طباعة هذه الصفحة

الخبير الاقتصـادي فريد كورتل لـ “الشعـب”:

الإصلاحات التّشريعية.. دحــض الفسـاد وقمع المفسديــن

فضيلـــــة بودريـش

 قال الخبير الاقتصادي، فريد كورتل، إنّ الحرب على الفساد استندت إلى منظومة قانونية صارمة تجعل من الشفافية مسارا إجباريا وطبيعيا، وتجهض - بشكل تلقائي - كل محاولات التلاعب أو العبث بالمال العام، وراهن كورتل على هيئة الشفافية، متوقّعا أنّ تحقّق الجزائر كثيرا من المكاسب باضمحلال الفساد، وضمان الحوكمة الرشيدة، ما يحقق التزام رئيس الجمهورية بـ “أخلقة الحياة العامة” سياسيا واقتصاديا.

 عرض الخبير الاقتصادي، الدكتور فريد كورتل، أهم ما تجسّد على أرض الواقع من التزام رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، حول تكريس سقف عال من الشفافية في إدارة المال العام ومكافحة الفساد والوقاية منه، مسلّطا الضوء على المعركة التي تم خوضها بإرادة قوية، وفي ظرف زمني حسّاس، وأشار الخبير كورتل إلى أنّه من دون العودة إلى أربع سنوات ماضية، لا يمكن تشريح أبرز ما تحقّق من مكاسب في عهدة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خاصة بعد طرح إصلاحات أرست القطيعة مع ما كان سائدا في السّابق، وغيّرت من ذلك السياق الذي كان رهنا لتحديات عويصة، من ضمنها تداعيات الجائحة والظروف الاستثنائية العالقة من مخلفات الفساد، والبداية جاءت - وفق كورتل - مع تعديل دستور 2020، وبفضل المراجعة المهمة، تمّ التأسيس للعديد من الإجراءات التي تزامنت مع إطلاق التدابير المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته، وفقا لاتفاقيات دولية صادقت عليها الجزائر، بالإضافة إلى مختلف المواد التي تناولت موضوعا ذا صلة بالشفافية، واختصرها كورتل في حماية الاقتصاد الوطني من مختلف أشكال التلاعب، إلى جانب تفعيل دور المجتمع والمشاركة في تسيير أموره، وواجب التصريح بالممتلكات وتفادي وضعيات تعارض المصالح، وبالإضافة إلى منع أن تكون الوظائف مصدرا للثراء أو وسيلة لخدمة المصالح الخاصة.

أرضيـة صلبـة للشّفافيـة

 في حديثه عن حرص الرئيس شخصيا على المتابعة المستمرة لتكريس الشفافية وكسب ثقة المواطن من جهة، والدفع بعجلة الرقي والتطور من جهة أخرى، ذكر كورتل أن القاضي الأول للبلاد، كان قد حسم في شفافية الأداء على جميع المستويات، إذ ليس هناك ما يمكن إخفاؤه عن الشعب، ويرى كورتل أن الشفافية رسخت ميدانيا وجسدت إصلاحات السيد الرئيس، انطلاقا من المنظومة القانونية؛ بحكم أنّها أرضية صلبة للشفافية، سواء تعلق الأمر بقانون الانتخابات أو تنصيب السلطة العليا للشفافية كخطوة مهمة في تكريس الشفافية ومكافحة الفساد، مع تسريع وتيرة تكريس شفافية أكبر في إدارة الشأن العام، علما أنّ هيئة الشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، تعتبر أعلى هيئة، منحت لها صلاحيات كبيرة في سن إستراتيجية المكافحة ومتابعتها والإبلاغ عن الفساد حيثما كان، وهذا لم يكن موجودا قبل مجيء الرئيس تبون.
وفي إطار ترجمة التزامات الرئيس، وكذا القرارات المتخذة في العديد من لقاءاته مع الولاة، ذكر الخبير بأنّ الرئيس تبون حريص على تكريس الشفافية لاستعادة ثقة المواطن في دولته والدفع بعجلة التطور والرقي، كما ذكر بتصريح الرئيس حين أفاد أن “الجزائر دولة شفافة وأنه يحرص على الشفافية”.
واعتبر الخبير كورتل أن رئيس الجمهورية رسّخ الشفافية في تصريحاته وأطروحاته ومشاريعه المجسدة ميدانيا. ومن الطبيعي أن يبدأ بإصلاح المنظومة القانونية، بحكم أنها بداية أي مسار منهجي، وشمل ذلك مراجعة قانون الانتخابات والقوانين المدنية، إلى جانب قانون الصفقات العمومية وغيرها من القوانين. كما ظلّ الرئيس طيلة عهدته الانتخابية يعقد لقاءات صحفية دورية يكشف من خلالها عن مختلف المعلومات الضرورية، خاصة تلك التي تهم المواطن بشكل مباشر، ووصف كورتل ذلك بجوهر الشفافية في إدارة شؤون الدولة، كما ظلّت جميع اجتماعات مجلس الوزراء تصدر بيانات رسمية لإعلام المواطنين بما أثير فيها وما اتخذ من قرارات، وهذا كذلك يعكس حرص الرئيس على إدارة الشأن العام بشفافية ووضوح.

نزاهـة الموظّــف

ووقف كورتل عند الدور الرئيسي والفعال لسلطة الشفافية التي استحدثها رئيس الجمهورية، وقال إنّ مستقبلها واعد خاصة بعد أن أطلقت رسميا إستراتيجية وطنية للشفافية ومكافحة الفساد، تعتبر تتويجا للإصلاح القانوني والمؤسساتي الذي حقّ قته الجزائر خلال الأربع سنوات الماضية، وترتكز هذه الإستراتيجية - حسب وثيقة للسلطة - على خمس مبادئ، ينبثق منها 17 هدفا و60 مشروعا، وتتمحور حول تعزيز الشفافية وأخلقة الحياة العامة، لا سيما من خلال ترقية نزاهة الموظف العمومي وتعزيز المساءلة والنزاهة في تسيير الشأن العام، فضلا عن تعزيز الشفافية والنزاهة في القطاع الاقتصادي عبر الوقاية من تبيض الأموال ومكافحته.
وأوضح كورتل أن الإستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد، تهدف كذلك إلى تشجيع مشاركة المجتمع المدني ووسائل الإعلام على الانخراط في معركة تكريس الشفافية ومحاربة الفساد من خلال تعزيز الديمقراطية التشاركية والرقابة المجتمعية في تسير الشأن العام، مع تعزيز قدرات الجمعيات في مجال الوقاية من الفساد.
وفي السياق، اعتبر كورتل أن هذه الإستراتيجية ملزمة لجميع الأطراف، بحيث ينبغي العمل بها والسهر على متابعة تنفيذها، وفقا للمؤشّرات القابلة للقياس خلال الفترة الخماسية الممتدة من 2023 إلى 2027.

قطـب اقتصــادي..لأوّل مرّة

 وفي تقييم لكل ما تحقّق، أوضح فريد كورتل أن جهود الرئيس لم تتوقف عند هذا الحد، على خلفية إدراكه التام أنه لإضفاء الشفافية أكثر على الشأن العام وعلى كل ما يقدم للمواطن من خدمات يتطلب الرقمنة، والتي تعد رهانا وطنيا لا يقبل التأخير. وفي المقام، أبرز الخبير أنّ الرقمنة قطعت أشواطا معتبرة خاصة في قطاع التعليم العالي وأملاك الدولة والضرائب، وجزء مهم من قطاع الجمارك ومختلف الإدارات، ولأول مرة في تاريخ الجزائر تمّ استحداث هيئة وزارية للرقمنة للتنسيق بين مختلف الإدارات ولمتابعة ما أنجز وتحديد ما تبقى، بهدف مرافقة كل الإدارات التي يجب أن تحقق الرقمنة الشاملة، باعتبارها أحد أهم سبل تعزيز الشفافية.
وفي الشق المتعلق بمكافحة الفساد والوقاية منه، أكّد الخبير أن أبرز ما يمكن ذكره أن الدولة من خلال تعليمة رئيس الجمهورية، سخّرت جميع الإمكانات للقضاء على الفاسدين مهما اختلفت مسؤولياتهم ومناصبهم ومراكزهم الاجتماعية، وتمكّنت، وفق ما أعلن الرئيس تبون في خطابه التاريخي أمام البرلمان، من تسجيل أكثر من 30 مليار دولار حصيلة استرجاعها للأموال المنهوبة، وهو مبلغ ضخم جدا، وكل ما استرجع من أملاك عينية أعيد منحه للمؤسسات العمومية، فيما حوّلت الأموال إلى الخزينة.
ويرى الخبير أنّ القطب الجزائري الاقتصادي والمالي الذي أنشئ في عهد الرئيس تبون، يعتبر سابقة في تاريخ القضاء الجزائري، وهذا القطب الاقتصادي والمالي، يعد منذ استحداثه، آلية قانونية لمكافحة الفساد، ويوصف بالقوة الضاربة لكل من تسول نفسه مد يده لنهب المال العام وممارسة الفساد.
وأفاد الخبير أنه في سنة 2023 عرف هذا القطب نشاط مكثفا، سواء من خلال فتح ملفات فساد ثقيلة، أو معاقبة من تسبب في الفساد، ودحض كثير من مخطّطات تحطيم الاقتصاد الوطني.