يتخبط المغرب في ورطة احتلاله للصحراء الغربية، في وقت يتطلع فيه الشعب المغربي الشقيق إلى بلوغ مستويات متقدمة على مسار التنمية والاندماج في ديناميكية التكتلات الاقتصادية الإقليمية، القائمة على الاستثمار والتشاركية لمواجهة تداعيات العولمة التي تقودها قوى نافذة في صناعة القرار الدولي، من أجل مواصلة استغلال الموارد الطبيعية والهيمنة على الأسواق بأقل كلفة.
علاوة على الجانب القانوني للمواثيق والقرارات التي تدين سياسة الأمر الواقع للاحتلال، وتشكّل قناعة صريحة بأن المشكلة الصحراوية من اختصاص منظمة الأمم المتحدة كحالة مصنفة في سجل تصفية الاستعمار، فإن المغرب يرفض النظر بعين المستقبل لتكون المنطقة فضاء للحريات والاستثمار والشراكة، بحيث يمكنه حينها وبعد القبول صراحة بحق تقرير المصير من تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية التي يبحث عنها ليس ضمن فضاء جغرافي محدود إنما ضمن السوق المغاربية الواسعة. وبمواصلة اعتماد نفس المسار (تكريس الاحتلال)، الذي اثبت عدم جدواه ويحرم المنطقة كلها بما في ذلك المغرب من النهوض بالمجتمعات المغاربية منسجمة في ظل احترام تام للسيادة ونبذ للتوسع، لا يمكن تنشيط الانفراج ويضيع مزيدا من الفرص في تجسيد إرادة شعوب المنطقة التي أعلنتها منذ أن كانت تحت نير الاحتلال الفرنسي، تحت عنوان الحرية والتعاون وحسن الجوار.
ولعل أفضل مخرج لدولة الاحتلال، من التخلص من ارث أوحال رمال الصحراء امتلاك الجرأة بالجنوح إلى سلم الشجعان عن طريق الالتزام بقواعد الشرعية الدولية التي تحفظ للشعب الصحراوي الحق في تقرير المصير عن طريق الاستفتاء المتضمن في قرارات الأمم المتحدة، فيزول آخر موضع قدم للتغوّل والدوس على إرادة الشعوب وتجاوز القانون الدولي، بدل مواصلة محاولات يائسة للترويج لمغالطات مفضوحة بافتعال أزمة وهمية مع الجار. لقد بقيت الجزائر ولا تزال على نفس درجة المسؤولية بالحرص على نهج الشرعية الدولية، ضمن المبادئ والقواعد التي سطرتها الأمم المتحدة والتي تضع الاحتلال ضمن الأفعال المرفوضة والمدانة لكونه يشكل مصدر تعطيل للتنمية ويهدد الأمن والسلم، بل يشجع واقع الاحتلال شبكات التهريب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وتجد فيه كبريات الشركات متعددة الجنسيات والأوساط النيوكولونيالية جسر عبور إلى موارد الشعوب لاستنزافها.
بلا شك أن تلك الشركات والأوساط المتطرفة - التي لا تقبل أن يسود الاستقرار وتنتعش التنمية - تقف أيضا من خلال نفوذها حجر عثرة أمام الحل الأممي العادل حتى تواصل برامجها لنهب خيرات الصحراء الغربية البحرية والبرية والباطنية (الفوسفات والسمك مختلف المعادن) بأقل كلفة بعيدا عن أي رقابة بما في ذلك تدمير البيئة وتلويثها نتيجة أنشطة استثمارية متوحشة تأتي على الأخضر واليابس مستفيدة من تداعيات الاحتلال التي تضع خيرات الشعوب في متناول أصحاب النفوذ وقوى الشر بأبخس الأثمان، وهي القوى التي تعطل مسار الحل الدبلوماسي كونه يزيح في نهاية المطاف الستار لينكشف مدى الحيف والجور الممارس على الشعب الصحراوي المسالم وغير المستسلم.
الشرعية الدولية تفتح أفقا اقتصاديا واجتماعيا لكل المنطقة
سعيد بن عياد
08
نوفمبر
2015
شوهد:506 مرة