طباعة هذه الصفحة

جـودة عالية ومطابقة للمعايير الدوليـة

الصناعة العسكريـة.. صمـــّام الأمـان وفخــر الأحرار

آسيا قبلي

قطــاع فاعل في تلبيــة الحاجـات الوطنيـة وتوفــير مناصــب شغـل

نمـوذج يقتدى به في دعـم الاقتصـاد السيــد والتخفيف مــن التبعيــة للخــارج

 تراهن الجزائر على الصّناعة العسكرية لتكون رافعة حقيقية للصّناعة الوطنية، من خلال تقديم حلول غير تقليدية تُسهم في دعم الاقتصاد وتعزيز الأمنين العسكري والصناعي. ففي ظل التحديات الأمنية المتزايدة والتوترات الإقليمية والدولية التي قد تُهدد سلاسل توريد الأسلحة، اتّجه الجيش الوطني الشعبي إلى تطوير قدراته التصنيعية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل التبعية الخارجية. هذا التوجّه لا يقتصر على البعد الدفاعي، بل يُعد خطوة استراتيجية نحو بناء نسيج صناعي متكامل، يساهم في دعم الاقتصاد الوطني، حيث أصبح نموذجا يقتدى به في هذا المجال.

 أولى رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المحيد تبون، الصناعة العسكرية اهتماما خاصا، باعتبارها عماد الصناعة الوطنية وقاطرتها، والقادرة على رفع نسبة الإدماج الوطني، كما حثّ على ترقية الشراكة العمومية-الخاصة، حيث تمتلك الجزائر قاعدة للتصنيع والتصليح العسكري، وتقوم بتصنيع وتجميع العديد من الآليات والمعدات العسكرية، ويراد من ذلك إلحاق الصناعة المدنية بالصناعة العسكرية، وعدم التفريق بينهما وبناء تكامل بينهما بما يخدم الاقتصاد الوطني ويضمن الأمن العسكري والصناعي، على حد سواء.
وتعد الصناعة العسكرية اليوم جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية الشاملة والمتكاملة للاقتصاد الجزائري، ومثالا يقتدى به بفضل المستوى الرفيع الذي بلغته مختلف المؤسسات والوحدات الإنتاجية والصناعية، التي أكّدت مدى مساهمة المنتوج العسكري في الارتقاء بالاقتصاد الوطني من خلال منتوجات متنوعة ذات جودة عالية وبمعايير عالمية، على غرار قطاع النسيج والصناعة الميكانيكية الخفيفة والثقيلة والصناعة الإلكترونية. وتوفير الحاجيات والمستلزمات الموجهة للاستخدام المدني، بتطوير صناعة المركبات العسكرية والمدنية، مثل الشاحنات والسيارات، وصناعة الإلكترونيات مثل أنظمة الاتصالات والمراقبة، وصناعة المعدات الطبية، وصناعة السفن الحربية والتجارية على حد سواء.
وتقوم الجزائر بتصنيع وتجميع العديد من أنواع المركبات المدرعة مثل المدرعة BCL-M5، ومدرعة BCL-M54، و«نمر الجزائر”. وتصنيع طائرات بدون طيار، والمحركات المختلفة للاستخدام العسكري والمدني، كما صمّمت وصنعت مستشفى ميدانيا متنقّلا مطابقا للمعايير الدولية. كما تقوم بتطوير وتصنيع أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو، وكلها صناعات قطعت فيها الجزائر أشواطا معتبرة.
من جهة أخرى، تعتبر الصناعة العسكرية قطاعا فعّالا في توفير مناصب شغل، حيث بلغ عدد المدنيين العاملين فيها 25 ألفا. إلى جانب ذلك تسعى للتوجه نحو التصدير، إذ تعمل الجزائر على تعزيز دورها كمنتج ومصدر للمعدات العسكرية، مع ضمان الجودة والتنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية، كما أنها عامل جذب للاستثمارات الأجنبية، وتعتبر شركة مرسيدس بنز الألمانية ودايملر باعتباره شريكا تكنولوجيا، إلى جانب شركة آبار الإماراتية أهم الشركاء في مجال الصناعة العسكرية، والشركة الإيطالية “ليوناردو” في مجال الطيران.

صمـــام أمــان

 وتسعى القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي إلى إرساء قاعدة صناعية متينة ومتنوّعة للاستغناء تدريجيا عن الاستيراد وتقليص فاتورته، على أن تتناسب هذه القاعدة الصناعية والتحولات التي يعرفها الجيش الوطني الشعبي، تلبية لاحتياجات الإسناد متعدّد الأشكال، وتعزيز قدرات الدفاع وتأهيله ونقل التكنولوجيا والتحكم فيها وتوطينها، وتحديث تشكيلة المنتجات المصنعة والخدمات الموجهة للجيش الوطني الشعبي وللسوق الوطنية والدولية.وتشكّل الصناعة العسكرية في الجزائر صمّام أمان، ومساهما في تحقيق الأمن العسكري، من خلال ضمان تطوير القدرات العسكرية بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية، مثل الدبابات والمدرعات والطائرات بدون طيار. وقد أزاح معرض الجزائر الدولي، المنعقد شهر جوان الماضي، الستار عن معدات عسكرية جديدة من صنع محلي، على غرار مسدس رشاش بنسبة تصنيع جزائرية مائة بالمائة، ومدفع رشاش مضاد للطيران وبندقية صيد، وزوارق هجومية، وأسلحة خفيفة أخرى.
إلى جانب ذلك تساهم الصناعة العسكرية في تعزيز الاكتفاء الذاتي من خلال تحسين القدرات التصنيعية المحلية ورفع نسبة الإدماج الوطني، وهذا ما يتيح تقليص الاعتماد على الواردات العسكرية، وتوجيهها للاستثمار المحلي. وهي بذلك توفر فرض عمل لفئات واسعة من المدنيين، ومنه المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وتخفيف البطالة.
ولعل أهم ما تقدّمه الصناعة العسكرية هو حماية السيادة الوطنية بتوفير حاجيات البلاد العسكرية اللازمة لتعزيز قدراتها الدفاعية عن الإقليم وديمومة سيادتها واستقلالها. كما يعزز تطوير الصناعة العسكرية الجاري التعاون العسكري مع الدول الأخرى، من خلال تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية.

رافــد الاقتصــاد

 ينتظر من الصّناعة العسكرية أن تساهم في تحقيق الأمن الصناعي للجزائر، برفع نسبة النمو في قطاع الصناعة وإنعاش الاقتصاد، خاصة وأنّ الجيش الوطني الشعبي حقق مستويات معتبرة في الصناعة، وذلك بالإنتاج الصناعي للأغراض العسكرية والمدنية على حد سواء. ونظرا لما تتمتع به الصناعة العسكرية من جدية وانضباط، أصبحت نموذجا يقتدى به من حيث القدرة على التكيف والاستجابة للحاجيات الوطنية، إلى جانب الدقة والاتقان ومطابقة المعايير الدولية، سواء تعلق الأمر بالألبسة، أو وسائل النقل أو المعدات الحربية والأسلحة.
ومن أجل تعميم هذا النمط، يتم تعزيز الشراكة العمومية الخاصة بين مختلف مؤسسات الصناعة العسكرية، والمؤسسات الخاصة، من خلال الاعتماد على المناولة مع شركات خاصة محلية لرفع مستويات الإدماج إلى أكثر من 60 في المائة في السنوات المقبلة، وهي التي بلغت 40 في المائة قبل سنتين.يضاف إلى ما تم ذكره من مساهمات الصناعة العسكرية في تحقيق الأمن العسكري، دورها في تحقيق الأمن الصناعي للبلاد، من خلال توفير المعدات والتقنيات اللازمة لحماية المنشآت والمرافق الصناعية، على غرار تصميم وإنتاج كاميرات المراقبة، وأجهزة الكشف عن المتفجرات، وأنظمة الاتصالات الآمنة، وأنظمة تحليل الفيديو المتقدمة لكشف التهديدات التي قد تتعرض لها المنشآت الصناعية والمرافق الحيوية، وكذا توفير التدريب المتخصص وتطوير المهارات الأمنية للعاملين في المجال، وتوفير برامج وأنظمة حماية متقدمة للمنشآت الصناعية من الهجمات السيبرانية التي قد تستهدف البنية التحتية الحيوية. ولا يمكن الحديث عن هذه الخدمات دون التطرق إلى تطوير البحث العلمي في المعلوماتية لحماية مختلف أنظمة الصناعات سواء المدنية أو العسكرية، وأساس ضمان الأمن بمختلف مستوياته، وهو ما تستثمر فيه الصناعة العسكرية لتكون فعّالة ومنتجة، وقادرة على الاستجابة لمختلف الاحتياجات.