يحيي عالم الشغل عمالا ومؤسسات، العيد العالمي للشغل الموافق لأول ماي في ظل الحفاظ على مكاسب اجتماعية واقتصادية ومهنية معتبرة وتعزيزها من جانب وتحديات تتهددها إذا لم تضاعف الجهود من كافة الشركاء من جانب آخر. وبالفعل يمثل هذا اليوم مناسبة لتقييم وتحديد التطلعات، في وقت يعرف فيه الاقتصاد الوطني بكامل حلقاته من المؤسسة المنتجة والمنظومة البنكية إلى دواليب السوق مرورا بتراجع أسعار المحروقات تحولات تفرض الانتقال إلى مرحلة جديدة ورصد الموارد المتاحة وحشد الطاقات الوطنية من أجل ضمان ديمومة التنمية.
وحقيقة تطلق المؤشرات الراهنة إنذارا مبكرا للقائمين على إدارة النظام الاقتصادي والمالي يفرض عليهم إعادة ضبط عقارب الساعة الاقتصادية وفقا لمتطلبات المرحلة ومن ثمة السير وفقا لخارطة طريق تقود إلى حماية التوازنات الكبرى وإبعاد أو التقليل من انعكاسات أي خطر محتمل عن المؤسسة الإنتاجية المحلية في كافة القطاعات بغض النظر عن طابعها القانوني.
لقد تحققت لعالم الشغل مكاسب عديدة في ظل مناخ الاستقرار وإعادة تنشيط عجلة الاستثمار التي رصدت لها الدولة موارد مالية وإمكانيات مادية هائلة، ومن أبرزها كما يكرسها العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو:1 - تعزيز التوازنات المالية الكبرى للبلاد بعد التخلص من ثقل المديونية الخارجية وإبعاد شبحها على الأقل في المديين القريب والمتوسط مع تراكم لاحتياطي العملة الصعبة. 2– حماية مناصب العمل بوقف مسار حل المؤسسات العمومية وخوصصتها كما كان يجري في التسعينات، بل وتنميتها بإعادة تنشيط جهازها الإنتاجي خاصة في القطاعات الصناعية المختلفة كالميكانيكا والنسيج والبناء.3 – تحسّن القدرة الشرائية من خلال الرفع من مستويات الجور بما في ذلك شريحة المتقاعدين وتنمية التكفل الاجتماعي والصحي خاصة السكن والتعليم والصحة، لكن مع بقاء هاجس ارتفاع الأسعار. 4– اتساع مجال الحريات النقابية والتعبير عن المطالب الاجتماعية والمهنية ضمن المناخ الديمقراطي القائم بفضل استتباب الأمن وترسيخ المصالحة في إطار قوانين الجمهورية.
لكن بالموازاة لا تنتهي التحديات التي تتطلب من أطراف عالم الشغل عمالا ومؤسسات وهيئات التزام اليقظة باستمرار حتى يمكن حماية تلك المكاسب الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق أخرى، في وقت تطلق فيه المؤشرات الأولية أضوءا للتنبيه بمدى الأخطار القائمة بفعل انهيار أسعار المحروقات التي لا تزال في الوقت الراهن على الأقل الوقود الذي يدير دواليب المنظومة الاقتصادية من توسيع لفضاءات المشاريع الاستثمارية وضمان لوتيرة الإنتاج خارج المحروقات، لذلك لن يكون غريبا أن تدرج المؤسسة الاقتصادية الإنتاجية في صدارة الاهتمام بجعلها أولوية المرحلة من أجل إنجاز أهداف التحول الاقتصادي من التبعية المفرطة للمحروقات إلى إنتاج الثروة الدائمة باعتماد القطاعات خارج المحروقات مثل الفلاحة والصناعة والسياحة والتكنولوجيات الجديدة قاطرة المستقبل.
وفي هذا الإطار لا تزال تخصّ المؤسسة الاقتصادية الجزائرية بمرافقة جوارية من خلال التحفيزات الاستثمارية ومخططات الأعباء وتأطير السوق بالاتجاه إلى ضبط وتنظيم الاستيراد إلى جانب مختلف أشكال التمويل والدعم الجبائي حتى تحقق الأهداف الاقتصادية الوطنية المسطرة ومن ثمة اكتساب المناعة في مواجهة المنافسة الخارجية وتأثيرات الانضمام المرتقب إلى منظمة التجارة العالمية مع ضرورة الاحتياط من انعكاسات سلبية شبيهة بتلك التي تمخضت عن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وبالطبع تحديات بهذا الحجم يقتضي أن يلتف الشركاء بمناسبة إحياء عيد العمال حول خيار الرهان على المؤسسة الجزائرية واستهلاك المنتوج الوطني الحقيقي وفقا للمعايير وشروط المنافسة.
كلمة العدد
حماية التوازنات الكبرى وضبط التطلعات
سعيد بن عياد
24
أفريل
2015
شوهد:656 مرة