انجاز 3 ملايين محمية رعوية وتهيئة 430 ألف هكتار من الأغراس الرعويــة
تحسـين المردودية العلفيــة للمراعي إلى أكثر من 200 وحدة للهكتار
تفعيل مجمعــات الذبـح للتقرّب مــن منــاطق الإنتــاج العــالـي
تشتهر الجزائر منذ القدم بتربية المواشي، تشمل الأبقار والأغنام والماعز، وبالرغم من توفر الموارد الطبيعية، إلا أن معدلات الإنتاج لا تزال غير كافية لتلبية الطلب المحلي، ما أدى إلى استيراد كميات كبيرة من اللّحوم، ولكن كإجراء ظرفي ومؤقت وليس دائما، دفع رئيس الجمهورية للتدخل، لإعادة ضبط سياسة القطاع بتوجيهها نحو تعزيز الإنتاج ودعم القدرات الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المادة، خاصة وأن مقدرات وإمكانيات الجزائر تسمح بتحويلها من بلد مستهلك إلى بلد منتج ومصدر.
يقتضي رفع تحدي الإنتاج المحلي للحوم الحمراء إحداث القطيعة مع الاستيراد، سواء أغذية الأنعام أو اللحوم بنوعيها، وقد تحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في لقائه الأخير بالفلاحين، خلال إحياء ذكرى تأسيس اتحادهم، بلغة الصراحة، وعبّر لهم عن رفضه الاستمرار في استيراد أغذية الأنعام، واللّحوم الحمراء في نفس الوقت، حيث قال «من غير المعقول استيراد أغذية الأنعام واللّحوم مع بعض»، حاثا على إيجاد حل لهذه المسألة.
كما رفض السماع لنداء بعض الأطراف التي دعت إلى استيراد المواشي لنحرها في العيد، وقال «لن نستورد فيه دول أقل مساحة من الجزائر وأقل إمكانيات تصدر في اللحوم اليوم». ودعا الموالين إلى تحديد مكامن الخلل، خاصة وأن الجزائر تمتلك اليوم الإمكانيات لتوفير أغذية الأنعام والمواشي، سواء الذرة، أو النخالة، وحتى مخلفات مصنع الزيت بجيجل، التي يمكن استغلالها لإنتاج أغذية مركبة للتسمين.
دعوات رئيس الجمهورية إلى تنمية تربية المواشي وتعزيز إنتاج اللحوم الحمراء، ترجمتها الوزارة الوصية، بتنصيب لجنة وطنية لانتعاش إنتاج اللحوم الحمراء في ديسمبر 2024، تهدف إلى تطوير قطاع اللحوم الحمراء وضمان استقرار سوق المواشي، وتضم اللجنة ممثلين عن الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، والغرفة الوطنية للفلاحة، والفدرالية الوطنية لتربية المواشي، بالإضافة إلى مدراء المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي والتحسين الوراثي، والمعهد الوطني للطب البيطري، والشركة الجزائرية للحوم الحمراء.
النزول للميدان، واشراك الفاعلين في اتخاذ القرارات المصيرية سيما تلك المتعلقة بتطوير الشعب الفلاحية الهامة التي تعزز الأمن الغذائي للبلاد، جزء من استراتيجية الرئيس الذي أمر في أكثر من مناسبة «عدم مركزة القرارات على مستوى مبنى الوزارة بشارع عميروش بالعاصمة» واعتماد اللامركزية في وضع الخطط الاستراتيجية لتعزيز الإنتاج المحلي وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا القطاع الحيوي.
ويواجه قطاع اللحوم الحمراء في الجزائر بحسب المختصين عدّة تحدّيات، مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج والحاجة إلى تحسين تقنيات التربية والتغذية، وهو ما يحتاج تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص، وتقديم الحوافز للاستثمار في مشاريع تربية المواشي وإنتاج اللّحوم، مثل تحسين مرافق التبريد والنقل، وتطوير مراكز التلقيح الاصطناعي، وتعزيز البحث العلمي في مجال تحسين السلالات الحيوانية، تقديم قروض ميسرة ودعم تقني للموالين والمستثمرين، مما يسهم في زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحسين جودة اللّحوم المنتجة محليا.
وتعدّ منطقة السهوب أهم منطقة لتنمية حاجيات السكان من اللّحوم، حيث تحتوي على ما يعادل 80 بالمائة من الماشية الوطنية بحكم أنها تشكل نظاما بيئيا يسمح باستغلال كافة الموارد الطبيعية واحتياجات النشاط الذي يمارس بهذه المناطق.
ونظرا لأهمية هذه المنطقة وما تحتويه من مؤهلات طبيعية سانحة لتطوير شعبة اللّحوم الحمراء، وضعت الحكومة في وقت سابق عدّة برامج لاستغلال هذا الفضاء وخاصة المراعي وكذا تطوير هذه الشعبة الاستراتيجية، مما يستوجب العمل على المستوى المركزي والولائي قصد تحسين مردودية النشاط الرعوي بتقليص عجز العلف، تحسين المردودية العلفية لهذه مراعي من 30 وحدة للهكتار الى أكثر من 200 وحدة للهكتار للمحميات الرعوية وأكثر من 600 وحدة للهكتار للغراسة الرعوية، تجهيز وتهيئة الآبار الرعوية، دعم الأعلاف من شعير النخالة والأعلاف، المرافقة التقنية للمربين لتحسين طرق تربية المواشي، تفعيل ثلاث مجمعات للذبح في الجلفة، أم البواقي والبيض، وهذا بهدف خلق ديناميكية بين الفاعلين في القطاع والتقرب من مناطق الانتاج العالي وانشاء أقطاب انتاج اللحوم الحمراء، كما تم انجاز أكثر من 3 ملايين محمية رعوية مع تهيئة 430 ألف هكتار من الأغراس الرعوية.
ولأن إحصاء الثروة الحيوانية اجراء بالغ الأهمية، لأنه يسمح بتوفير معلومات موثوقة وقابلة للتحقق من الأرقام الحقيقية لمواردنا، يعكف مكتب الدراسات الخاصة بالتنمية الريفية على مراقبة معطيات الإحصاء العام للفلاحة، في قاعدة البيانات، وهذا قبل نشر النتائج الأولية، وكل اللجان المشكلة في وزارة الفلاحة ستستغل هذه المعطيات في أشغالها، بما فيها تلك الخاصة بتربية المواشي وإنتاج اللحوم الحمراء والعقار وغيرها، وهو ما يسمح بتحقيق تقدّم ملموس في هذا المجال، مما يسهم في مستوى المعيشة للمواطنين وضمان استدامة الموارد الطبيعية.