طباعة هذه الصفحة

تحــــــوّلات أحدثــــت طفـــــــرة تنمويــــــة في منطقـــــة الجنـــوب الغربــــــي

تــنـــــــــــــدوف.. من ولاية نائية إلى قطب اقتصادي عملاق

تندوف: علي عويش

 

 الرئيــــــــــــــس تبـــــــــــون.. قائـــــــــــد التنميـــــــــــة بالولايــــــــــة ورائـــــــــــد مشاريعهـــــــــــا الاستراتيجيـــــــــــــة

تعتبر زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الى ولاية تندوف، في 30 نوفمبر من العام 2023، حدثاً بارزاً في سياق تطوير الجزائر وإحداث طفرة تنموية في منطقة الجنوب الغربي، ولعلّ مرور عام على تلك الزيارة يُتيح لنا فرصة لتسليط الضوء على أهميتها وأبعادها السياسية، الاقتصادية والاجتماعية وأثرها على الوضع المحلي والوطني والاقليمي.

شكّلت الأهمية الاقتصادية لولاية تندوف وما تزخر به من مقوّمات ومؤهلات تنموية نقطة ارتكاز في الاقلاع الاقتصادي الذي نظّر له ووضع أُسسه الرئيس تبون، من هنا، كانت الزيارة محط اهتمام كبير، خاصة في ظل تخصيص رئيس الجمهورية برنامجاً تكميلياً للولاية حمل في طيّاته معالم تغيير واضحة في المنطقة.
الزيارة التاريخية الاولى لرئيس الجمهورية الى ولاية تندوف، كانت بمثابة فرصة للتأكيد على أهمية دعم التنمية بالولايات الجنوبية وتوجيه الاستثمارات إليها بهدف تحسين البنية التحتية بها والرفع من مستوى المعيشة للسكان.
خلال الزيارة، أعلن الرئيس تبون عن عدة مشاريع تنموية في إطار برنامج تكميلي خُصّص له غلاف مالي ضخم، مسّ قطاعات الصحة، الموارد المائية، التعليم، النقل، والسكن، هذه المشاريع، تعتبر خطوة كبيرة نحو تقليص الفجوة التنموية بين مختلف مناطق الوطن، وإعطاء دفعة قوية لمشاريع التنمية المستدامة في المنطقة، وهو ما من شأنه تعزيز قدرة الولاية على أن تصبح مركزاً اقتصادياً حيوياً في الجنوب الغربي.
زيارة الرئيس تبون الى ولاية تندوف كشفت عن الأفق الاقتصادي للمنطقة الذي يحمل الكثير من الفرص، خصوصاً في مجالات التجارة الخارجية، والمناجم، وهو ما سيعزّز مكانة الجزائر كقوة صناعية، فالزيارة التاريخية كانت خطوة استراتيجية على أكثر من صعيد، سواء من ناحية تعزيز الاستقرار المجتمعي أو دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومع مرور عام على تلك الزيارة، بدأت معالم بناء مستقبل مزدهر ومستدام للمنطقة، بما يتوافق مع تطلّعات سكانها.
أولى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون اهتماماً خاصاً بالمناطق الحدودية للبلاد، معتمداً في ذلك على مقاربة تعتبر هذه المناطق جزءًا من الأمن القومي والاقتصادي للجزائر، وتنظر السلطات العليا الى هذه المناطق التي تمتد عبر الحدود مع العديد من الدول المجاورة على غرار تونس، ليبيا، النيجر، مالي، موريتانيا، الصحراء الغربية، تنظر إليها كمناطق استراتيجية من الناحيتين الأمنية والاقتصادية.
وعلى هذا الأساس، أطلق الرئيس تبون عدة مشاريع مهيكلة بالمناطق الحدودية تهدف الى تحسين الظروف المعيشية في هذه المناطق وتثمين مواردها بشكل كامل، ولعلّ من أبرز مجهودات الرئيس تبون في هذا الصدد هو إعادة ربط الجزائر بعمقها الافريقي عبر ولايات الجنوب الكبير.
 رؤيــــة جديــــدة لمستقــــبل مشــــــرق
كانت لتبون رؤية واضحة لتطوير المناطق الحدودية وتعزيز البنية التحتية فيها، من خلال الاعلان عن العديد من المشاريع الكبرى التي تستهدف تحسين الحياة اليومية للمواطنين في هذه المناطق، مع التركيز على ضخ ميزانيات ضخمة لتوسيع شبكة الطرقات والسكك الحديدية على غرار الخطّين المنجميين الغربي والشرقي، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والخاصة في قطاع الفلاحة بولايات الجنوب عبر توفير التسهيلات القانونية والمالية والإدارية للمستثمرين الوطنيين والأجانب، الى جانب إطلاق العديد من مراكز التصنيع للشروع قريباً في تحويل الموارد الوطنية لاستغلالها في صناعة وطنية حقيقية وافتتاح مناطق حرة للتبادل مع دول الجوار، مما سيساهم في تعزيز التجارة البينية مع هذه الدول وتحقيق التنوّع الاقتصادي.
تحتل ولاية تندوف مكانة استراتيجية في الاقتصاد الوطني، رغم كونها تشهد تحدّيات كبيرة خاصةً في مجال التموين، هذه الولاية التي تضم بلديتين ودائرة واحدة، وضعها رئيس الجمهورية ضمن الركائز الاساسية التي ترتكز عليها سياسة الجزائر الاقتصادية، لما تتمتع به من موارد طبيعية هائلة وفرص متعدّدة لتعزيز التنمية الاقتصادية، وبفضل سياسة تبون، بدأت السلطات العليا في البلاد تولي اهتماماً خاصاً لهذه المنطقة سعياً منها لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تُسهم في رفع مستوى المعيشة لسكانها وتُحسّن وضعهم الاقتصادي. ومن أبرز المقومات الاقتصادية للولاية، هو مواقعها السياحية الفريدة وتوافر كميات هائلة من الحديد والغاز والمعادن الثمينة، الى جانب موقعها الاستراتيجي كبوابة للجزائر نحو دول غرب افريقيا، وهي أبرز العناصر التي تسعى السلطات الى استغلالها دعماً للاقتصاد الوطني، ومكّنت الولاية من أن تُصبح ولاية محورية في تعزيز الميزان التجاري وتحقيق التوازن المالي في البلاد.
مكّن الموقع الجغرافي لولاية تندوف من جعلها نقطة وصل استراتيجية بين الجزائر وغرب افريقيا، مما منحها أهمية اقتصادية على مستوى التجارة الاقليمية، وتمثّل الولاية بوابة عبور للتجارة بين الجزائر وموريتانيا، ونتيجةً لذلك، يشهد المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد حركية متزايدة للقوافل التجارية، الى جانب الشروع في إنشاء منطقة حرة للتبادل هي الأولى من نوعها بالجزائر، ما سيعزّز من الصادرات الجزائرية نحو الدول الافريقية.
وتعتبر منطقة التبادل الحر بتندوف نقطة محورية لتسهيل حركة السلع والبضائع وتوفير فرص اقتصادية جديدة في مجالات التصدير والاستيراد يمكن لتطوير التجارة الحدودية أن تُسهم في توفير فرص عمل جديدة وتحقيق النمو الاقتصادي بالولاية.
وفي إطار الاستراتيجية التي وضعها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وزيارته التاريخية الأولى لتندوف، أصبحت الولاية محط اهتمام خاص، حيث تم إطلاق العديد من المشاريع التنموية في قطاعات عديدة، مثل مشروع الخط المنجمي الغربي الرابط بين ولاية بشار ومنجم غار الجبيلات على مسافة 950 كلم، وإنشاء مناطق نشاطات جديدة وتعزيز البنية التحتية بها لتحفيز الاستثمارات وتوزيع آلاف الوحدات السكنية مع التركيز على أشغال التهيئة الخارجية داخل الأحياء.
النظرة الاستشرافية للرئيس تبون الى ولاية تندوف التي خصّها بزيارتين متتاليتين، جعل منها مركزاً حيوياً في الاقتصاد الوطني، فهي –أي تندوف- تعتبر مصدراً هاماً للحديد الذي سيدعم الصناعة الجزائرية، كما تتوفر على فرص كبيرة في مجالات السياحة والتجارة واللوجيستيك، ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذه المنطقة، إلا أن جهود السلطات العليا المبذولة لتحسين بنيتها التحتية وتطوير قطاعاتها الاقتصادية، قد أسهمت بشكل فعّال في وضع أولى اللبنات لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة للولاية، تمتد تبعاتها الى كامل التراب الوطني.
ملتقــــى وطنــي حــول آفـاق منجـــم غـارا جبيـــلات
تستعد ولاية تندوف، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للشباب، لاحتضان ملتقى وطني حول “الآفاق التي يتيحها منجم غارا جبيلات محليا و ووطنيا”، وذلك خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 14 ديسمبر الجاري.
أوضح والي تندوف، مصطفى دحو أمس الأحد، أنه ينتظر أن يشارك في هذا اللقاء ما يزيد عن 150 شاب من مختلف الولايات، إلى جانب ثلة من الخبراء والمسؤولين والإطارات من مختلف القطاعات، مما سيتيح للشباب فرص التعرف على نوعية الاختصاصات التي يمكن الولوج إليها لمرافقة الحركية الاقتصادية بالولاية، بالنظر إلى ما يقدمه مشروع استغلال منجم غارا جبيلات من آفاق واعدة.
وأكد المسؤول ذاته أن” من شأن هذا الملتقى الوطني الأول من نوعه بالولاية أن يساهم في بعث الحركية الاقتصادية وفتح آفاق لشباب المنطقة والشباب الجزائري بصفة عامة، في مجال التوظيف والمناولة وإنشاء المؤسسات المصغرة والمؤسسات العائلية وغيرها”.
وسيسمح للشباب القادم من مختلف مناطق الوطن بالتدارس وعقد لقاءات تشاورية وزيارات ميدانية لمنطقة غارا جبيلات رفقة شباب الولاية، حيث يتمثل الهدف الأساسي من الملتقى في إبراز الآفاق التي يتيحها منجم غارا جبيلات على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وكذا فرص الاستثمار التي يوفرها هذا المشروع المهيكل، وفق المسؤول ذاته.
وسيعزّز الملتقى العلاقة بين قطاع المناجم والجامعة والتكوين المهني ومختلف المؤسسات، من أجل تكوين يد عاملة مؤهلة في الاختصاصات التي يحتاجها هذا المشروع الضخم.
للإشارة، عقد بمقر ولاية تندوف جلسة عمل حضرها ممثلو المجلس الأعلى للشباب وخبراء من الشركة الوطنية للأبحاث والاستغلال المنجمي “سوناريم” من أجل التباحث حول مختلف محاور الملتقى.