طباعة هذه الصفحة

إغلاق “وقفيـة القدس”..

طمـس الـهـويـة الفـلسطـينـية للمديـنـة..يــتواصـل

تقرير: ديالا جويحان- القدس المحتلة
طمـس الـهـويـة الفـلسطـينـية للمديـنـة..يــتواصـل
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

تواصل سلطات الاحتلال إغلاق المؤسسات الوطنية الفلسطينية، والجمعيات الأهلية، ومدارس “الأونروا”، في مدينة القدس تحت ذريعة تلقيها دعماً من السلطة الوطنية الفلسطينية، في محاولة منهجية لتقويض الوجود الفلسطيني في المدينة.

واعتبرت محافظة القدس أن آخر هذه الإجراءات، والمتمثل في قرار وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير بإغلاق مكاتب “صندوق ووقفية القدس”، خطوة عدوانية جديدة ضمن سياسة الاحتلال الممنهجة لتصفية أي شكل من أشكال الدعم للمقدسيين. وقال معروف الرفاعي، المستشار الإعلامي لمحافظ القدس، في حديث لـ«الحياة الجديدة”، إن إغلاق صندوق ووقفية القدس يأتي ضمن سياسة صهيونية ممنهجة استهدفت خلال السنوات العشر الماضية أكثر من 150 مؤسسة رسمية وغير رسمية، بينها “بيت الشرق” و«تلفزيون فلسطين” وعدد من المسارح والمكتبات والمراكز الثقافية.
وأضاف أن الاحتلال يعمل على تجفيف مصادر الدعم التي تسهم في تعزيز صمود المقدسيين، مشيراً إلى أن “وقفية القدس” مؤسسة خيرية مستقلة غير ربحية، تُعنى بدعم الطلبة، وتمكين الأسر المقدسية، ومساندة ربات البيوت، وترميم المنازل التراثية. وأوضح أن الهدف الحقيقي من هذه الإجراءات هو الضغط على السكان المقدسيين بشتى الوسائل لتهجيرهم وتقليص وجودهم في المدينة، ما يؤثر بشكل مباشر على الخدمات الأساسية التي يتلقاها المواطنون، لا سيما الطلبة والأيتام والأسر المحتاجة، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.
وأشار إلى أن الملاحقات لا تقتصر على المؤسسات، بل تطال الشخصيات الوطنية في المدينة، حيث لا يزال محافظ القدس عدنان غيث ممنوعًا من دخول الضفة الغربية ومن التواجد داخل مقر المحافظة في بلدة الرام، إلى جانب منعه من التواصل مع 51 شخصية عامة، ويتعرض لمحاكمات متواصلة بذريعة خرق شروط السجن المنزلي.
واستنكر رئيس مجلس إدارة صندوق ووقفية القدس، منيب رشيد المصري، قرار بن غفير بإغلاق مكاتب الصندوق، ووصفه بأنه “غير قانوني وغير إنساني”، مشدداً على أن الصندوق مؤسسة خيرية تنموية لا تمارس أي نشاط سياسي، وتعمل في مجالات التعليم والإغاثة والتمكين الاقتصادي. وأكد المصري أن القرار الصهيوني يعكس سياسة تعسفية تهدف لتضييق الخناق على المقدسيين، لكنه شدد - في الوقت نفسه - على أن الصندوق سيواصل أداء رسالته الوطنية والإنسانية، بما يحفظ هوية المدينة ويصون كرامة سكانها.
وأوضح المستشار القانوني المحامي مدحت ديبة لـ«الحياة الجديدة”، أن الاعتداءات الصهيونية على المؤسسات الوطنية في القدس تهدف إلى فرض السيادة الكاملة على المدينة، رغم أن القدس تُعتبر بحسب القانون الدولي أرضًا محتلة، وينطبق عليها القانون الدولي الإنساني، الذي يضمن حق السكان في تلقي الخدمات عبر مؤسسات محلية. وأضاف ديبة أن المؤسسات الوطنية والاجتماعية في القدس تعمل على سد الفجوة التي خلّفها غياب القيادات الفلسطينية بسبب الملاحقات والاعتقالات، مؤكداً أن معظم هذه الجمعيات مرخصة قانونياً، إلا أن الاحتلال يبرر إغلاقها باتهامات واهية مثل “الدعم للإرهاب” أو “الارتباط بالسلطة الفلسطينية”.
وأوضح أن سلطات الاحتلال تستخدم اتفاقية أوسلو ذريعة لحظر المؤسسات، رغم أن القانون الدولي لا يتيح لها ذلك، معتبراً أن هذه الإجراءات تهدف إلى تركيع المجتمع المقدسي وإجباره على الخضوع للمنظومة الصهيونية.
وحذر ديبة من أن هذه السياسات ستؤثر سلبًا على القطاعات التعليمية والصحية، مشيراً إلى أن الاحتلال يعمل على دمج مدارس تتبع للأنروا والسلطة الفلسطينية ضمن النظام الصهيوني، وفرض تغييرات على المناهج التعليمية تمهيداً لفرض السيادة الكاملة على المدينة والمخيمات الفلسطينية. وقال التاجر المقدسي حازم نجيب، لـ«الحياة الجديدة”: إن الملاحقات المستمرة منذ عام 1967 تهدف إلى طمس أي وجود فلسطيني في المدينة، مشيراً إلى أن حكومة اليمين المتطرف الحالية تضغط بكل أدواتها لإنهاء الهوية العربية الفلسطينية للقدس.
وقال الناشط المقدسي فادي مطور لـ«الحياة الجديدة”: إن الاحتلال يشنّ حربًا مفتوحة على كل الأجسام المقدسية، من جمعيات ونقابات ومؤسسات، عبر الملاحقة والمصادرة والاستدعاءات والاعتقالات، بذريعة العمل تحت إطار السلطة الفلسطينية، وهو اتهام باطل يراد به فقط إغلاق هذه المؤسسات. واعتبرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، قرار إغلاق صندوق ووقفية القدس، امتدادًا واضحًا لسياسة الكيان الصهيوني الممنهجة في فرض وقائع جديدة تستهدف تقويض الوجود الفلسطيني، وطمس الهوية العربية لمدينة القدس المحتلة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة، رفض المملكة المطلق واستنكارها لمواصلة الحكومة الصهيونية المتطرفة إجراءاتها المستهدفة تقييد ومنع عمل المؤسسات الأممية والأهلية داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، في إمعان واضح بحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في العيش والتعليم، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني. ودعا القضاة، المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام الكيان بوقف عدوانه على الشعب الفلسطيني ومؤسساته بشكل فوري، ووقف الانتهاكات المستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.