يحتل صدارة الأولويات في الإصلاحات السياسية

تعديل الدستور القاسم المشترك بين سنتي 2013 و2014

فريال بوشوية

لعل القاسم المشترك بين السنتين المنقضية الجديدة، مسألة تعديل الدستور التي طبعت الساحة السياسية في الجزائر، بعدما صنّفه رئيس الجمهورية في خانة الأولويات في الشق السياسي. وكانت 2014 المرحلة التمهيدية بإجراء الخطوة الأولى، ممثلة في المشاورات التي قادها وزير الدولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحي، وجمعته بكل التيارات السياسية وممثلي المجتمع المدني.
رغم ما عاشته الساحة الوطنية من مستجدات وأحداث خلال 2014، إلا أن الحدث الذي استقطب الاهتمام تمثل في تعديل الدستور، لما يترتب عنه من تغييرات يعول عليها في مواكبة التحولات التي تعيش على وقعها الجزائر. وهو الحدث الذي يتصدر مستجدات السنة الجديدة التي تجري خلالها رسميا عملية التعديل على الأرجح.
تعديل الدستور الذي يتصدر أولويات رئيس الجمهورية، كما هو كذلك محل انشغالات الطبقة السياسية بمختلف مشاربها، وإن فضلت بعض تشكيلاتها المصنفة في خانة المعارضة، التميز من خلال المقاطعة، منتهجة مبدأ «خالف تُعرف»، رغم ذلك إلا أنها تطرح المسألة في كل مرة وتنتقد ما وصفته بالتأخير، ويبقى بذلك يغذي خطابات قادة مختلف التشكيلات السياسية، التي وجدت فيه مادة خام تركز عليها في مختلف خرجاتها لإعطاء وزن للحزب في الساحة السياسية.
وفي مقابل ذلك، فضل رئيس الجمهورية التريث في مسألة تعديل الدستور، كون مراجعة قانون بهذا الحجم تستلزم أخذ الوقت اللازم لضمان أخذ كل التفاصيل بعين الاعتبار، بما يسمح ومرافقته للتحولات والتغييرات الجذرية تحقيقا للهدف الذي من أجله يأتي التعديل، فيما تستعجل الطبقة السياسية عموما والمعارضة على وجه التحديد المسألة.
من هذا المنطلق، تم التأني في المشاورات التي أوكل الإشراف عليها إلى وزير الدولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحي، وجمعته بمختلف التشكيلات السياسية وكذا ممثلي المجتمع المدني، حيث تم عرض مسودة التعديلات على المعنيين بالأمر ممن استجابوا للدعوة الموجهة إليهم، في الوقت الذي فوّت فيه بعضٌ الفرصة على الأقل لتقديم البديل للمسائل التي ينتقدونها.
وعلى الأرجح، فإن رئيس الجمهورية الذي جعل تعديل الدستور محور الشق السياسي في عهدته الرئاسية الحالية، موازاة مع استكمال ترسانة القوانين المنبثقة والمكرسة لسلسلة الإصلاحات التي أقرها، بعد فتح ورشات تميّزت كلها بفتح مشاورات مع كل الأطراف المعنية، في محاولة لإقرار إصلاحات شاملة، سيعلن عن موعد تعديل الدستور في الموعد المناسب بعد استكمال كل الترتيبات المتصلة به.
ويندرج مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري، الذي بادر به رئيس الجمهورية، «في إطار مواصلة مسار الإصلاحات السياسية، كما يهدف إلى ملاءمة القانون الأسمى للبلاد مع المتطلبات الدستورية التي أفرزها التطور السريع لمجتمعنا، والتحولات العميقة الجارية عبر العالم»، وفق ما ورد في العرض العام المتضمن الاقتراحات المتعلقة بالتعديل بعينه والتي تلقى المعنيون بالمشاورات نسخة منها.
وجاءت المرحلة الثانية من المشاورات، بعد مرحلة تمهيدية جرت العام 2011 تحت إشراف رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، الذي قدمت له ملفات ضمّنها أصحابها، وأغلبهم يمثلون الطبقة السياسية، مقترحاتهم بخصوص تعديل الدستور، تم رفعها إلى رئيس الجمهورية. وقد تم اعتمادها في إعداد المسودة التي قدمت لهم في المرحلة الثانية من المشاورات بإشراف أحمد أويحي، في انتظار مرحلة الحسم ممثلة في إجراء التعديل الذي يحسم القاضي الأول في البلاد في شكله، إما عن طريق استفتاء شعبي أو بتمريره عبر البرلمان.
وتتمحور التعديلات حول الديباجة والمبادئ العامة التي تحكم المجتمع، لاسيما حقوق وحريات المواطن وتعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان، وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها، وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين، والرقابة الدستورية. ولعل المسائل التي طرحت بقوة مع نهاية السنة، صلاحيات مجلس الأمة التي ينبغي توسيعها وفق ما أكد وزير العلاقات مع البرلمان خليل ماحي، للتوافق مع الدستور الذي يخول لهذه الغرفة البرلمانية صلاحيات لا تتمتع بها في الواقع.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024