طباعة هذه الصفحة

الباحث الاقتصادي المصري.. محمد محمــود عبـد الرحيــم لـ”الشّعــب”:

السلع الجزائرية.. تنافسية عالية في أسواق قارتنا

سفيان حشيفة

 استضافة بلد الشهداء للمعرض تقدير سياسي لجهـــوده في تعزيـــز العمـل الإفريقـي المشــترك

 يؤكّد الباحث الاقتصادي المصري عضو جمعية الاقتصاد السياسي والتشريع، الدكتور محمد محمود عبد الرحيم، أنّ الاقتصاد الجزائري يعدّ ضمن أقوى أكبر خمس اقتصادات في إفريقيا لعام 2024، وفقًا للناتج المحلي الإجمالي الاسمي بحسب بيانات صندوق النقد الدولي (IMF)، حيث بلغ نحو 267 مليار دولار تقريبًا، وجاء بالمركز الثالث لاقتصاديات القارّة السّمراء.

 كشف الدكتور محمد محمود عبد الرحيم، في تصريح خصّ به “الشّعب”، أنّ المعرض الإفريقي البيني التجاري “إياتياف 2025”، الذي تحتضنه الجزائر منذ الرابع من شهر سبتمبر الجاري، يُعدّ منصة تطبيقية لدفع اتفاقية  AfCFTA نحو التنفيذ الفعلي، لأنه يجمع الحكومات والقطاع الخاص والمستثمرين لتفعيل التجارة الحرّة بين الدول الإفريقية، وذلك لتشجيع التجارة البينية بين الدول الأعضاء والتي لا تتجاوز حاليًا 16% من حجم تجارة القارّة الكلي على أفضل التقديرات.
أوضح عبد الرحيم، أنّ تطبيق هذه الاتفاقية يعزّز من تنافسية السلع الجزائرية في أسواق القارّة، ويتيح فرصاً نوعية للأنشطة التجارية للمؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة والكبرى، مشيرًا أنّ استضافة بلد الشّهداء للمعرض يعتبر تقديرًا سياسيًا لجهوده في تعزيز العمل الإفريقي المشترك، في ظلّ وجوده منذ العام الماضي ضمن الدول كاملة العضوية في منطقة التجارة الحرّة الأفريقية، بموجب مصادقته على الاتفاق بإنشائه في عام 2021، وخصوصًا مع وجود توقّعات بإبرام صفقات محتملة باستثمارات تتجاوز 44 مليار دولار تقريبًا في إياتياف 2025.وقد ينتج عن هذا المعرض التجاري الضخم مشروعات إستراتيجية، مثل مشروع طريق زويرات - تندوف والذي يعد مشروعًا عملاقًا بتمويل وإنجاز جزائري، جرى افتتاح جزء منه مؤخّرًا لتعزيز التجارة بين الجزائر وموريتانيا، ويدخل ضمن مشاريع منطقة التجارة الحرّة الإفريقية، كونه سيعزّز كثيرا من حركة النقل البري، ويُخفِّض تكاليف العبور داخل القارّة السّمراء، بحسب قوله.
فضلاً عن ذلك، يوجد خط الغاز العابر للصّحراء الكبرى بين الجزائر وأبوجا، والذي ينطلق من حقول الغاز في نيجيريا ويمرّ عبر النيجر، ويصل إلى الجزائر حيث يتّصل بشبكة الأنابيب التابعة لها، ثم يُصدّر إلى أوروبا، وهناك أيضًا مشروع الألياف البصرية مع نيجيريا، ويستهدف مدّ شبكة ألياف بصرية حديثة وعصرية بمحاذاة خط الغاز عبر نفس الممرّ.
أبرز محمد محمود، أنّ الشركات الجزائرية لديها خبرات كبيرة في مجالات الطاقة والتعدين وصناعة الدواء، ويمكن أن تساهم بمشروعات ضخمة في القارّة، منوّهًا أنّ الصادرات الجزائرية نحو إفريقيا زادت عن 2.7 مليار دولار تقريبًا في عام 2024، وأهمها مواد البناء لاسيما الإسمنت قضبان الحديد والزجاج، والمنتجات الزراعية، والغذائية، والمواد الكيميائية وغيرها.
وتابع: “يمكن أن يكون هناك فرص ثمينة للجزائر، من خلال تطبيق مشترك لاستثمارات صناعية متميّزة مع دول إفريقية غنية بالمواد الخام كدولتي غينيا والكونغو على سبيل المثال، بغية تطوير صناعات مشتركة خفيفة وثقيلة، كما يوجد فرص لتشجيع المصارف الجزائرية على التوسّع في إفريقيا ضمن عمليات التجارة الدولية والتمويل، وربما يأتي يوم يتمّ فيه استخدام العملة المحلية الإفريقية، أو حتى العملات الوطنية الحالية في التجارة البينية بين دول المنطقة، بعيدًا عن عملتي الدولار واليورو، ومنه مواجهة السطو والهيمنة الغربية على القارّة الإفريقية”.
بشكلٍ عامٍ، تهدف اتفاقية التجارة الحرّة الإفريقية إلى تحفيز التبادل التجاري البيني، والابتكار الاقتصادي، وريادة الأعمال، وتوطين التكنولوجيا في القارة السّمراء، وكذا تعزيز التعاون للوصول إلى تجسيد فكرة التكامل والاندماج الاقتصادي القاري، وفقًا للمصدر ذاته.
في المقابل، يرى الباحث، أنه لا يزال هناك عوائق متعدّدة تخص العمل المشترك بين الدول الإفريقية، من بينها وأهمها على الإطلاق الارتباط بمؤسّسات دولية وعلى رأسها الإتحاد الأوروبي، الذي يقوم بتمويل الاتحاد الإفريقي، وهو ما قد يشكّل تأثيرًا سلبيًا على سياسة المنظمة وقراراتها وتوجّهاتها السيادية، بالتوازي مع التزام مموّليها من داخلها، وهمّ الجزائر ومصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، إذ يعد ذلك أداة من الأدوات الهامة لدور الجزائر في الاتحاد الإفريقي.
تمتلك القارّة الإفريقية، فرص نمو حقيقية وواعدة، وهناك وعي متزايد بضرورة توطين الصناعات الخفيفة والثقيلة والمتطورة، بعيدًا عن تصدير المواد الخام إلى الخارج، ويمكن للدول الكبرى في القارّة ومنها الجزائر أن تكون لاعبًا كبيرًا ومؤثرًا في بلوغ التنمية الاقتصادية المستدامة بإفريقيا، وتحقيق تطلّعات شعوب المنطقة، يختم الباحث الاقتصادية المصري عضو جمعية الاقتصاد السياسي والتشريع، الدكتور محمد محمود عبد الرحيم.ويُرتقب أن تتوّج الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البيني الإفريقي IATF 2025، التي تحتضنها الجزائر في الفترة الممتدة من الرابع إلى العاشر سبتمبر الحالي، بتحقيق مكاسب اقتصادية هامة لقارة إفريقيا، ورفع مستوى الاستثمارات التنموية، والانطلاق في تشييد مشاريع مشتركة كبرى في الصناعات الميكانيكية والغذائية والمنجمية والطاقية والخدمات واللوجستيك والسياحة والفلاحة، بالإضافة إلى زيادة وتيرة إنشاءات البنى التحتية مثل مشروع السكك الحديدية الذي يربط شمال الجزائر بجنوبها وصولا على عمق منطقة الساحل الإفريقي، وكذلك طريق الوحدة الإفريقية في نفس المسار الجغرافي.