يشكّل صالون التجارة البينية الإفريقية فرصة مهمة لإبراز دور الشركات الناشئة في الابتكار والنمو الاقتصادي، إذ أصبحت الأخيرة محرّكا أساسيا للتنمية وداعما للتكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية، كما يفتح المجال أمام توسيع نشاط الشركات وإقامة شراكات استراتيجية تساعدها على دخول الأسواق الإفريقية والدولية بثقة وطموح.
سجّل المعرض مشاركة مميّزة من طرف الشركات الناشئة في مختلف المجالات، على غرار الابتكار التكنولوجي، الصناعات الغذائية، الفلاحة، الطبّ والتكنولوجيا الصحية السياحة، ممّا يعكس تنوع قدراتها وإبداعها في تقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات الأسواق المحلية والإفريقية على حدّ سواء.
شارك في الصالون عدة مؤسّسات في التكنولوجيا والاتصال على غرار شركة “براتيك باور” الجزائرية المتخصّصة في تقديم حلّ مبتكر لشحن البطاريات، عبر تطبيق ذكي يمكّن المستخدم من استئجار “باوربانك” بسهولة، وتتوفّر خدمات الشركة في أكثر من 300 موقع متنوع بالجزائر، مثل المقاهي، الفنادق، المطاعم، الشواطئ وحتى أماكن الصناعة التقليدية، على المستعمل فقط التوجّه إلى أحد هذه النقاط، استعمال التطبيق، ثمّ الحصول على “باوربانك” مجهّز بجميع أنواع الكابلات بطاقة 5400 ميلي أمبير.
بحسب ممثل الشركة، شكرين محمد ياسين، فإنّ ما يميّز الخدمة هو إمكانية أخذ الجهاز من نقطة والاسترجاع في نقطة أخرى، ممّا يمنح مرونة كبيرة للمستخدمين، خصوصا أثناء التنقل أو السفر، بهذه الطريقة نضمن راحة أكبر للمواطنين، سواء كانوا في رحلة، في العمل أو حتى على متن الطائرة، بحيث يجدون حلا عمليا وموثوقا لشحن هواتفهم وأجهزتهم أينما كانوا.
ابتكارات تقنية وسياحية بالمعرض الإفريقي
من جهتها، سجّلت شركات ناشطة في مجال الاتصالات على غرار الشركة الناشئة “اوبتيماليك” حضورا قويا في المعرض، علما أنها تعمل على تقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات المستخدمين في مختلف المناطق خاصة البعيدة، كما تعمل على تطوير تقنيات حديثة تساهم في تحسين تجربة الاتصال وتسهيل الوصول إلى الإنترنت.
في هذا الشأن، قال ممثل الشركة إنّ المشاركة في المعرض كانت من خلال الحل التقني الذي طور خصيصا لمعالجة مشكلة بطء سرعة الإنترنت في مناطق الظل، التي تفتقر عادة إلى شبكات الألياف البصرية، ممّا يضمن تغطية أفضل وجودة اتصال أعلى للمستخدمين.
كما شهد الصالون عرض حلول مبتكرة من شركات أخرى في قطاع الاتصالات، تهدف جميعها إلى تحسين جودة الخدمات الرّقمية وتسهيل الوصول إلى الإنترنت، وأكّد ممثل الشركة أنّ مشاركتهم في المعرض فرصة لتبادل الخبرات وعرض تقنياتهم التي تعالج بطء الإنترنيت، ما يعزّز تجربة المستخدم ويوفّر اتصالا أسرع وأكثر استقرارا.
وتهدف المؤسسة الناشئة “فولز”، المتخصّصة في مجال السياحة تحت اسم “وكالة سفر عبر الإنترنت”، والتي توفّر خدمات حجز تذاكر الطيران للمواطنين الجزائريّين في جميع الولايات، إلى تسهيل السّفر وتقديم تجربة مريحة وآمنة للمسافرين الجزائريّين، مع التركيز على الجودة والاحترافية في كل الخدمات المقدمة.
قال ممثل الشركة الناشئة، بوحوية أحمد طه، من بين المزايا التي نقدّمها، توفّر عدة طرق دفع مرنة، منها الدفع بالبطاقة الذهبية والبطاقات البنكية الأخرى، إضافة إلى إمكانية الدفع نقدا عند الاستلام، حيث نوصل التذكرة للزبون في أي ولاية داخل الوطن في نفس اليوم.
كما تمكّن المشاركة في الصالون الإفريقي -بحسب المتحدث- من الاقتراب أكثر من الزبائن، وفهم احتياجاتهم وتحسين الخدمات وأيضا التعرّف على العارضين من دول أخرى لفتح آفاق للتعاون، تمهيدا للتوسّع قريبا نحو السوق العالمية، وخاصة السوق الإفريقية.
بولفعة: منصة لدعم توسّع الشركات الناشئة الجزائرية في القارّة
أوضح رئيس المدير العام لشركة “مستشير”، خير الدين بولفعة، في تصريح لـ«الشّعب” أنّ صالون التجارة البينية الإفريقية، تمثل فرصة ذهبية للشركات الناشئة الجزائرية التي تسعى لتوسيع نشاطها إلى السوق الإفريقي، إذ يتيح للشركات التواصل مباشرة مع الشّركاء والمستثمرين والمؤسّسات في دول القارة، واكتشاف احتياجات الأسواق الجديدة، وكذلك عرض منتجاتها وخدماتها على جمهور أوسع.
أكّد بولفعة، أنّ الشركات الناشئة لا ينبغي أن تقتصر على السوق المحلية، بل يجب أن تتطلّع إلى التوسّع في الأسواق الإفريقية والدولية، وأضاف أنّ الصالون الإفريقي يجمع العديد من الشركات الناشئة الجزائرية والإفريقية، ويوفّر فرصا تمويلية وشراكات استراتيجية تُسهم في دخول الأسواق الإفريقية وتحقيق النمو المستدام.
وأضاف، منذ انطلاق فعاليات الصالون في 4 سبتمبر، شهدنا حضور مجموعة من الشركات الناشئة الجزائرية والأفريقية، التي تسعى إلى الدخول إلى السوق الجزائري، والتقرّب من المؤسّسات المحلية بهدف بناء شراكات ناجحة، وتوسيع نطاق توزيع منتجاتها، وضمان وجودها الفعلي في السوق، هذا التفاعل يعكس الدور الحيوي لمثل هذه المنصّات في دعم الابتكار وريادة الأعمال، وتمكين الشركات من الاستفادة من فرص التبادل التجاري الإفريقي بشكل فعّال.
كما أوضح بولفعة، أنّ البيئة الاقتصادية في الجزائر شهدت تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، خصوصا فيما يتعلّق بدعم الشركات الناشئة، واعتبر إدراج شركة “مستشير” في بورصة الجزائر دليلا على نضج منظومة الأعمال وقدرتها على استيعاب المشاريع الطموحة.
وقال إنّ إدراجها في بورصة الجزائر يسمح بفتح سوق مالي جديد أو بديل لتمويل الشركات الناشئة والمصغّرة في البلاد، فبورصة الجزائر موجودة منذ سنوات، لكن لم تحاول أي شركة ناشئة أو حتى شركات قائمة منذ عشرات السنين أن تدخل نفسها فيها كأداة تمويلية. وأوضح أنّ “مستشير” بعد سنتين فقط من تأسيسها دخلت البورصة، وهي خطوة لها أثر كبير على تحسين بيئة الأعمال للشركات الناشئة في الجزائر، فعندما نتحدث عن بيئة الأعمال، نتحدث عن العناصر الأساسية التي كانت ناقصة، والتي بدأت الجزائر منذ 2020 في تطويرها لتصبح محفّزة لإنشاء أكبر عدد ممكن من الشركات الناشئة.
أفاد بولفعة في ذات السياق: “رئيس الجمهورية وضع هدفا طموحا لإنشاء أكثر من عشرين ألف شركة ناشئة خلال العهدة الثانية، وذلك في إطار جهود الدولة لدعم روح المبادرة وتشجيع الشباب على الابتكار وريادة الأعمال، استكمالا لإنشاء أكثر من ثمانين ألف شركة ناشئة، خلال العهدة الأولى، في إطار تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل وفتح آفاق جديدة أمام الكفاءات المحلية”.
من أبرز التحديات التي كانت تواجه بيئة الأعمال للشركات الناشئة هو غياب البورصة، إذ تبدأ هذه الشركات عادة بتمويل ذاتي، ثمّ تلجأ إلى المستثمرين وصناديق الاستثمار لتأمين الموارد المالية اللازمة لنموها وتطوير أعمالها.
وقدّمت شركة “مستشير” مثالا عمليا للشركات الناشئة حول كيفية إنشاء شركاتها، وتأمين التمويل، وجذب المستثمرين، والاستفادة من صناديق الاستثمار، وصولا إلى إدراجها في البورصة، بما يوضّح استراتيجية متكاملة يمكن أن تحتذى بها الشركات الناشئة الأخرى لتحقيق النمو والاستدامة.