طباعة هذه الصفحة

أشـرف على انطــلاق الامتحانات بثانوية الإدريسي بالعاصمة.. سعـداوي:

البكالوريا استحقـاق مقـدّس ومحطة حاسمة لصناعة المستقبل

خالدة بن تركي

 الدولة سخرت كل الإمكانـات لضمـان النزاهـة والشفافيـة

 التصدي للغـشّ بالتوعية ومنـع أي محاولة قد تسيء  إلى مصداقيـة الشهـادة

 مكيفـات هوائيـة بجميــع مراكـز الامتحـان ضمانــا لراحـة الممتحنـين

 الامتحانات تجرى هذا العام دون الاعتمـاد على حجـب أنترنيـــت

 مسابقات توظيــف الأساتـذة ستعود.. بصيغــة جديـدة 

انطـلاق إصـلاح تربـوي واسـع لتحسـين جودة التعليــم ومراجعــة شاملــة للمناهــج

 أعطى وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي، أمس، إشارة انطلاق امتحانات شهادة البكالوريا لدورة جوان 2025، من ثانوية الإدريسي ببلدية سيدي امحمد بالعاصمة، وأكّد الوزير بالمناسبة أنّ هذا الامتحان الذي يشارك فيه أكثر من 800 ألف مترشّح يحظى بأهمية بالغة، مصنّفا إياه في خانة “الاستحقاق الوطني المقدس”، باعتباره محطة حاسمة في المسار الدراسي للتلاميذ.

أشرف محمد صغير سعداوي، رفقة الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية لسيدي امحمد والوفد المرافق له، على فتح أظرفة امتحان مادة اللغة العربية بمركز الإجراء، كما قام بجولة تفقدية داخل قاعات الامتحانات التي تحتوي على 356 مترشّح، بما في ذلك القاعة المخصّصة للمترشّحين من ذوي الإحتياجات الخاصة، حيث أكد أن الدولة وفرت الإمكانات اللازمة لضمان سير الامتحانات في ظروف ملائمة لجميع المترشّحين.

 أجــواء تنظيميــة محكمــة

 وأكّد وزير التربية الوطنية في ندوة صحفية نشّطها على هامش إعطاء إشارة انطلاق شهادة البكالوريا بالعاصمة، توفير أجواء تنظيمية ملائمة لجميع المترشّحين بمن فيهم نزلاء المؤسّسات العقابية، حيث سخّرت الوزارة مراكز إجراء لامتحان 6500 مترشّح، والأمر نفسه بالنسبة لأبناء الجالية بفرنسا الذين يحظون بنفس الظروف للحماية من أي تشويش.وتابع سعداوي: “مؤسّسات الدولة تبذل مجهودات كبيرة وتقدم تجهيزات وإمكانات كبيرة لهذا الامتحان ليحظى التلاميذ بأجواء جيدة تمكّن من التنافس الإيجابي والنزيه، شاكرا القطاعات التي ساهمت في إنجاح هذا الامتحان، على غرار وزارة الشباب ووزارة الشؤون الدينية وكذا أجهزة الأمن”.

نزاهــة وشفافيـة

 فيما يخص ظاهرة الغش، أكّد الوزير أنّ الإيجابي في الأمر يتمثل في توفير الظروف المناسبة لضمان الشفافية، لهذا فإنّ الغشّ مرفوض شكلا ومضمونا، وسيتم التصدي له من خلال التوعية التربوية، ومن الناحية التقنية عبر منع أي محاولة قد تسيء إلى مصداقية الشهادة، وأشار - في السياق - إلى تسجيل 53 حالة غشّ فقط من أصل 826 ألف مترشّح في التعليم المتوسّط.وقال سعداوي: “نطمح إلى أن نصل يوما إلى وعي التلميذ ورفضه لأي محاولة غشّ داخل مؤسّسته، وهذا ما نعمل عليه حاليا، حتى يجتاز التلاميذ الامتحانات في أجواء نظيفة وتنافسية”، وأضاف أنّ إحالة التلاميذ على العدالة في حال ضبطهم في حالة غشّ هو إجراء تربوي، موضّحا أنّ القصر لا يصدر بحقهم حكم جزائي، بل يعرضون على قاضي الأحداث الذي يتعامل مع القضية من منظور تربوي وليس عقابي.
أما بخصوص العقوبات التي تطال المتورّطين في الغشّ والمتراوحة بين ثلاث إلى 10 سنوات، فأوضح مسؤول القطاع أنّ العقوبات تطبق على البالغين فقط، إذ يحالون على العدالة ويتعرّضون لعقوبات جزائية، لأنّ الأمر يتعلق بالمساس بنزاهة الشهادة.
وبشأن مسألة قطع الإنترنت، أفاد الوزير أنه لأول مرة لا يتم فيها الإعتماد على حجب الإنترنت بشكل كامل خلال امتحانات البكالوريا، مشيرا إلى أنّ القطاع يبحث عن حلول أخرى فعالة وفي حال تم التوصل إلى بديل مناسب، فسيتم تطبيقه مباشرة في المستقبل، لضمان نزاهة الامتحانات دون تعطيل مصالح المواطنين.
وعن التكفّل بتلاميذ ولايات الجنوب، أشار سعداوي إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الخاصة لمواجهة الظروف المناخية القاسية وارتفاع درجات الحرارة، تتعلّق بتوفير المكيفات الهوائية بجميع مراكز الإجراء وضمان استقرار التيار الكهربائي، من خلال تنسيق الجهود بين وزارة التربية والجماعات المحلية، لأجل منع أي انقطاعات من شأنها المساس براحة الممتحنين.

  نحـو صياغة مشـــروع تعديل القانون

 وأكّد الوزير، أنّ القانون الأساسي حمل العديد من المكتسبات الهامة التي استفاد منها موظفو قطاع التربية، إلى جانب النظام التعويضي الذي تم تجسيده في وقت قياسي بفضل جهود مصالح وزارة التربية الوطنية.وأشار إلى أنّ المنظمات النقابية عبرت عن بعض التحفظات والملاحظات بخصوص بعض المطالب التي لم يتضمنها القانون الأساسي أو النظام التعويضي، ومن الطبيعي - حسب قوله - أن ترفع النقابات سقف مطالبها، وهو أمر مشروع، لكن من الضروري أن تخضع هذه المطالب للمراجعة ضمن إطار قانون الوظيفة العمومية والإمكانات المالية المتاحة للدولة. وأوضح أنّ الدولة حريصة على تحسين ظروف العمل لموظفيها، بما ينعكس إيجابا على جودة أدائهم، وفي هذا السياق، تم مرافقة مطالب النقابات من خلال لجنة وطنية للاستماع وجمع الاقتراحات بكل شفافية، وقد تم تدوين جميع الملاحظات.
وأضاف أنّ وزارة التربية الوطنية تعمل حاليا على صياغة مشروع تعديل للقانون الأساسي، خاصة بعد قرار مجلس الوزراء الأخير، الذي أكّد ضرورة حل إشكالية موظفي المصالح الاقتصادية، ليس فقط في قطاع التربية، بل أيضا في قطاعي الصحة والتعليم العالي. وذكّر أنّ الوزارة كانت قد شرعت في معالجة هذا الملف منذ مدة، بهدف إدراج المطالب المتعلقة بموظفي المصالح الاقتصادية ضمن التعديلات المرتقبة، إلى جانب تثبيت باقي المكتسبات التي تم الاتفاق عليها مع الشركاء الاجتماعيّين بعد جلسات حوار عديدة.

 التعليـم الإبتدائي.. أولوية الإصلاح

 كشف وزير التربية الوطنية عن انطلاق إصلاح تربوي واسع يهدف إلى تحسين جودة التعليم، وذلك من خلال مراجعة شاملة لمناهج التعليم، انطلاقا من المرحلة الإبتدائية، وأوضح أنّ اللجنة الوطنية لجودة التعليم شرعت في عملها من خلال إعداد تصوّر جديد خاص بالسنتين الأولى والثانية ابتدائي، وواصلت عملها مؤخّرا مع السنة الثالثة ابتدائي، والذي سيتم الإعلان عنه مع الموسم الدراسي القادم.
وأضاف في ذات السياق، أنّ العمل لا يزال متواصلا لمواصلة التصور التربوي مع باقي السنوات التعليمية، خاصة السنتين الرابعة والخامسة ابتدائي، وذلك في إطار خطة شاملة تهدف إلى تحسين البرامج والمناهج الدراسية، وأوضح أنّ هذا التدرّج في الإصلاح يهدف إلى ضمان انسجام وتكامل في المحتوى التعليمي عبر جميع السنوات. كما أكّد أن هذا الإصلاح جزء من خطة شاملة لتحديث التعليم، تهدف إلى تطوير المناهج لتواكب التقدم العلمي، مع مراعاة خصوصيات كل مرحلة دراسية، وتسعى المنظومة الجديدة إلى إعداد تلاميذ قادرين على الاندماج في المجتمع بفعالية، من خلال تكوين علمي وتربوي متوازن يضمن جودة التعليم.
وبخصوص موعد إعلان نتائج امتحاني شهادة التعليم المتوسّط والبكالوريا، كشف سعداوي أنّ الوزارة لم تحدّد تاريخا مسبقا، احتراما لاستقلالية لجان التصحيح، التي تعمل “بكل دقة ومسؤولية”، وقال: “إنّ النتائج ستعلن فور الإنتهاء من جميع مراحل التصحيح والتدقيق، وسيتم إبلاغ الرأي العام الوطني بذلك في حينه”.

عودة مسابقات توظيف الأساتذة

 أوضح وزير التربية الوطنية، أنّ مسابقات توظيف الأساتذة ستعود من جديد ولكن بصيغة جديدة، وذلك بعد توقّفها لعدة سنوات بسبب جائحة كورونا، وأشار إلى أنّ الوزارة كانت قد لجأت خلال تلك الفترة إلى التوظيف بالتعاقد لسدّ النقص في عدد الأساتذة.
وأكّد سعداوي، أنّ تنظيم هذه المسابقات سيتم حسب احتياجات كل ولاية، وفي الوقت المناسب، وعن طريق مسابقة وطنية تضمن الشفافية والمساواة بين الجميع، كما أضاف أنّ الهدف من هذه الخطوة هو تحسين مستوى التعليم وتوفير استقرار أكبر في القطاع التربوي.
كما صرّح الوزير، أنّ التحضير للمسابقات يجري بالتنسيق مع مصالح الوظيفة العمومية، لضبط شروط المشاركة وتحديد عدد المناصب حسب الحاجة الفعلية لكل ولاية، وأكّد أن الأولوية في التوظيف ستكون لخريجي المدارس العليا للأساتذة، باعتبارهم مكونين خصيصا لهذا المجال.وتجدر الإشارة، أنّ امتحان شهادة البكالوريا يجرى على مدار خمسة أيام، بمشاركة 878.857 مترشّحا، من بينهم أكثر من 330 ألف مترشّح حرّ، موزّعين عبر 2.964 مركز إجراء على مستوى جميع ولايات الوطن، وقد جنّدت السلطات قرابة 22 ألف عنصر من الحماية المدنية، إلى جانب أكثر من 24 ألف عون أمن، لتأمين محيط مراكز الامتحان وضمان سيرها في ظروف حسنة.
ومن بين الإجراءات التنظيمية الجديدة لهذه الدورة، وجهت وزارة التربية تعليمات، لتوفير أماكن مخصّصة للمترشّحين خلال فترات الراحة الفاصلة بين الفترتين الصباحية والمسائية، بهدف توفير جوّ مناسب ومريح للمراجعة، في المقابل، شدّدت الوزارة على ضرورة احترام قواعد الإنضباط والشفافية، ومنعت إدخال أو استعمال أي وسيلة اتصال داخل قاعات الإمتحان، حفاظا على مصداقية الشهادة الوطنية.