طباعة هذه الصفحة

أستاذ الاستشراف الاقتصادي..أحمد الحيدوسي لـ “الشعب”:

الصّناعــة الصّيدلانية..رهـان تعزيـــز الإنتــاج المحـلي وزيادة التّصديـر

خالدة بن تركي

زيادة المساهمـة في  النّــاتج المحلـي الإجمــالي إلـى 12 بالمائــة

 يعتبر قطاع الصناعات الصيدلانية، أحد القطاعات الحيوية التي تعول عليها الحكومة لتعزيز الاقتصاد الوطني، حيث تم إدراجه في قانون الاستثمار الذي حدد القطاعات ذات الأولوية، والتي تتمتع بميزة تنافسية قادرة على المساهمة في رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 12 بالمائة في السنوات القادمة، ممّا يعكس أهمية هذا القطاع في تحقيق التنمية الاقتصادية.

 قال أستاذ الاستشراف الاقتصادي بجامعة البليدة والخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي في تصريح لـ “الشعب”، إن قطاع الصناعات الصيدلانية في الجزائر يحظى بدعم كبير من الحكومة، فمن خلال التركيز على تطوير هذه الصناعة، تسعى الجزائر إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد وتحفيز الإنتاج المحلي للدواء، كما أن الاستثمار في هذا القطاع يسهم في خلق فرص عمل، وتحسين القدرة التنافسية، ويعزز الأمن الصحي في البلاد.وأضاف المتحدّث، الجزائر تمتلك إمكانيات كبيرة سواء ما تعلق بالموارد البشرية أو من خلال تراكم الخبرات في هذا القطاع منذ سنوات طويلة، حيث عملت الجزائر على تطوير هذا القطاع بشكل متكامل، بدءا من التكوين الأكاديمي في الجامعات وصولا إلى تطبيق التجارب العملية التي ساهمت في تعزيز القدرة الإنتاجية.
وتابع حيدوسي التّراكم المعرفي والمهني الذي حقّقته الجزائر على مر السنين، يمثل رصيدا ثمينا يسهم في تعزيز قدراتها الصناعية، لا سيما في مجال الصناعات الصيدلانية، فهذا القطاع يعتبر من الركائز الأساسية التي يمكن أن تسهم بفعالية في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأدوية، مما يعزز من استقلالية البلاد، ويعزّز من قدرتها الاقتصادية والصحية.
وأكّد الخبير، أنّ قطاع الصناعة الصيدلانية يشهد تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة بفضل الاستثمارات الكبيرة والمجهودات المستمرة التي بذلتها الحكومة، تقدّم لم يقتصر فقط على زيادة الإنتاج المحلي، بل ساهم أيضا في تحسين جودة الأدوية المنتجة، ممّا مكّن الجزائر من تحقيق أكثر من 70 بالمائة من الاكتفاء الذاتي في هذا المجال.
وأضاف في ذات السياق، أنّ الجزائر تمتلك أكثر من 200 وحدة إنتاجية منتشرة عبر مختلف المناطق، ممّا يعكس التزام الدولة بتطوير هذه الصناعة الاستراتيجية وتعزيز قدرتها في مجال الرعاية الصحية، وقد ساهم هذا الانتشار الواسع في تعزيز الانتاج المحلي بشكل ملحوظ، ممّا يتيح تلبية احتياجات السوق المحلي بشكل أكبر وتقليص الاعتماد على الاستيراد.كما أنّ هذا التّوسّع في الوحدات الإنتاجية - يقول الخبير - يسهم بشكل كبير في تحسين نوعية الأدوية المنتجة محليا، ممّا يرفع من كفاءة القطاع ويعزز من الثقة في المنتجات المحلية، إضافة إلى ذلك يعزّز هذا التوسع الاستدامة الاقتصادية في القطاع الصيدلاني، حيث يسهم في تنويع مصادر الدخل وتقليل التبعية للاستيراد، ممّا يدعم الاقتصاد الوطني ويحفّز النمو المستدام في هذا المجال الحيوي.وصرّح أيضا أنّ هذه الوحدات الإنتاجية توفر فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ممّا يساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير هذه الصناعة لا يقتصر على تلبية احتياجات السوق المحلي فحسب، بل يفتح آفاقا جديدة للتوسع في أسواق التصدير، حيث بدأت الجزائر في تصدير بعض الأدوية إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط، ممّا يعزّز من مكانتها كمركز إقليمي رئيسي في صناعة الأدوية، ويتيح لها تعزيز حضورها على الصعيد الدولي، وبالتالي تحقيق نمو اقتصادي.وأكّد أستاذ الاقتصاد، أنّ الجزائر تتمتّع بموقع جغرافي استراتيجي يسهل التوسع في الاسواق الدولية، ممّا يعزز فرص تصدير الأدوية إلى العديد من الدول، كما أنّ الدعم والتحفيزات المقدمة من طرف الحكومة، سواء من خلال التمويل البنكي الميسر أو المرافقة للمشاريع الاستثمارية ذات الأولوية، يمثل عاملا أساسيا في دفع نمو القطاع، هذا الدعم يساهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويحفّز الشّركات على توسيع نشاطها ممّا يحسّن القدرة الإنتاجية وزيادة التصدير.كما أشار الخبير إلى أبرز الأمثلة على النجاح في هذا المجال، وهو دخول مجمّع صيدال إلى السوق السنغالي، حيث لاقت المنتجات الجزائرية إقبالا كبيرا في هذا السوق، وأيضا في السوق الغربي الأفريقي بشكل عام، هذا النجاح يعكس القدرة على تلبية احتياجات هذه الأسواق من الأدوية ذات الجودة العالية وبأسعار تنافسية، ممّا يعزّز مكانتها كمصدر رئيسي في هذا القطاع، كما يسمح هذا التوسع آفاقا واسعة للجزائر لزيادة حجم صادراتها من الأدوية.
وأكّد الحيدوسي بناء على التطور الذي شهده القطاع، يمكن القول إنّ الصناعات الصيدلانية أصبحت أحد المفاتيح الرئيسية لتحقيق التنمية الصناعية في الجزائر، حيث تهدف الحكومة إلى رفع نسبة مساهمتها في الناتج الإجمالي من 7 إلى 12 بالمائة في السنوات المقبلة، وهذا الهدف يتماشى مع استراتيجيات الحكومة لتعزيز التنوع الصناعي، وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز.أضاف أستاذ الاستشراف من خلال دعم قطاع الصناعات الصيدلانية، تهدف الجزائر إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في الأدوية وزيادة صادراتها، ممّا يساهم في تحسين التوازن التجاري وخلق فرص عمل جديدة، كما أنّ الحكومة تواصل توفير الحوافز الاستثمارية وتطوير البنية التحتية لقطاع الأدوية، ما يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا المجال الحيوي.
وأكّد بذات الخصوص، أنّ الجزائر تسعى بالفعل لتعزيز قطاع الصناعات الصيدلانية بشكل كبير من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتغطية الطلب المحلي في الأدوية، حيث ستتمكّن البلاد من تقليل الاعتماد على الواردات، ممّا سيسهم في تحسين الميزان التجاري وتقليل العجز التجاري، وأضاف زيادة الصادرات يمكن أن يعزز الاقتصاد الوطني، ويفتح أسواقا جديدة للمنتجات الصيدلانية الجزائرية.كما أنّ التركيز اليوم - يضيف الخبير - على تحسين البنية التحتية وتوفير حوافز استثمارية، على سبيل المثال الحكومة تعمل على تطوير مراكز صناعية متخصصة في الأدوية والمعدات الطبية، بالإضافة إلى تحسين شبكات النقل واللوجستيات لضمان تسهيل حركة السلع والمنتجات، بالإضافة إلى إطلاق برامج لتسهيل الإجراءات الإدارية الخاصة بالاستثمار، مثل تقليل العراقيل وتقديم إعفاءات ضريبية للمستثمرين، هذه الحوافز تساعد في خفض تكاليف الإنتاج، وتعزيز جاذبية السوق الجزائرية للاستثمار.
وفي الختام، أكّد أنّ الحكومة تعمل على تعزيز التعاون مع الشركات المحلية والدولية لتطوير مشاريع مشتركة، ممّا يسهم في نقل التكنولوجيا وتعزيز الابتكار المحلي في القطاع، ومن المتوقع أن تساهم هذه الإستراتيجية في جذب الشركات الكبرى في صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية من الخارج، ممّا يعزّز مكانة الجزائر كمركز إقليمي رائد في هذا المجال.