جمعت مؤسسة ميناء الجزائر الموانئ الجزائرية والهيئات المتدخلة في النشاطات البحرية مع خبراء الديوان الوطني للأرصاد الجوية، لمناقشة في يوم دراسي وإعلامي حول دور الأرصاد الجوية في حماية الأشخاص والأملاك في الموانئ الجزائرية، حضرته مختلف الموانئ الجزائرية التجارية والبترولية وممثلي الهيئات ذات الصلة بالحركة البحرية مثل الحماية المدنية، الجمارك، الأمن وحراس السواحل.
حماية الأشخاص والأملاك المينائية في الصدارة
وأوضح السيد عبد العزيز ڤراح الرئيس المدير العام لمؤسسة ميناء الجزائر التي بادرت بتنظيم هذا اللقاء المفيد بإشراف وزارة النقل أن المعلومات التي تقدمها مصالح الأرصاد الجوية تساعد مسؤولي الموانئ والهيئات المعنية باتخاذ ما يلزم من احتياطات في مواجهة تقلبات مناخية شديدة لتفادي كوارث محتملة قد تلحق الضرر بالأشخاص والأملاك، مضيفا أن الهدف المبتغى التوصل إلى شرح وتبسيط المفاهيم المتعلقة بالنشرات الجوية من أجل تحكم أفضل في الإجراءات ذات الصلة بمواجهة التقلبات البحرية مؤكدا وجود علاقة تعامل دائمة مع ديوان الأرصاد لتحليل النشرات الجوية الخاصة بالدرجة الأولى وقراءتها بشكل معمق. وبالمنسبة أوضح أن الباخرة التي تعطلت محركاتها قبل أيام وجنحت شرقا مستسلمة لقوة الرياح قد تم سحبها إلى رصيف ميناء الجزائر، حيث يجري تفريغ شحنتها من القمح، وذلك بفضل تدخل قوات حراس السواحل بالتعاون مع وسائل قطر السفن لمؤسسة ميناء الجزائر. وأكد عبد العزيز ڤراح لدى افتتاحه الأشغال أن التوصيات التي يتم ضبطها في ضوء النقاش الواسع ستكون بلا شك أرضية في متناول المسيرين على كافة المستويات لاتخاذ القرارات المناسبة والفعالة عند الضرورة ضمن إطار من التنسيق والتعاون بالارتكاز على معلومات مناخية شاملة ودقيقة وواضحة بما يضمن للمؤسسات المينائية تفادي أي ضرر جرّاء توقف النشاطات البحرية في حالة العواصف البحرية العنيفة. وذكر الحضور بالعاصفة البحرية العنيفة التي ضربت ميناء الجزائر في 9 ديسمبر 2014، حيث ـ كما قال ـ “عشنا فترة اضطراب متتالية مما أدى إلى حالة انشغال عميقة تحسبا لما يترتب عن قوة الأمواج وعلوها وتأثيرها المباشر على السفن والأشخاص والمنشآت المينائية مما اضطرنا إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتفادي الكارثة ودعا خبراء الديوان إلى تعميق النقاش وتوسيعه إلى كافة الجوانب ذات الصلة للخروج برؤية مشتركة تكون بمثابة أداة للمؤسسات المعنية في مواجهة عنف الطبيعة.
حرص على تعميق الشراكة
من جانبه، أفاد السيد بوسحاقي ـ مدير الملاحة التجارية بوزارة النقل ـ بعد أن شكر منظمي اللقاء على المبادرة المفيدة، بأن هذا اليوم يسمح للمتعاملين بالتزود بمعطيات فنية حديثة تعلق بمعالجة نشرات الأرصاد الجوية وتدقيق مفاهيمها بما يوفر لهم إمكانية استباق أي تقلبات جوية عنيفة طارئة وبالتالي تفادي حوادث محتملة تنجر عنها خسائر. وأدرج هذا اللقاء في إطار الحرص على تحسين العلاقات بين ديوان الأرصاد الجوية والمؤسسات المينائية الجزائرية على امتداد الساحل الوطني، موضحا أن قراءة جيدة لنشرة جوية تحضر بدقة وبوضوح يسمح للميناء بالتعامل مع أي طارئ بحري بسبب تقلبات المناخ بشكل يضمن حماية الأشخاص والأملاك والمنشآت البحرية. وأشار المتدخل بصفته ممثلا لوزير النقل أن اللقاء ذو الطابع التقني يندرج في إطار الحرص على التوصل إلى الحديث بلغة فنية موحدة وواضحة ومن ثمة تحسين خدمات الديوان الوطني للأرصاد الجوية الذي يتجه إلى تقديم خدمات ذات خصوصية في إطار تعاقدي مع مختلف الموانئ مستقبلا من أجل تمكينها من الحصول على معلومات ذات جودة كفيلة بتأمين الأفراد والأملاك ضمن توجه لحماية الاقتصاد الوطني.
مواكبة التطور التكنولوجي وتراكم الخبرات
وبالمناسبة، قدّم فريق من مسؤولي وخبراء ديوان الأرصاد الجوية، عروضا وافية حول تنظيم ومهام الديوان ودور المركز الوطني للمناخ ومركز التوقعات ومداخلة حول التوقعات المناخية البحرية. وتبيّن أن العلاقة مع الموانئ الجزائرية المختلفة وطيدة في ظل حرص الديوان الكائن مقره بالدار البيضاء على مواكبة التطور التكنولوجي في عالم الأرصاد الجوية باقتناء حاسوب متطور سنة 2013 يضمن إنجاز العمليات في زمن قياسي وبدقة عالية(ألف مليار علمية في الثانية). ويسهر الديوان الذي يضم أربع مديريات مركزية وأربع عملية وست مديريات جهوية يشغلها كافة 1200 عامل منهم 65 بالمائة من أسلاك تقنية، على ملاحظة المناخ ورصد الأجواء وإرسال المعطيات بعد تحليلها وضبط التوقعات كما يتم أرشفة المعطيات في بنك معلومات للمناخ إلى جانب الصيانة المنتظمة للوسائل والقيام بأعمال البحث والتنمية لمواكبة التغيرات المناخية في العالم . وفي هذا الإطار توجد 82 محطة ملاحظة و3 محطات بحث و3 رادارات و300 موقع مناخي تشكل شبكة متكاملة توفر للزبائن من مؤسسات ومتعاملين في مختلف الميادين منها المجال البحري والمينائي ما يلزم من معطيات.
وتعد الجزائر من خلال الديوان عضوا في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وهي مركز جهوي لتبادل المعلومات المناخية عبر العالم وفقا للنظام العالمي للملاحظة الذي يرتكز على محطات أرضية متصلة بالأقمار الصناعية وبطائرات وسفن ذات صلة، وبفضل هذا النظام المتكامل يتم الحصول على صورة شاملة حول الفضاء الجزائري كل 15 دقيقة. ومنذ فيضانات باب الوادي في 10 نوفمبر 2001 كما أشار إليه مسؤولو الديوان تم تجهيز إقليم ولاية الجزائر بـ 10 محطات آلية لرصد التقلبات المناخية أنجز دراسة تركيبها مكتب بريطاني متخصص. وبعد التذكير بأهم الكوارث الناجمة عن تقلبات الجو في البر والبحر تم إصدار نشرات جوية خاصة حولها لتفادي ما تخلفه من أضرار(عاصفة بحرية بميناء الجزائر في 13/14 نوفمبر 2005، عاصفة ثلجية في 26/29 فيفري 2005 أدت إلى تدخل قوات الجيش الوطني الشعبي لإنقاذ السكان في الجبال والمناطق الداخلية المعزولة، رياح عنيفة بتمنراست في 6 مارس 2005 رافقتها أمطار طوفانية أغرقت المدينة، فيضان وادي بشار في 18 أكتوبر 2007، فيضان وادي غرداية في أكتوبر 2008 وتنقل الجراد الذي يتأثر بالجو)، وأكّد الخبراء أن الرياح العاتية والتموجات البحرية تشكل تهديدا للموانئ ولذلك تحرص مصالح الديوان على ضبط خرائط تحدد اتجاهات الرياح المهيمنة بالتفصيل وتشخّص الظواهر الطبيعية بما يساعد على التحكم في تسيير الفيضانات والتقلبات البحرية وما ينجر عنها من عواصف.
زيارات ميدانية للفنيين لرصد الاحتياجات
وكانت الفرصة سانحة لإطلاق نقاش واسع بين إطارات القطاع المينائي والبحري وخبراء الأرصاد الجوية، بحثا عن قواسم مشتركة وتوطيد جسور التعاون والتنسيق وفقا لمعايير الفعالية وأجمع الحضور على أهمية نشرات الجو الخاصة والاستثنائية داعين إلى تعميق معطياتها وتبسيط مفاهيمها حتى يتسنى للمسؤولين والقائمين على إدارة الحركة البحرية والمينائية بالتدخل في الوقت المطلوب دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية والمالية للمؤسسات المينائية التي تضمن تسيير أكثر من 95 بالمائة من حركة المبادلات والتجارة الخارجية للجزائر. كما أشير إلى أهمية التكوين البشري في الأرصاد الجوية للوصول إلى درجة أداء عالية مع ترقية النشرة الجوية الخاصة في تشخيص وتقدير قوة الرياح والتموجات البحرية. ويرتقب أن يتم تأطير هذا التعاون من خلال اللجوء إلى علاقات تعامل تعاقدية بين الموانئ وديوان الأرصاد الجوية بغية الحصول على معلومات أكثر دقة لاتخاذ القرار المناسب عند الضرورة. وهو ما أكدت السهر عليه السيدة بن ركتة هوارية عندما تحدثت عن المساعدة البحرية بدون توقف من خلال ملاحظة الجو ومعالجة المعلومة والتقدير بما يضمن سلامة وأمن المنشآت المينائية والعاملين فيها. وبعد أن شرحت أنواع النشرة الجوية العادية والخاصة التي تستلمها قبطانية الميناء لتوزعها على السفن أبدت جاهزية خبراء الديوان لإعداد نشرات معمقة وفقا لطلب الموانئ ومختلف الزبائن. ولهذا الغرض يرتقب أن تنظم زيارات ميدانية لرصد الاحتياجات بالتدقيق، وهي أولى ثمار هذا اللقاء النوعي المفيد الأول من نوعه ليؤسس لثقافة مواكبة الأرصاد الجوية في عالم الاقتصاد والاستثمار الذي توليه السلطات العمومية عناية متزايدة.
الأرصاد الجوية في قلب اهتمامات الموانئ الجزائرية
نحو علاقات تعاقدية للحصول على نشرات دقيقة
سعيد بن عياد
شوهد:367 مرة