أملاك الدولـة ومسح الأراضـي والحفـظ العقـاري بـين أيـدي أمينـة
تتجه الجزائر بخطوات ثابتة نحو بسط السيادة الرقمية بعد أربع سنوات من العمل الجاد لوضع الأسس القاعدية لبناء نظام بيئي رقمي في ترجمة متميزة للإرادة السياسية القوية لرئيس الجمهورية لإنجاح والإسراع في التحول الرقمي، حيث أعلنها معركة صريحة ضد كل أشكال البيروقراطية، والتأكيد على تعميم ووضع المنشآت القاعدية التكنولوجية من حيث الشبكات، الانترنت، المنصات الرقمية التي فاق عددها 300 منصة من خلال البوابة الحكومية للخدمات العمومية المعاصرة.
بسط السيادة الرقمية أصبح ضرورة حتمية بحكم التحديات الأمنية والسيبرانية في تأمين وحماية المعلومات والبيانات والمعطيات الشخصية والسيادية، سيما وأن الجزائر جزء من المنظومة العالمية، حيث تسعى إلى انتهاج التجديد والعصرنة لمواكبة هذه الموجة العابرة للحدود والقارات، في المقابل ما زال الواقع يبرز الحاجة الكبيرة إلى المزيد من العمل لتحقيق الغايات المطلوبة ولو مرحليا، هذه التحوّلات دفعت بالسلطات العمومية إلى وضع آليات ترتكز أساسا على استعمال الوسائل الحديثة المادية منها والبشرية لتكون القاطرة الـتي تخوض بها عملية تحسين وتعزيز الإدارة العمومية الجزائرية والقفز بها إلى مستوى المثالية.
في هذا الإطار تعمل الجزائر على تدعيم البنية التحتية الرقمية من خلال الشروع في إنشاء مركز بيانات وطني لتجميع البيانات القطاعية، حيث تم اختيار شركة “هواوي” الصينية بناء على صفقة بالتفاوض المباشر مع المحافظة السامية للرقمنة، وهذا بعد التقييم المرحلي لتقدم عملية الرقمنة والتي أظهرت تقدم الربط بين مختلف الهيئات والإدارات العمومية، ليدخل التحول الرقمي بالجزائر مرحلة أخرى من خلال تعزيز بنيتها التحتية بدعامة رقمية لا تقل أهمية عن سابقاتها من أجل تسريع تحول مختلف الإدارات.
.. الأمان السرعة والفعالية في معالجة ودراسة البيانات..
وتعوّل الجزائر على مركز بيانات حكومي ذات الدخول الواحد ليكون قطبا يجمع بين كل الوزارات والإدارات، بالنظر لأهميته الكبيرة في اختصار الوقت والجهد، حيث يوفر منصات مشتركة لتبادل الوثائق والبيانات، وسيتبع باستحداث شبكة الإنترانت الحكومية “RIG” لتأمين المعطيات التي يتشاركها العديد من الوزارات، ناهيك عن البوابة الإلكترونية لتوحيد الولوج إلى الخدمات العمومية المقدمة، وسيتم الإسراع في استعمال التصديق والتوقيع الالكترونيين اللذين سيحلان الكثير من المشاكل وسينهي مرحلة التعامل بالأوراق ويسرع من المعاملات الإدارية.
ويشكّل انجاز مركز بيانات وطني أحد الدعائم المهمة للرقمنة، بحيث يعتبر بنية تحتية لتخزين المعطيات والتطبيقات بصفة آمنة وسريعة وفعالة في معالجة ودراسة البيانات، وتحت تسيير آمن، ما سيسمح بتغير طريقة العمل وتسهيل الإجراءات وتبادل المعلومات التي هي الأخرى كان لزاما أن تحيّن حتى تتكيّف وتواكب المنصات والأنظمة التي توضع على مستوى المؤسسات والإدارات أو حتى القطاعات المعنية.
تعميم الربط بالألياف البصرية.. أولوية
ويقابل هذا الأمر تزايد استعمال لشبكة الانترنت بالجزائر، وهو ما تؤكده آخر احصائيات وزارة البريد والاتصال السلكية واللاسلكية، التي تتبنى إستراتيجية لتحسين معدل النفاذ للإنترنت الثابت، من خلال رفع عدد الأسر الموصولة بالشبكة وتطوير نجاعة شبكة النفاذ وعصرنتها عن طريق إعطاء الأولوية لاستخدام شبكة الألياف البصرية وتكنولوجيا الألياف البصرية إلى غاية المنزل.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى ربط ثلثي الأسر عبر التراب الوطني بشبكة الإنترنت الثابت بحلول عام 2024 لبلوغ عدد 6 مليون أسرة، ووصل عدد مشتركي الهاتف الثابت إلى 5.7 مليون أسرة موصولة في السداسي الأول من سنة 2024، ما يمثل بلوغ مختلف الأهداف المرحلية المسطرة، فيما ارتفع أيضا عدد الأسر الموصولة بشبكة الالياف البصرية إلى غاية المنزل 1.5مليون أسرة في أكتوبر 2024 ، مع تبني مقاربة متوازنة لتعميم تكنولوجيات الاعلام والاتصال على مستوى كل التراب الوطني، ما جعل بلادنا تحتل المرتبة الثانية افريقيا بعد جنوب افريقيا يبلغ عتبة المليون مشترك بتقنية الألياف البصرية إلى غاية المنزل.
وقدرت الحظيرة الاجمالية لمشتركي انترنت الهاتف النقال في الثلاثي الثاني من سنة2024 بـ 49.26 مليون مشترك بالنسبة للمتعاملين الثلاث، وهي ما يمثل حوالي 94.35 % من مجموع مشتركي الانترنت في الجزائر، حيث بلغ عدد مشتركي الجيل الرابع بحوالي 35.9 مليون مشترك في حين بلغ عدد مشتركي الجيل الثالث حوالي 2.1 مليون مشترك.
ومن أجل تأمين وضمان استمرارية خدمات المواصلات السلكية واللاسلكية وتعزيز وزيادة عرض النطاق الترددي الدولي، عمل القطاع على تنويع الوصلات البحرية التي تربط الجزائر ببقية العالم، تطوير قدرة الكابلات المستعملة حاليا، ما سمح بتعزيز الكابلات الحالية بزيادة سعة عرض النطاق الترددي الدولي بشكل كبير، حيث تصل السعة المجهزة للشبكة الدولية للاتصالات إلى 9.8 تيرابيت/ثا في 2024.
وبالعودة إلى مخطط الرقمنة بالجزائر فقد حقق أشواطا مهمة بمختلف القطاعات سيما بقطاع التعليم العالي، العدالة، التربية، التكوين المهني، قطاع العمل والتشغيل، وهذا بفضل الإرادة السياسية، وتوجيهات الرئيس التي كانت بمثابة القوة الدافعة والمحفزة للذهاب نحو الأمام من أجل تحقيق هذا المسعى على أرض الواقع، من أجل تقديم خدمات عمومية رقمية نوعية مؤمنة سريعة وبأقل تكلفة، ما من شأنه ترشيد نفقاتها وتدعيم أسس الحوكمة الإلكترونية وتجسيد مبدأ السيادة الوطنية الرقمية.
..حفظ وحماية الحقوق العقارية بنقرة رقمية..
ومؤخرا حقق قطاع المالية إنجازا كبيرا على مستوى أملاك الدولة، حيث تم استلام مشروع شبكة الأنترانت WAN، للمديرية العامة للأملاك الوطنية، بالتعاون مع شركة اتصالات الجزائر، بموجب اتفاقية تعاون بين المؤسستين ما مكّن من ربط 587 مصلحة تابعة للمديرية العامة للأملاك الوطنية موزعة عبر405 مقر إداري، بالمقر المركزي الذي يحتضن مركز المعلومات والبيانات الوطنية المسحية والعقارية الذي يضم أكثر من 19 مليون مسجل والمتصل بدوره بمركز البيانات لوزارة المالية، إلى جانب تطوير العديد من الحلول والتطبيقات الالكترونية، لتأهيل مهام ونشاطات إداراتها، ولتقديم خدمات عصرية بالطرق الالكترونية لفائدة المواطنين والمهنيين.
ويعد رقمنة أملاك الدولة مشروع حيوي ذو بعد وطني، كونه تضمن محورين أساسين وهما توصيل شبكة الألياف البصرية، لجميع المقرات الإدارية عبر التراب الوطني، وتزويد كل المصالح بالتجهيزات الضرورية لتشغيل الشبكة مع ضمان نقل وأمن المعلومات، حيث سيساهم في انهاء فترة الفوضى التي عرفها العقار بالجزائر ووضع حد للاعتداءات التي طالته ووضع بطاقية رقمية له ما من شأنه حفظ وحماية الحقوق العقارية، بهدف وضعه في خدمة المصالح العليا للبلاد ولمشاريعها الإستراتيجية خاصة الموجهة للاقتصاد والمجتمع وحتى الفلاحة.