طباعة هذه الصفحة

الخبير في المياه مكي مساهل لـ «الشعب»:

الحفــاظ عى الــثروة المائية..مهمة الجميــع

زهراء. ب

مسؤولية تستوجب وعيا جماعيا ورؤية مستقبلية واضحة

أكد الخبير في المياه مكي مساهل، أن الحفاظ على الأمن المائي في الجزائر مهمة وطنية شاملة لا تقتصر على السلطات فحسب، بل تتطلب تضافر جهود المؤسسات العمومية والخاصة والمجتمع المدني والمواطنين، فالمياه، كما يقول، «ليست مجرد سلعة أو خدمة، بل هي أساس الحياة والتنمية، وحمايتها مسؤولية مشتركة تستوجب وعيا جماعيا ورؤية مستقبلية واضحة».

قال مساهل في تصريح لـ «الشعب» إنه «لا يمكن إغفال أن التغيرات المناخية، بما تحمله من موجات جفاف وفيضانات وأمطار غير منتظمة، أصبحت عامل ضغط إضافي على الموارد المائية» وهذا يستدعي، بحسب مساهل، اعتماد خطط إدارة متكاملة تقوم على التخطيط طويل المدى، وتطوير البنية التحتية لتتحمل الظروف المناخية القاسية، وتنويع مصادر التزويد لتشمل السدود والتحلية وإعادة الاستخدام.
وأوضح الخبير في المياه، أن المشهد المائي في الجزائر يتسم بندرة الموارد في بعض المناطق وتفاوت توزيعها الجغرافي، حيث يتركز الجزء الأكبر منها في الشمال بينما تعاني المناطق الداخلية والجنوبية من شح حاد. هذا الواقع، مضافا إليه تلوث بعض المصادر وتدهور جودتها بفعل النفايات الصناعية والزراعية والمنزلية، يضع عبئا ثقيلا على البنية التحتية التي تعاني في كثير من الأحيان من التقادم وضعف الكفاءة. ومع مرور الوقت، تزداد المشكلات الفنية المرتبطة بالتسريبات وفقدان المياه أثناء النقل والتوزيع، سواء بسبب اهتراء الشبكات أو نتيجة الربط غير القانوني، ما يضاعف الخسائر ويزيد من صعوبة ضمان التزويد المنتظم.
وأمام هذا الوضع، برزت محطات تحلية مياه البحر كخيار إستراتيجي أساسي، خاصة وأن الجزائر تمتلك ساحلا يمتد على أكثر من ألف وستمائة كيلومتر، وقد شرعت الدولة في السنوات الماضية في بناء محطات قادرة على تزويد المدن الساحلية، بل وحتى المناطق البعيدة بنحو ستين كيلومتر عن الشاطئ، بالمياه الصالحة للشرب، ففي عام 2016، بلغ عدد المحطات الكبرى 11 محطة بطاقة إنتاج يومية تصل إلى مليونين و200 ألف متر مكعب من المياه المحلاة. هذه المشاريع تمثل ركيزة مهمة في استراتيجية الأمن المائي، لكنها تظل بحاجة إلى تطوير تقني يضمن رفع كفاءتها التشغيلية وتخفيض تكاليف الصيانة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وتقلب الظروف المناخية.
ويشير مساهل إلى أن الفاقد المائي في الجزائر، رغم عدم تحديده بدقة على المستوى الوطني، يمثل نزيفا حقيقيا للموارد، إذ تعاني بعض المدن الكبرى من نسب فقد مرتفعة، موضحا أن معالجة هذا التحدي يتطلب تحديث الشبكات، واعتماد أنظمة ذكية للكشف المبكر عن التسربات، وتدخلات سريعة لإصلاح الأعطال، إلى جانب نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك وربطها بسياسات تسعير تحفز على الاقتصاد في المياه.
من جهة أخرى، يرى الخبير أن الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكن أن يقلل من التكاليف التشغيلية ويخفض من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما ينعكس إيجابا على البيئة ويعزز الاستدامة، وتتوفر الجزائر في هذا المجال على إمكانات هائلة، خاصة في الطاقة الشمسية، يمكن استغلالها لدعم منظومة المياه.
واعتبر البحث العلمي، رافعة أساسية لتطوير القطاع، إذ يسهم في ابتكار تقنيات جديدة لمعالجة المياه وتنقيتها، وتحسين كفاءة استخدامها في القطاعات الزراعية والصناعية، ودراسة تأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية، ومن بين الحلول الواعدة، يبرز خيار إعادة استخدام المياه المعالجة، الذي يمكن أن يلبي جزءا من الطلب الصناعي أو الزراعي إذا ما تم تبنيه وفق معايير صحية وبيئية صارمة، مستفيدا من أحدث تقنيات المعالجة.