تفعيل الدور الجزائري الجيوسياسي والاقتصادي ببوابة افريقيا
رؤية استشرافية لتحقيق تنمية عادلة ومستدامة ومتوازنة بمختلف المناطق
استحداث أقطاب صناعية جديدة وخلق آلاف مناصب الشغل وتفعيل الاستثمار المنتج
ربط الشمال بالجنوب بمشاريع كبرى وخط السكة الحديــديــة أولويـة اقتصاديــة ناجعة
بفضل رؤية رئيس الجمهورية الاستشرافية، وحرصه على تحقيق تنمية عميقة ومستدامة بجنوب الوطن، يجري بناء وتدشين المشاريع الاستراتجية التي تسمح بتحقيق التكامل الاقتصادي بين ولايات الجنوب الغربي وتحويلها إلى قطب صناعي متين ومؤثر في الصناعات الثقيلة سيساهم بأبعاده في تفعيل دور الجزائر الجيوسياسي والاقتصادي في غرب إفريقيا ككل.
كشفت المشاريع الأخيرة المدشنة من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بولاية بشار، الوتيرة القوية لجهود تعميق التنمية المحلية عبر كامل التراب الوطني، من بينها تعزيز منطقة الجنوب الغربي بمشاريع ضخمة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وتنموية غير مسبوقة، والعديد منها سيساهم في تعزيز البنية التحتية الاقتصادية من سكك حديدية وكذا مشاريع هيكلية تستغل الثروات المتاحة في المنطقة.
ويراهن على سلسلة المشاريع في تغيير وجه المنطقة وتحويلها إلى رافد اقتصادي ووجهة تنموية جاذبة للاستثمارات المنتجة والمساهمة في تغير حياة سكانها للأفضل، على ضوء الثروات المنتظر ضخها بفضل حركية اقتصادية واسعة ستشهدها منطقة الجنوب في إطار التكامل التنموي لبناء اقتصاد وطني قوي ومنتج وكذلك يكون متنوعا ومرتكزا على سواعد الجزائريين.
بعث الحركية الاقتصادية
ينبغي التأكيد أن المشاريع الكبرى التي استفادت منها بشار، لها امتداد اقتصادي للجنوب الغربي للبلاد وخاصة ولاية تندوف، وستحولها على المديين المتوسط والطويل، إلى قطب صناعي ومنجمي متكامل يعد الأضخم والأهم على الصعيد الإقليمي، بفضل الثروات والمقدرات المتوفرة وكذلك على ضوء إرادة قوية لرئيس الجمهورية من أجل الاستغلال الأمثل لكل ماهو متاح، بهدف تطوير الحياة الاقتصادية في الجنوب الكبير.
وينتظر الاعتماد على نجاعة وأهمية المشاريع التنموية المنجزة في ترسيخ تنمية اقتصادية واجتماعية عميقة وشاملة تستحدث مناصب الشغل لسكان المنطقة، وتوسيع البنية التحتية شريان استراتيجي للمنظومة الاقتصادية، على اعتبار أن تنمية منطقة الجنوب الكبير، من بينها الجنوب الغربي وخاصة المناطق الحدودية، بما فيها بناء المعابر وعلى رأسها الرابطة مع موريتانيا كبوابة تجارية مستقبلية هامة. وأثر هذه المشاريع سينعكس بالإيجاب على ولايات غربية، من بينها وهران انطلاقا من النعامة.
وبالنظر إلى طبيعة المشاريع، يمكن القول إنها سترفع من المداخيل خارج قطاع المحروقات، إلى جانب أنها ستسمح بتصدير الحديد والصلب والذي سيحول الجزائر من رواد السوق وأهم ممونيه في المستقبل القريب. ونذكر من بين هذه المشاريع، مشروع خط السكة الحديدية الرابط بين بشار- تندوف- غارا جبيلات على مسافة تناهز 950 كلم، والذي دشن الشطر الأول منه على مسافة 100 كلم، من قبل رئيس الجمهورية، ويربط العبادلة ببشار.
ويمثل هذا الخط مفتاحا يبعث على حيوية قوية، ينتظر إضفاء حركية واسعة على المنطقة، وتقوم بدور استراتجي في الخط المنجمي الغربي، من خلال ضخ خام الحديد من منجم غارا جبيلات، المصنف من أكبر المناجم في العالم، نحو مناطق التصنيع والموانئ الجزائرية بشكل عام.
كما يرجح أن يقوم هذا الخط في نقل أكثر من 140 ألف طن يوميا من خام الحديد، وهذا ما يعزز من قدرات الجزائر التصديرية، ويكبح واردات الحديد. علما أنه من المقرر توسيع خط السكة الحديدية نحو ولاية أدرار وكذا من المنيعة إلى ولاية تمنراست.
تحقيق النهضة المنشودة
اقتحام الجزائر بمكانة مؤثرة لأسواق الحديد، سيكون فارقا على جميع المستويات، من خلال تعدد وتنوع المشاريع المستغلة للثروات الضخمة، ومن بينها نشير إلى مشروع مصنع المعالجة الأولية لخام الحديد المستخرج من منجم غارا جبيلات، ويندرج ضمن إطار الجهود الرامية لتثمين الموارد الطبيعية ومنح نفس جديد وقوي لمختلف الصناعات التحويلية، التي تراهن عليها الجزائر في المرحلة المقبلة في رفع حجم الناتج الداخلي الخام إلى مستوى 400 مليار دولار وكذا الرفع من نسبة النمو إلى أكثر من 4٪.
تعليمات رئيس الجمهورية، جاءت واضحة وتصب جميعها في الحرص على تحقيق النهضة المنشودة والتي يتطلع إليها الجزائريون وعلى وجه الخصوص سكان منطقة الجنوب الغربي.
وكان السيد الرئيس قد أمر بالانطلاق السريع والفوري في بناء مركب الصلب ببشار، وينتظر أن يرى النور كأقصى تقدير في سبتمبر 2026 من أجل إنتاج قضبان السكك الحديدية والهياكل المعدنية، وهذا ما يجعل الجزائر مرشحة أن تحتل مكانة هامة في أسواق الصناعات الثقيلة وفوق ذلك سيضخ هذا المركب الثروة ويستحدث مناصب شغل جديدة، ويعود بأثر اجتماعي مهم على سكان المنطقة.
الجدير بالإشارة، فإن تدشين ووضع حجر الأساس لإنجاز مشاريع استراتجية، عكس عزم وإرادة قوية قائمة من أجل الاستمرار في نهج مسار تنموي واعد برتم سريع، يتم فيه استغلال جميع المقدرات، خاصة بالنسبة للولايات الجنوبية ويكون أثرها جهويا ووطنيا، في وقت تبذل الجهود لتطوير المناطق الحدودية وتكريس التنمية المستدامة على مستواها، لأنها ستشارك وبقوة في تنمية المنظومة الاقتصادية المنطلقة بثقة في بناء مسارات متعددة للنمو وإنتاج القيمة المضافة.