طباعة هذه الصفحة

الخبيرة في الاقتصاد السيـاسـي.. سهيلــة برّحو لـ «الشعب»:

إلتزام جزائـري بالدفـاع عن المصلحـة الاقتصادية القاريـة

سعاد بوعبوش

مشـروع تكاملي يخـدم مصالح شعـوب القــارة السمراء

راهنت الجزائر على معرض التجارة الإفريقية البينية كأداة إستراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي في القارة، من خلال مقاربتها في دفع الدول الإفريقية نحو تكتل اقتصادي قوي يوازي التكتلات الأخرى في العالم، وجعله منصة كبرى للتواصل وأرضية للتكامل الإقليمي بين دول القارة السمراء، حيث تترجم المشاركة القوية للمؤسسات الإفريقية ارتفاع الوعي بأهمية التجارة البينية الإفريقية كبديل للتبعية للأسواق الخارجية، ما يفسّر النتائج المحققة والاتفاقيات المبرمة.

أوضحت أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة الجزائر الدكتورة سهيلة برّحو، لـ «الشعب»، أن الجزائر لطالما كانت سباقة في تشجيع التنمية بإفريقيا والمرافعة لوضع الخطط التنموية اللازمة والتأسيس لهذه التنمية وفي كل الدول الإفريقية بعدما أدت الجزائر دورها الدبلوماسي والسياسي لتحرير كل إفريقيا وحتى بالمحافل الدولية للحفاظ على مقدرات القارة السمراء المهدورة من طرف غير الأفارقة عبر عدة لقاءات ومبادرات، سواء كانت جهوية أو إقليمية.
ولعل ما يؤكد ذلك، مبادرة «النيباد» منذ أكثر من 15 سنة، وهذا مشروع يأتي بعد هذه المدة ليتجسد شيئا فشيئا.
وبحسب برّحو، يعد احتضان الجزائر لطبعة لـ «إياتياف» الرابعة، تأكيدا على التزامها بمنهجها في الدفاع عن المصلحة الاقتصادية للقارة السمراء، وتأكيدها على أن مصلحة الأفارقة لا تكون إلا بالانضمام والالتفاف حول مشروع اقتصادي متجانس يتماشى وأنظمتها الإفريقية ومراعاة اختلاف الثقافات لدى الشعوب، ما يفرض الالتفاف حول مشروع تكاملي يخدم مصلحة القارة السمراء حتى تستطيع الخروج من أنياب الاستعمار الاقتصادي الوافد من وراء البحار بهدف الانتفاع من مقدرات القارة السمراء التي هي الآن محل صراع الشركات والقوى الكبرى.
محرك للتكامل الإفريقي
وترى المتحدّثة، أن نتائج هذه التظاهرة الاقتصادية فاقت كل تكهنات الخبراء والمختصين، وهو ما عبرت عنه الأرقام المعلن عنها. فقد تعدى مبلغ الاتفاقيات المبرمة بين الدول الإفريقية المشاركة أكثر من 48 مليار دولا، حيث تحصّلت الجزائر على ربع هذا المبلغ، وهو رقم كبير ومحفّز يعبر عن عزيمة الجزائر افتكاك 23 مليار دولار من بين 49 دولة أفريقية، و149 دولة مشاركة خارج إفريقيا و200 عارض.
وبحسب المختصة في الاقتصاد السياسي، فإن الأرقام المحددة تدل على الاهتمام الكبير المولى لهذه التظاهرة والتي شهد لها المشاركون والمتعاملون الاقتصاديون بأنها الحدث والمحرك الحقيقي لتكامل إفريقيا. وكلها شهادات إيجابية لصالح الجزائر ولصالح المصلحة العامة للمشاركين، الذين وعدوا بالرجوع ومضاعفة الاتفاقيات بين الشركاء الاقتصاديين الجزائريين، خاصة في القطاع العام. وقد ظهر ذلك من خلال إبرام عدة اتفاقيات مع الشركات العمومية الكبيرة في الجزائر وكذلك القطاع الخاص.
ترى برّحو، أن من المخرجات الإيجابية لمعرض إفريقيا للتجارة البينية، إنشاء صندوق لتمويل الشركات الناشئة للشباب المبتكر في إفريقيا، وهذا تماشيا مع التوجه الجديد نحو المقاولاتية، والتي تعد تجربة رائدة في العالم، وتخوضها الجزائر الآن وتعمل على نشرها واحتضانها، وذلك من خلال إنشاء هذا الصندوق لتمكين احتكاك الأفارقة ببعضهم وانتقال رأس المال بين الدول الإفريقية.
من جهة أخرى، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية أن المشاركة القوية للشركات الإفريقية لها أكثر من دلالة، حيث أن التجارة البينية تعني تدفق السلع والخدمات بين الدول المعنية ونسب مرتفعة من تصدير السلع المختلفة بين هذه الدول التي يجب أن تفوق 40٪. إذا علمنا أن هناك أكثر 55 دولة أحصيت في إطار «زليكاف»، يجب أن تكون ضمن هذا الفضاء الاقتصادي، وبالتالي فالرهان متوقف على الإنتاجية وتبادل خبرات بين الدول الاإفريقية، على غرار جنوب إفريقيا وهي دولة متقدمة يجب أن تدعم طبعا الدول الإفريقية بنقل التكنولوجيا ومجالاتها المتقدمة. ونفس الشيء بالنسبة للدول الأخرى بما تتوافر عليه من ميزات نسبية، لأن الرهان يتوقف على تنويع اقتصاديات كل هذه الدول للنجاح في تجسيد تجارة بينية والخروج من التبعية والاستعمار الاقتصادي المفروض عليها.
وترى أستاذة الاقتصاد السياسي، أن ضمان التكامل مرتبط بضمان حرية حركة عناصر الإنتاج ما بين هذه الدول الإفريقية، مشيرة إلى وجود مؤشرات تؤكد توفر هذا الشرط لحد ما وبنسب متفاوتة من دولة إلى دولة أخرى، وذلك حسب ظروفها الاقتصادية والسياسية كذلك.
ولضمان التكامل الاقتصادي، شدّدت المتحدّثة على أهمية تنسيق السياسات الاقتصادية والسياسات العامة لهذه الدول المختلفة في بعض المحددات والعناصر من كل دولة، إذ يجب وضع خطط مشتركة للتنمية الاقتصادية بين هذه الدول، وبناء ثقة بينها لتسهيل العمليات الاقتصادية والجمركية.
أما على مستوى القوى الإنتاجية، فترى الأستاذة أنه يتعين على الدول الأعضاء تحقيق النمو المستدام وعدم التركيز على الثروة في قطاع واحد وذلك بهدف التنويع.