية المشاركة في الانتخابات الرئاسية، تجديد الثقة في بوتفليقة حسب المتابعين والمحللين، للحفاظ على المكاسب المحققة على جميع الأصعدة، ومنحه الفرصة التاريخية لإزالة النقائص وضخ نفس جديد في شرايين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، لذلك يجمع المحللون على رفض الشعب لما يمكن وصفه بـ «المغامرة» وترقب تجسيد وعود جديدة على الأرض، والظاهر من السلوك الانتخابي للأغلبية اقتناعه بفكرة «المحطة التكميلية النهائية» التي روج لها عبد المالك سلال مدير مداومة المترشح، خلال تجمعاته الشعبية.
ما يؤكد درجة الوعي الكبيرة التي صار عليها الشعب الجزائري، تمسكه بالمطالبة بتحسين الظروف المعيشية والحصول على كافة التسهيلات للحصول على حقوقه، بعد تجاوز المحنة الأمنية وهزاتها الارتدادية، وزوال معضلة المديونية وانتعاش الاقتصاد الوطني وارتفاع احتياطي الصرف، واستعادة الهيبة المعنوية في الخارج، ومن المنطقي أن تنتقل البلاد إلى مرحلة البناء على الأسس القاعدية المسترجعة، ومواكبة لهذه الطموحات وضع بوتفليقة برنامجا لتلبية رغبة الشعب وبناء الدولة التي يحلم بها.
يتصدر تعميق الإصلاحات السياسية، والنهوض بالاقتصاد الوطني، قائمة أولويات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على أن يعزز ذلك بتحسين الظروف الاجتماعية للمواطنين وإنهاء أزمات أثقلت كاهل الدول ونغصت حياة الجزائريين، على غرار السكن وتدني الخدمات الصحية والبطالة والبيروقراطية، وتصب كل التعهدات الجديدة في تقوية الجبهة الداخلية للبلاد والحفاظ على الاستقرار في ظل المحيط المضطرب والتحديات المفروضة على مشارف الحدود.
ما يتعهد به بوتفليقة في مجال الإصلاحات السياسية، لخصه مدير حملته الانتخابية، في جملة «بناء دولة التجديد السياسي القائمة على تعديل الدستور»، هذا الأخير، سيكون أول ورشة تفتح وتستكمل خلال السنة الجارية، وينتظر وضع وثيقة نهائية صالحة لسنوات وعقود، تتعزز فيها الحريات العامة والفردية للجزائريين والجزائريات، وتقوي الديمقراطية التشاركية عبر المجالس المنتخبة.
ويفهم من تعهد إقرار «سيادة العدالة والقانون وإنهاء التداخل بين مؤسسات الدولة واستقواء جزائري على آخر في التعديل الدستوري المبرمج»،تعزيز الفصل بين السلطات الثلاث، وتمكين السلطة القضائية على وجه الخصوص من أداء دورها ووظيفتها بكل استقلالية، بعيدا عن أي تدخل أو تداخل مع جهات أخرى، ويثير موضوع خلق منصب نائب رئيس، الكثير من النقاش في مدى إمكانية إدراجه إلى جانب مسألة العهدات الرئاسية وإبقائها مفتوحة أم ستحدد. إلى جانب الطريقة التي سيتم بها هذا التعديل عبر البرلمان أو من خلال الاستفتاء الشعبي ويحدد ذلك بحسب طبيعة وعمق التغييرات المدرجة.
ويبرز بناء اقتصاد وطني منتج كأولوية ملحة في برنامج الرئيس بوتفليقة، وبدأت خطوطه العريضة توضع على الأرض نهاية الخماسي المنقضي، عبر ميثاق الشرف الاقتصادي الذي وقعت عليه الحكومة والباترونا والشريك الاجتماعي في الثلاثية الماضية، وسطر لذات الغرض برامج طموحة لإعادة إحياء الصناعة الوطنية والفلاحة.
والأهم من هذا كله بناء نسيج قوي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يساهم بجد وفعالية في التنمية الاقتصادية، وذلك بدعم الشباب أصحاب المشاريع والمؤسسات ومرافقتهم، الأمر الذي يتعهد به الرئيس المعاد انتخابه.
وتفرض إلزامية انفتاح الاقتصاد الجزائري، اتخاذ إجراءات أكثر تشجيعا في مجال الاستثمار للشركاء الاقتصاديين الوطنيين والأجانب، مع التعامل بنفس القدر من المساواة مع المؤسسة الاقتصادية الخاصة والعمومية واعتبارها وطنية، تساهم كلها في الاقتصاد البديل للمحروقات.ويشكل خفض فاتورة الواردات ورفع الصادرات خارج الموارد الأولوية ودخول السوق الدولية رهانا اقتصاديا بالغ الأهمية ينتظر بلوغه.
ولعل الحفاظ على المكاسب الاجتماعية والتضامن الوطني القائم على تكفل الدولة بالشق الاجتماعي، يكتسي أهمية بالغة لدى الجزائريين، وينتظرون من بوتفليقة القضاء على أزمة السكن كما وعد سنة 2017 أو 2018، مع تحسين أداء قطاعات الصحة والتعليم والتربية الوطنية، مع الوفاء بتعهد القضاء على البيروقراطية، ومحو كل الثقافات التي أفسدت المجتمع كالرشوة والمحسوبية، مع الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية والاستقرار والأمن.
فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ووفقا لبرنامجه المسطر إلى غاية 2019 أمام تحدي بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي يحلم بها كافة الجزائريين.
بعد تبني الشعب خيار الاستمرارية
بناء دولة التجديد السياسي والاجتماعي رهان الرئيس بوتفليقة
حمزة محصول
شوهد:1996 مرة