طباعة هذه الصفحة

تعزيز التّعـاون بـين البحـث العلمـي والتّطبيقات الميدانيــة

إطـلاق شبـكـة حاضنات تكنولوجيـة بسبعـة أقطـاب جامعية

فندق الأوراسي: زهراء . ب

إلزاميـة الدراسات الجيوتقنية ومراقـبة استقـرار المـواقع قبـل وأثـناء وبعــد الإنجــاز

عطـية: دور حاسـم للدّراســـات التّقنيــة في الحـد مــن المخاطــر الطّبيعيــة

بوقـادوم: الابتكــار دعامــة أساسيــة لاستدامــة وجـودة المشاريـــع العمرانيــة

 شكل الملتقى الدولي الأوّل حول “المخاطر الجيوتقنية واستدامة البناء”، المنظّم من طرف المخبر الوطني للسكن والبناء تحت شعار “الوقاية والتخطيط في مواجهة المخاطر الطبيعية”، محطّة علمية بارزة جمعت خبراء وباحثين من داخل وخارج الوطن، إلى جانب ممثلين عن قطاعات وزارية ومؤسسات اقتصادية وأمنية، وقد مثل هذا الحدث فضاءً لتبادل التجارب وأحدث الممارسات في مجال الجيوتقنية والهندسة العمرانية، وفرصة لتعزيز التعاون بين البحث العلمي والتطبيقات الميدانية، بما يساهم في رفع تحديات الاستدامة وحماية المنشآت في ظل التغيرات المناخية والتحولات التكنولوجية.

 في كلمة له، خلال افتتاح أشغال الملتقى بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، أكّد الأمين العام لوزارة السكن والعمران والمدينة والتهيئة العمرانية، سعيد عطية، أنّ تنظيم هذا الحدث العلمي يكتسي أهمية خاصة بالنسبة لقطاع السكن والعمران، بالنظر إلى الدور الحاسم الذي تؤدّيه الدراسات التقنية في الحد من المخاطر الطبيعية والتحكم فيها، من أجل بلوغ الأهداف المنشودة المتمثلة في استدامة البناء وحماية الأشخاص والممتلكات.
وأشار إلى أنّ الجزائر حقّقت تقدما ملموسا في مجال السكن والعمران، حيث تمّ توزيع أكثر من 1.7 مليون وحدة سكنية خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب إنجاز منشآت هيكلية كبرى ساهمت في تعزيز التنمية الوطنية، مشدّدا على أنّ الوزارة تولي أهمية قصوى لضمان النوعية والجودة والسلامة في جميع المشاريع، من خلال إلزامية الدراسات الجيوتقنية ومراقبة استقرار المواقع قبل وأثناء وبعد الإنجاز.
وأوضح المتحدّث أنّ المخبر الوطني للسكن والبناء، الذي يراكم خبرة تفوق 45 سنة، عرف نقلة نوعية في مجالات التشخيص والخبرة بفضل تدعيم عتاده وتجهيزاته بأحدث التكنولوجيات، فضلا عن إطلاق منصات رقمية مبتكرة وتطوير برامج التكوين المستمر لفائدة المهندسين والتقنيين.
وأشار عطية إلى أنّ الملتقى، الذي يستمر على مدار يومين، يهدف إلى تبادل الخبرات والمعارف بين المهندسين ومكاتب الدراسات وأصحاب المشاريع ومؤسسات الإنجاز، مع التركيز على الممارسات الحديثة في مجال الدراسات الجيوتقنية، واستعمال التكنولوجيا لمواجهة التحديات الطبيعية وضمان استدامة البناء.وأعرب الأمين العام لوزارة السكن عن ثقته في أن تتوّج أعمال الملتقى بتوصيات علمية وعملية مفيدة، من شأنها فتح آفاق جديدة للتعاون العلمي والتقني، معلنا أنّ هذا اللقاء سيصبح تقليدا سنويا في الجزائر لترقية البحث والتبادل في هذا المجال الحيوي.
وشهد الملتقى الدولي الأول حول المخاطر الجيوتقنية واستدامة البناء، في يومه الأول، التوقيع على اتفاقية شراكة بين وزارة السكن ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تهدف إلى إطلاق شبكة وطنية من الحاضنات التكنولوجية على مستوى سبعة أقطاب جامعية. هذه الاتفاقية، التي وصفت بالخطوة النوعية، تجسّد توجه المخبر نحو مرحلة جديدة من التحول العلمي والرقمي، تهدف إلى ربط البحث الأكاديمي بالتطبيقات العملية في ميدان الجيوتقنية والبناء، وتعزيز الابتكار كدعامة أساسية للاستدامة وجودة المشاريع العمرانية في الجزائر.
وفي هذا السياق، أبرز المدير العام للمخبر الوطني السكن والبناء فيصل بوقادوم، في كلمته، بالمناسبة أهمية اتفاقية الشراكة هذه، والتي قال إنّها “تهدف إلى إطلاق شبكة وطنية من الحاضنات التكنولوجية على مستوى سبعة أقطاب جامعية”، مؤكّدا أنّ هذه الخطوة تمثل “منعطفا استراتيجيا” يعكس التزام الدولة بربط البحث العلمي بالقطاع الاقتصادي، وتحويل نتائج الدراسات الجامعية إلى حلول عملية مبتكرة في مجالات السكن والبناء والجيوتقنية.
وأوضح بوقادوم أنّ المرحلة الأولى من المشروع ستشمل أقطاب الجزائر، وهران، قسنطينة، بشار، ورقلة، سكيكدة وسوق أهراس، مضيفا أنّ المبادرة ستسهم في تعزيز الابتكار التطبيقي، وتكوين جيل جديد من الكفاءات الوطنية في الهندسة والتقنيات المتقدمة.
وأكّد المدير العام للمخبر الوطني للسكن والبناء، أنّ التحديات التقنية المطروحة اليوم في مجال العمران والهندسة، تفرض ضرورة مضاعفة الجهود لمواكبة التطورات العالمية في مجال التكنولوجيا والرقمنة، موضحا أنّ الجزائر، بحكم ما تشهده من توسع عمراني كبير ومشاريع استراتيجية في مختلف الجهات، أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتسريع إدماج الكفاءات الجامعية والتقنيات الحديثة في مسار التخطيط والتنفيذ.
وفي هذا السياق، ثمّن بوقادوم الاتفاقية الموقّعة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، باعتبارها خطوة محورية نحو ربط البحث العلمي بالجانب التطبيقي والتقني للمشاريع العمرانية، وتهدف هذه الشراكة إلى توفير قواعد بيانات ومعطيات دقيقة للوزارات والهيئات المعنية، تساعدها في اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تخصيص الأراضي وإنجاز المشاريع التنموية الكبرى.
واعتبر المتحدث أنّ الاتفاقية الموقّعة مع وزارة التعليم العالي تمثّل دليلا عمليا على انفتاح المخبر على البحث العلمي، مؤكّدا أنّ المؤسسة ليست مجرد هيئة تقنية، بل بيت خبرة وطني يسعى لضمان سلامة المنشآت وحماية الأرواح والممتلكات، وتثمين الرأسمال البشري عبر التكوين المستمر وإدماج خريجي الجامعات.
وأشار بوقادوم إلى أنّ المخبر الوطني للسكن والبناء يعمل على تهيئة الوسائل التقنية الضرورية التي تتيح لأصحاب المشاريع والمستثمرين الانطلاق على أساس معطيات واضحة، سواء تعلق الأمر بخصائص التربة أو بالمناطق المؤهلة للتوسع العمراني، موضّحا أنّ هذه الخطوة تأتي انسجاما مع التوجهات الوطنية التي يقرّها رئيس الجمهورية، وفي مقدمتها تعميم الرقمنة كوسيلة لضمان الشفافية والنجاعة في تسيير الموارد والمشاريع.
وشدّد بوقادوم على أن المخبر سيواصل دوره كجهاز تقني بامتياز، يعمل على دعم جهود الدولة في تسريع وتيرة التنمية المستدامة، من خلال الجمع بين الخبرة العلمية، والمعرفة الميدانية، والتكنولوجيات الحديثة، بما يضمن تجسيد مشاريع عمرانية متوازنة وذات جودة عالية.
وأشار المدير العام إلى أنّ المخبر الوطني للسكن والبناء، الذي تأسس سنة 1978، تطوّر عبر مراحل متتالية ليصبح مؤسسة مرجعية تغطي معظم ولايات الوطن بخدماتها، ويضم أكثر من 1100 عامل، من بينهم أزيد من 700 مهندس وتقني، كما ساهم في مشاريع كبرى مثل جامع الجزائر، شبكات المترو والترامواي، الأقطاب الحضرية والمدن الجديدة (47 قطبا سكنيا في البرنامج السكني الجديد)، المرافق الجامعية والاستشفائية، السدود والمنشآت المائية، والمشاريع الطاقوية والسياحية.
وشدّد بوقادوم على أنّ رؤية المخبر للمرحلة المقبلة ترتكز على الجودة، الابتكار، الاستدامة والانفتاح، مع إعطاء أولوية خاصة للتحول الرقمي عبر اعتماد أنظمة التسيير المدمجة ونظم المعلومات الجغرافية، وإدماج الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات التقنية.