إعداد منصة رقمية لضبط بيانات دقيقة عن الحافلات.. ضروري
الاستيراد المكثف لقطع الغيار والعجلات مكسب كبير لقطاع النقل
اعتبر رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق، علي شقيان، أنّ قرار رئيس الجمهورية المتعلّق باستيراد 10 آلاف حافلة جديدة يشكّل خطوة بالغة الأهمية في مسار تحديث الحظيرة الوطنية للنقل العمومي، خاصة وأنّ الدراسات الميدانية أظهرت أنّ أكثر من 20 بالمائة من الحافلات الناشطة على مستوى العاصمة وحدها يزيد عمرها عن ثلاثين سنة، أي ما يعادل أكثر من 16 ألف حافلة على المستوى الوطني تجاوزت عمر الخدمة الإفتراضي وأصبحت غير مؤهّلة للسير مثلما ذكر.
وأوضح شقيان، في تصريح لـ«الشّعب”، أنّ هذا القرار يندرج في إطار التجديد التدريجي للحظيرة الوطنية، إذ ستعوّض الحافلات الجديدة تدريجيا تلك المتقادمة وغير الصالحة، بما يعيد الاعتبار لوسائل النقل العمومي التي تعد النمط الأكثر اعتمادا من قبل المواطنين، خصوصا في المدن الكبرى، في مواجهة كابوس الإزدحام المروري.
وأضاف أنّ خدمة النقل العمومي ينبغي أن تحظى بأولوية قصوى باعتبارها خدمة تمسّ يوميا ملايين الجزائريّين، مشدّدا - في السياق - على ضرورة أن ترافق هذه العملية دراسة علمية دقيقة لإعداد منصة رقمية وطنية للحظيرة، تتولى وزارة النقل بالتنسيق مع وزارة الصناعة ومؤسّسات المراقبة التقنية بناءها وتسييرها.
وأوضح محدثنا أنّ هذه القاعدة الرّقمية ستسمح بضبط بيانات دقيقة عن الحافلات، وتحديد أولويات التجديد بشكل عادل وشفاف، مع تمكين مختلف الهيئات الأمنية والرقابية من الاعتماد عليها في عملية التنظيم والمراقبة.
أما بخصوص القرار المتعلّق بالاستيراد المكثف لقطع الغيار والعجلات، فقد أكّد المتحدث أنه يمثل مكسبا كبيرا لقطاع النقل، بالنظر إلى الندرة الحادة التي عرفتها السوق لسنوات، فضلا عن انتشار قطع الغيار المقلدة ورديئة النوعية.
ويرى شقيان أنّ توفير قطع الغيار الأصلية والإطارات المطابقة للمعايير، سيسمح بإعادة تأهيل أكثر من 50 بالمائة من الحافلات المتضرّرة، وجعلها صالحة تقنياً وميكانيكياً لمواصلة الخدمة في انتظار التجديد الشامل للحظيرة.
واعتبر رئيس الأكاديمية أنّ هذين القرارين، أي استيراد الحافلات الجديدة وتوفير قطع الغيار الأصلية، يشكّلان معا بداية تغيير جوهري من شأنه أن يرفع مستوى الثقة في النقل العمومي، ويحدّ من الحوادث المرتبطة بالأعطاب التقنية، كما يُسهم في الحدّ من الضغط المروري داخل المدن الكبرى، مؤكّدا أنّ هذه الإجراءات تفتح المجال أمام نقلة نوعية في قطاع النقل العمومي، بما يعيد له مكانته كخدمة عمومية أساسية وركيزة في السياسات الوطنية للسلامة المرورية.
وفي سياق متصل، أبرز شقيان أنّ الاستيراد المكثف لقطع الغيار والإطارات عالية الجودة خطوة ضرورية لتعزيز السلامة الميكانيكية، بعد أن أضحت ندرة هذه التجهيزات وغياب النوعية سببا مباشرا في ارتفاع نسب الحوادث، وأضاف أنّ إصلاح المنظومة التشريعية لقانون المرور وإعادة النظر في كيفيات الحصول على رخص السياقة، خاصة عبر الرقمنة والتدقيق في التكوين والفحوص النفسية، سيشكّل نقلة نوعية في رفع كفاءة السائقين وردع السلوكات المتهوّرة.
وأشار رئيس الأكاديمية إلى أنّ توسيع نطاق المسؤولية ليشمل السائقين، مدارس تعليم السياقة، مؤسّسات المراقبة التقنية وحتى الجهات المكلفة بصيانة الطرق، يعكس وعيا جديدا بضرورة تحميل كل طرف نصيبه من المسؤولية، بعدما أثبتت بعض التحقيقات أنّ إهمال هذه الأطراف كان سببا في كوارث مرورية، واعتبر أنّ الرقمنة وربط مختلف المؤسّسات بمنصات ذكية يعدان شرطا أساسيا لإنجاح هذه العملية وضمان مراقبة صارمة وشفافة، كما توقّف عند الدور المنتظر من أجهزة الأمن والدرك الوطني، حيث تقرّر تشديد الرقابة على الطرقات وتفعيل أدوات الردع الحديثة مثل رخصة السياقة بالتنقيط، السجل الوطني للمخالفات، والرادارات الرقّمية، بما يحول المخالفات الخطيرة إلى جرائم مرورية تخضع لأقصى العقوبات.
وأكّد شقيان استعداد الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية للانخراط في هذه الإصلاحات الكبرى عبر برامج التوعية والتكوين والدعم التقني، مبرزا أنّ الطريق في الجزائر لم يعد فضاء للفوضى واللامسؤولية، بل مسؤولية جماعية تستدعي تضافر كل الجهود لحماية الأرواح وتقليص نزيف الحوادث.