من أجل عالم أكثر عدلا ومجلـس أمن فاعـل..

تمكين المجتمع الدولي من حقوقه المشروعة في السلام

آسيا قبلي

الصوت الجزائري يصدح باسم العرب والمسلمين والأفارقة وأحرار العالم 

حشد الجهود لإعادة الاعتبار لدور مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة 

تصحيح الظلم التاريخي على القارة الإفريقية..الغائب الوحيد في فئة المقاعد الدائمة

رافعت الجزائر في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة لأجل إصلاح مجلس الأمن، أمام حالة التصدّع التي أصابت منظومة الأمن الجماعي وما يهدّدها من تلاشي واندثار، وسجلت أن مجلس الأمن لم يعد يضطلع بدوره ليقول كلمة الفصل في النزاعات، وفرض الحلول وفق مهامه التي يخوّلها له الميثاق الأممي.

 ودعت الجزائر إلى إصلاح المنظومة الأمنية إثر العجز الذي أصاب مختلف هيئاتها، وضرورة متابعة تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومعاقبة الدول التي تتحداها، وتخرج عن إجماع المجموعة الدولية، كما دعت إلى تمكين الجمعية العامة من دورها، كونها هيئة تضم مختلف الدول الأعضاء في الهيئة، إضافة إلى منح مساحة أوسع لمجموعة الدول المنتخبة التي أثبتت قدرتها على تقريب وجهات النظر بين الدول دائمة العضوية.
في السياق، دعت الجزائر الأربعاء المنصرم بنيويورك إلى حشد الجهود من أجل إعادة الاعتبار لدور مجلس الأمن، ومنظمة الأمم المتحدة، مؤكدة على ضرورة تصحيح الظلم التاريخي المسلط على القارة الإفريقية التي تظل الغائب الوحيد في فئة المقاعد الدائمة والأقل تمثيلا في المقاعد غير الدائمة.
وقال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، في كلمة خلال مناقشة مفتوحة رفيعة المستوى عقدها مجلس الأمن حول “القيادة من أجل السلام” في إطار بند جدول الأعمال “الحفاظ على السلام والأمن الدوليين”، أن الجزائر تدعو إلى “حشد الجهود ومضاعفتها من أجل إعادة الاعتبار لدور مجلس الأمن بشكل خاص ولدور المنظمة الأممية”، مبرزا خمسة محاور يجب الارتكاز عليها من أجل تحقيق ذلك.
وأكد الوزير على ضرورة “الإسراع في تجاوز منطق الاستقطاب وتحسين مناخ العمل في مجلس الأمن، عبر فتح مجال أكبر وخلق مساحة أوسع لمجموعة الدول المنتخبة (E-10)”، مبينا أن هذه المجموعة “أثبتت قدرتها على تقريب وجهات النظر ومدّ جسور التواصل والتفاهم بين الدول دائمة العضوية بالمجلس بهدف بلورة حلول توافقية ترضي الجميع، وتعلي راية الصالح العام وتخدم السلم والأمن الدوليين”، كما شدّد على ضرورة متابعة تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومحاسبة الأطراف التي يثبت تحديها لهذه القرارات وتجاهلها لإرادة المجموعة الدولية، منبها إلى أن “الطابع الإلزامي يبقى لصيقا بجميع قرارات مجلس الأمن، على غرار تلك التي تم تبنيها بخصوص القضية الفلسطينية، وبالتالي، فإن الحرص على تفعيلها ونفاذها على أرض الواقع يظل من صلب اختصاصات مجلسنا هذا”، يقول عطاف.
ولتحسين التنسيق بين مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بخصوص المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين، اعتبر عطاف “تحرك الجمعية العامة في مواقف عجز مجلس الأمن، يجب تشجيعه وتثمينه لبناء علاقة تكاملية، لا تصادمية، بين هذين الجهازين الرئيسيين للأمم المتحدة”.
كما تتضمن ركائز دعوة الجزائر لإصلاح مجلس الأمن والمنظمة الأممية جانبا يتعلق بالمهام والمسؤوليات المنوطة بالأمين العام للأمم المتحدة بصفته المشرف الأول على المنظمة الأممية، والمسؤول الأول عن أدائها، حيث أوضح الوزير أن “الأمين العام يجب أن تكون له الحرية الكاملة والمطلقة في المبادرة بأي مسعى دبلوماسي يصّب في خدمة السلم والأمن الدوليين، ولا ينبغي - بأي حال من الأحوال - أن تكون تحركاته مقيّدة بتوافق مسبق يستحيل - في أغلب الأحيان - تحقيقه على مستوى مجلس الأمن”.
ولدى تطرقه إلى إصلاح مجلس الأمن، أكد عطاف أن ذلك يكون “عبر دمقرطة أساليب عمله وتوسيع العضوية فيه عبر تركيبة أوسع تكون أكثر تمثيلا للمجموعة الدولية في المرحلة الراهنة” مشيرا إلى أن “الأولى ثم الأولى بالنسبة لنا في مسعى كهذا، هو تصحيح الظلم التاريخي المسلط على قارتنا الإفريقية التي تظل الغائب الوحيد في فئة المقاعد الدائمة والأقل تمثيلا في فئة المقاعد غير الدائمة”.
وعلى هذا الأساس، أكد عطاف على أن “الأزمة الحادة التي تطال العمل الدولي متعدد الأطراف تعد الأخطر والأشد في تاريخ المنظمة الدولية، بالنظر لجسامة تجلياتها على مختلف المستويات وعلى أصعدة عدة”، مستدلا بتصاعد منطق “توازن القوى” وعودة النزعة الأحادية والفردية والانطواء على الذات على حساب نهج تعددية الأطراف الذي تجسده وتكرسه المنظمة الأممية التي بعثت أصلا لبناء وتنويع الترابطات بين أعضائها.
وتأسف عطاف لـ«تزايد وتفاقم وتراكم الأزمات والنزاعات والحروب بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر للعلاقات الدولية، في ظل تراجع متنام للتقيد بمنظومة القانون الدولية واحترامها بكل مراجعها وثوابتها وضوابطها”، مسجلا - بكل حسرة - “شحّ وعقم المبادرات الدولية الرامية لحل هذه الأزمات والنزاعات والحروب في ظل الإضعاف اللافت لمنظمتنا الأممية في المشهد الدبلوماسي العالمي”.
وبعد أن نبه إلى أن “مجلس الأمن صار اليوم يسجل تتابع الأزمات وتراكمها كبنود قارة ودائمة على جدول أعماله دون أن يكون له أي قرار حاسم أو أي دور بارز أو أي قول فصل في تحديد معالم الحلول المنشودة وفرضها كما يخوّل له ذلك ميثاق الأمم المتحدة”، شدّد عطاف على أن ذلك شكّل “ضوءا أخضر بالنسبة لمفتعلي الأزمات والساعين لتغذيتها وإطالة أمدها، وبالنسبة لمن كانوا ولا يزالون يرون في الشرعية الدولية وفي ميثاق منظمتنا الأممية حاجزا يحول أمام تحقيق أهدافهم ومخططاتهم”.
واستدل عطاف - في هذا المقام - باستمرار حرب الإبادة الجماعية المفروضة على الفلسطينيين في قطاع غزة، دون أن يلقى الاحتلال الصهيوني الاستيطاني أي وازع وأدنى رادع للكف عن ممارساته الإجرامية وانتهاكاته اللاأخلاقية واللاإنسانية.
 وطرحت الجزائر ملفات تتعلق بالتطورات في الشرق الأوسط، والعدوان الصهيوني على دولتي فلسطين ولبنان، في وقت تغيب فيه أية آلية لردع الكيان المحتل. وتسجل الجزائر حضورها هذه المرة بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن حيث نجحت في تمرير قرارات تخص فلسطين المحتلة.
 لقـــــــــــــاءات ثُنائيـــــــــــــــة مكثفــــــــــــــــــة
مشاركة الجزائر في أشغال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، طبعتها لقاءات ثنائية مكثفة بين وزير الخارجية أحمد عطاف، ونظرائه من مختلف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، انطلاقا مما يجمع بين الجزائر وتلك الدول من تمسك بمبادئ القانون الدولي وقيم ميثاق الأمم المتحدة. إلى جانب بحث تنسيق المواقف على المستوى الإقليمي بين ممثلي الدول العربية على مستوى جامعة الدول العربية، وكذا على مستوى الاتحاد الإفريقي بما يخدم السلم والأمن الدوليين. كما كان لوزير الخارجية الجزائري لقاء مع وزير خارجية أوكرانيا، واستعرضا لتطورات الأزمة الأوكرانية، علما أن الجزائر انضمت إلى منصة “أصدقاء السلام” لحل أزمة أوكرانيا، التي تضمّ 13 دولة من بلدان الجنوب للتشاور على مختلف المستويات ومع كافة الأطراف، وقد أنشئت المنصة بدعوة من الصين والبرازيل، وقال ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع عن دعم الجزائر للمبادرة الشاملة والبناءة التي تهدف إلى وضع حد لهذا النزاع في أقرب وقت ممكن، خاصّة وأن “ذلك سيكون تماشيا مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وأخذا بعين الاعتبار الشواغل الأمنية المشروعة للطرفين”.
دور فعّـــــــــــــــــــــال
من جهة أخرى، اجتمع الوزير أحمد عطاف مع الأمين العام لجامعة الدول العربية لبحث مستجدات الأوضاع بالأراضي الفلسطينية المحتلة وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة في ظل استمرار حرب الإبادة المسلطة على الشعب الفلسطيني الشقيق، وتواصل النهج التصعيدي الصهيوني متعدّد الأوجه والجبهات في المنطقة برمتها. وقد أشاد الأمين العام للجامعة العربية - في هذا الصدد - بالدور الفعّال الذي تلعبه الجزائر، بصفتها العضو العربي بمجلس الأمن الأممي، في الدفاع عن القضية المركزية للأمة العربية.
وشاركت الجزائر في اجتماعات المجموعات الجيوسياسية التي تنتمي إليها، على غرار جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز وكذا مجموعة الـ77 والصين.
وسجّلت الجزائر، خلال فعاليات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تمسكها بمواقفها الثابتة، إزاء القضايا العادلة وقضايا السلم والأمن الدوليين، وتسليط العقاب على المخالفين للقانون الدولي، لإنهاء حالة الفوضى، والتعدي على قواعده التي شجعت على تكرار العدوان والهروب في مناطق مختلفة من العالم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024