الدبلوماسيـــة الاقتصاديــة الإفريقيــة تدعـــم مسـارات التعـاون
يمثّل معرض التجارة البينية الإفريقية فرصة ثمينة لأرباب العمل الجزائريّين، من أجل تعزيز التجارة والإستثمار بين الدول الإفريقية، من خلال مساهمتهم المنتظرة في رفع القدرة التنافسية للاقتصادات الإفريقية عبر المشاركة في هذا الموعد الهام، وعرض منتجاتهم وخدماتهم والترويج لها في السوق الإفريقية، بما يمكّنهم من توسيع نطاق أعمالهم.
تبرز أهمية التجارة البينية الإفريقية، بالنسبة للجزائر في كونها فرصة لتعزيز مكانتها كقاطرة للتنمية في القارة السّمراء، عبر توسيع نطاق الصادرات الجزائرية وجذب الاستثمارات الأجنبية، بما يُسهم في تعزيز الشراكات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، ودعم القيادة الإفريقية لمسارات التكامل والتعاون الإفريقي – الإفريقي، والإندماج الاقتصادي للقارة.
في السياق، أوضح محمد، نائب رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل والمواطنين، منصف بودربة، أنّ معرض التجارة البينية الإفريقية يعدّ تظاهرة اقتصادية هامة بالنسبة للتجارة الجزائرية خارج المحروقات، وفرصة لإبراز مستوى الجودة والنوعية لمنتجاتها في العديد من القطاعات كالصناعة، الفلاحة، والتطور التكنولوجي، مشيرا إلى أنهم كأرباب عمل سيعملون على تسجيل مشاركة نوعية ناجحة قائمة على علاقة اقتصادية “رابح – رابح”.
أبرز بودربة، في تصريح لـ “الشّعب”، أهمية التنسيق مع السلطات الوصية للبلاد، من وزارات الصناعة، التجارة والمالية، لإنجاح هذا الموعد، انطلاقا من الاستغلال الأمثل لقدرات الجبهة الداخلية، وتوحيد الجهود والعمل يدا بيد لتطوير التجارة الخارجية وتعزيز قدرتها التنافسية أمام المنافسة الدولية.
تنافسية دولية
يرى المتحدّث أنّ أرباب العمل ينشطون في العديد من القطاعات، التي أصبحت اليوم تمثل سمعة جزائرية من حيث الجودة والنوعية، وبقدرات ضخمة كالطاقة المتجدّدة، وحتى في الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب وكذا الصناعات الخفيفة كصناعة الإسمنت ومواد البناء، وهي الأخيرة التي حقّقت فيها الجزائر اكتفاءً ذاتيا وبلغت مستوى من الجودة يعزّز تنافسيتها، ناهيك عن بروز شركات عالمية رائدة في مجالاتها، على غرار صناعة الأدوية والصناعة الكهرومنزلية. كما توجد مؤسّسات دخلت في شراكات مع شركات أجنبية وحقّقت نسبة إدماج وصلت إلى 50%.بحسب نائب رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل والمواطنين، فإنّ المؤسّسات الجزائرية أصبحت تتمتّع بقدرة تنافسية عالية، ما يؤهّلها لولوج الأسواق الإفريقية بكل أريحية. فمثلا، تمتلك بلادنا حوالي 60 شركة منتجة لمادة السيراميك بمستوى دولي معتمد وفق شهادة ISO 9000، وهو ما يجعلها في موقع مريح فيما يخص المنافسات الدولية. ونفس الإمكانات متوفرة في قطاعات أخرى كالطاقة بمختلف أنواعها.
أكّد بودربة أنّ على الفواعل الاقتصادية الجزائرية أن تتّحد وتعمل لمصلحة الجزائر، من خلال وضع استراتيجية تصدير واضحة، وتحديد الأهداف والأولويات، على اعتبار أنّ السوق الإفريقية بحدّ ذاتها أولوية كما أكّد رئيس الجمهورية، مستغلّين في ذلك العلاقات الجيدة مع الدول الإفريقية الممتدة لأكثر من 50 سنة، والاستثمار في ذلك عبر تفعيل السياسة الخارجية والدبلوماسية الاقتصادية. خاصة وأنّ الجزائر ساهمت في تكوين الكثير من الإطارات الإفريقية في المدارس والجامعات ومعاهد التكوين المهني الجزائرية، والذين يشغلون اليوم مناصب قرار أو يترأّسون مؤسّسات اقتصادية في دولهم، على غرار السنغال وكوت ديفوار، وهو ما يُعدّ شرفا للجزائر التي أدّت واجبها في إطار التعاون الإفريقي.
من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أنه من الضروري أن يعمل أرباب العمل على استرجاع الصورة الاستثمارية للجزائر، ما يستلزم العمل كفريق واحد يجمع بين المؤسّسات الاقتصادية العمومية والخاصة وممثلي الدولة، من وزارات وسفارات ووكالات. وذلك خاصة مع التحفيزات التي جاء بها قانون الاستثمار، وقانون العقار وكذا قانون الجمارك الجديد، وهي كلها تمثل إطارا قانونيا يقدّم جملة من التسهيلات والدعم للمنافسة في السوق الإفريقية بما تحمله من فرص، رغم وجود منافسة من دول شقيقة كمصر وتونس، اللّتين تملكان تجربة قديمة في القارة السّمراء منذ بداية الستينات.
أكّد المتحدّث أنه يجب الإستفادة من تغيّر الأوضاع في إفريقيا، التي بدأت تتخلّص تدريجيا من اللّوبيات الأوروبية والشركات متعدّدة الجنسيات، التي كانت تسيطر على التجارة الخارجية، حيث أنّ إفريقيا اليوم تغيّرت، والجزائر كذلك، وذلك عبر بناء شراكات استراتيجية جديدة. وهو ما يعني التفكير في بداية مختلفة، بعقد شراكات رابحة تخدم جميع الأطراف الإفريقية، في إطار علاقات محترمة تسمح للأفارقة الأشقاء بالإستفادة من الخبرة الجزائرية، وتمكين الجزائر في الوقت نفسه من استغلال المواد الأولية المتوفّرة في القارة السّمراء، التي جعلت الصين والولايات المتحدة وأوروبا في سباق اقتصادي محموم من أجل استغلال ثرواتها.
شراكات ذكية
أوضح بودربة أنّ المعرض يشكّل فرصة للجزائر، من خلال استغلال موقعها الجيو–استراتيجي في البحر المتوسّط، باعتبارها بوابة إفريقيا بالنسبة لأوروبا، ودفع أرباب العمل الوطنيّين إلى إقامة شراكات استراتيجية مع نظرائهم الأفارقة، ممّا يساهم في رفع تنافسية المؤسّسات وزيادة الصادرات، فضلا عن الترويج للمنتجات والخدمات، وحتى تبادل الخبرات والمعرفة بما يمكّنهم من تحسين أدائهم وتعزيز قدراتهم، والمساهمة في دعم التكامل الاقتصادي الإفريقي.
ويرى نائب رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل والمواطنين، أنّ الوقت قد حان للدخول في شراكات ذكية وثقيلة ذات مستقبل، وأن يلعب القطاع الخاص دوره في تعزيز التجارة البينية الإفريقية وتغيير الذهنية الاقتصادية السائدة، من أجل تنمية الاستثمارات، تطوير البنية التحتية، تعزيز التجارة الإلكترونية، ودعم ريادة الأعمال، باعتبار أنّ %80 من الاقتصاد الإفريقي مدفوع بقوة القطاع الخاص في مجالات استراتيجية.
دعا بودربة، في هذا السياق، إلى الإستفادة من أخطاء الماضي، واستغلال هذه الفرصة الثمينة لتجسيد الأولويات المسطّرة، وتسجيل حضور دائم في كل المواعيد، وبناء علاقات اقتصادية ذات آفاق طويلة المدى تمتد على 30 أو 40 سنة، والعمل على استعادة ثقة الشركاء الأفارقة، من أجل تعزيز مكانة الجزائر كبوابة استراتيجية بين إفريقيا وأوروبا ومنطقة البحر المتوسّط، والعمل على التنويع الاقتصادي خارج المحروقات.
مرافقة المصدّرين
اقترح نائب رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل والمواطنين أن يقوم البنك المركزي بإصلاحات ذكية ومسؤولة، تمكّن من تقديم تسهيلات وضمانات ترافق القطاعين الخاص والعمومي دون تمييز، وتتيح لهم استعمال العملة الصعبة لضمان التمويل في الوقت المناسب. كما دعا إلى أن تعمل الشركات الجزائرية المصدّرة، على إنشاء مكاتب وفروع لها على مستوى الدول الإفريقية، وضمان شراكات في مجال التوزيع.