أيام قليلة بعد التحذير الذي وجهته فرنسا إلى رعاياها من السفر إلى الجزائر وتحديدا إلى المناطق الشرقية والجنوبية، يضرب الإرهاب قلب عاصمة كتالونيا الإسبانية.
لم يفهم الحاقدون أو يتجاهلون ظاهرة عالمية الإرهاب الذي أصبح آفة لا توقفها الحدود ولا يقهرها حتى النووي، بل تستدعي تعاونا متواصلا فعليا وفعالا بعيدا عن ازدواجية الخطاب والممارسة.
الجزائر حاربت الإرهاب ولا زالت وأصبحت مثلا يقتدى به في هذا المجال، الأمر الذي لم تهضمه قوى مغذية له بالأمس واليوم مكرسة بعد عصور نوعا من تجربة «فرنكنشتاين».
كلنا نعلم أن خلط الأوضاع العمدي شرق حدودنا وجنوبها يراد منه أيضا زعزعة الجزائر لكن كما يقال : « المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين».
استلهم الجزائريون من ظرف العشرية الحمراء وليسوا مستعدين للعودة ثانية إلى تلك المأساة وهم لها بالمرصاد مدنيين وعسكريين.
الكل يأسف لما حصل في برشلونة ويتضامن مع ضحايا الاعتداء الإجرامي بما فيهم الجرحى الجزائريون الثلاثة ويندد بهذه العملية المرعبة التي هزت إسبانيا البلد المضياف الرائد في السياحة والذي يشعر فيه حقا كل زائر بالراحة والاطمئنان.
نندد بكل عمل إجرامي يستهدف أية منطقة في العالم بما فيها فرنسا التي عرفت مؤخرا اعتداءين دمويين تسرعت وسائلها الإعلامية في الإفصاح عن هوية مرتكبها الأول جزائري الأصل في حين غضت الطرف عن هوية الثاني غير الجزائري وغير المسلم متجنبة عن قصد وصفه بالعمل الإرهابي (وافهم يا الفاهم).
دون نسيان ماضينا، استطعنا طي صفحته استعدادا لمد جسور التعاون لصالح بلدينا وشعبينا، لكن نوستالجيا الماضي الاستعماري تقف حاجزا أمام بناء علاقات تعاون ثنائية طبيعية.
الجزائر كبرت وتعددت طموحاتها كما تعقدت مشاكلها، لكن الاعتداء والطمع والخيانة لا وجود لها في قاموسها التفاعلي الدبلوماسي وغيره لأن غايتها الأسمى تحقيق استقلالها الاقتصادي بعد انتزاعها لسيادتها الوطنية.