مـن دولة مستـوردة للغــذاء إلى منتـج ومصدّر وفاعـل إقليمـي
ديناميكيــة فعالـة حققـت إنتاجــا محليـا قياسيــا في عـدة منتجـات “مصيريــة”
أسفرت السياسات الاقتصادية والتنموية المعتمدة منذ بداية عهدة الرئيس عبد المجيد تبون عن انطلاقة قوية لثورة فلاحية شاملة، تمثلت في توسيع المساحات المزروعة، خصوصًا في ولايات الجنوب، وجذب الاستثمارات الفلاحية، إلى جانب تطوير قدرات التخزين والتوزيع. وقد أثمرت هذه الديناميكية عن تحقيق إنتاج محلي قياسي في عدة منتجات استراتيجية، مما ساعد على تقليص واردات الغذاء والاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل وفتح آفاقًا لتصدير الفائض نحو موريتانيا ودول غرب إفريقيا.
أشار أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي علي كافي، الأستاذ الدكتور بودالي محمد الى أن الأمن الغذائي في الجزائر لم يعد مجرّد شعار موجّه للاستهلاك الاعلامي، بل أضحى واقعاَ مدعوماً بالأرقام والمؤشرات الخضراء التي وضعت الجزائر في موقع متقدّم ضمن الدول الافريقية الساعية الى تحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة، مشيداً بالرؤية الاستراتيجية المتكاملة التي وضعت الجزائر على مسار التحوّل من دولة مستوردة للغذاء الى منتج ومصدّر وفاعل إقليمي في الأمن الغذائي.وقال بودالي في حديثه لـ “الشعب” أن الأمن الغذائي لأي دولة يُركّز على مؤشّر الاكتفاء الذاتي، وهو عبارة عن مقارنة حجم الانتاج المحلي من الغذاء بحجم الاستهلاك المحلي، حيث تظهر أزمة الغذاء إذا كان الإنتاج الوطني من الغذاء أقل من الاستهلاك المحلي.
واستعرض المتحدّث ما تحقّق من مكتسبات فلاحية ببلادنا نتيجة الاعتماد على استراتيجية وطنية لتطوير القطاع الفلاحي، حيث كرّست الدولة مجهودات كبيرة لإعادة تنظيم القطاع الفلاحي ضمن عدّة مبادرات، خاصة في مجال زراعة الحبوب ومختلف الشُعب الفلاحية الاخرى، وتهدف هذه الاستراتيجية –بحسبه- الى زيادة الانتاج الزراعي المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بالإضافة الى تقليل الاعتماد على الواردات الزراعية وتعزيز استدامة القطاع الزراعي.
وأشار الخبير الاقتصادي الى أن سعي السلطات العليا الى تحقيق الأهداف المسطّرة في هذا الإطار، دفع بها الى تسخير إمكانيات تقنية حديثة وتحسين المحصول الزراعي الاستراتيجي، عبر تطوير زراعة عدّة أصناف محسّنة من القمح والشعير، وإدارة الموارد المائية بكفاءة، وترشيد استهلاك المياه وتحسين طرق ري المزروعات، الى جانب ذلك، انخرطت السلطات المختصة في مسعى تعزيز الزراعة المستدامة وتلك المحاصيل التي تتلاءم مع البيئة، من أجل ضمان استدامة الانتاج على المدى الطويل، ورقمنة القطاع الزراعي واستخدام التكنولوجيا الرقمية لإدارة الانتاج والتخزين.
وتابع بودالي قائلاً إن السلطات العليا بالبلاد لم تكتف بإدخال التكنولوجيات الحديثة والرقمنة للقطاع الفلاحي، بل دعّمت هذا التوجّه بإجراءات أخرى شكّلت نقطة انطلاق قوية نحو تكريس أمننا الغذائي، عن طريق منح مساعدات مالية وإقرار حزمة من التسهيلات والاعفاءات الضريبية لفائدة المستثمرين في قطاع الفلاحة، الى جانب توسيع الأراضي الزراعية خاصة بولايات الجنوب والرفع من سعر شراء الحبوب من الفلاحين، والرفع من القدرة التخزينية للحبوب من خلال إنشاء 350 صومعة جديدة لتخزين الحبوب بقدرة تصل الى 90 مليون قنطار.
ونوّه أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي علي كافي الى أن النتائج الأولية التي يمكن استنباطها من وراء التحضير الجيد للموسم الفلاحي المقبل، تنبئ بتحقيق نتائج جيدة قد تصل الى أكثر من 35 مليون قنطار، مع متوسّط إنتاج يتراوح ما بين 55 الى 80 قنطار في الهكتار الواحد، رافعاً سقف توقّعاته ليؤكّد أن الجزائر ستتوقف نهائياً عن استيراد القمح الصلب بحلول الموسم المقبل بفضل المؤشرات والأرقام المحقّقة.
المتحدّث وهو يستعرض جهود السلطات العليا في سبيل تطوير وتعزيز وضمان الأمن الغذائي ببلادنا، أبرز الى أن النتائج الايجابية المحقّقة كانت بفضل الإرادة السياسية القوية التي رافقت هذا المسار، وهو ما دفع بالجزائر –يواصل القول- الى التفكير في تحقيق الأمن الغذائي بإمكانياتها الخاصة، مجدّداً التأكيد على أن الجزائر عمدت في سعيها الى تحقيق الأمن الغذائي الى تدعيم كل الشُعب الفلاحية الأخرى، الى جانب انخراطها في مسار إصلاحي شمل المزايا الجبائية ودعم المستثمرين.