24 مليون ناخب يختارون رئيسهم بكل حريّة وشفافية
يتّجه الجزائريّون اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية من بين 03 مترشّحين، في استحقاقات مبكّرة ستحدّد ملامح البلاد للسنوات الخمس المقبلة، من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذا الخارجية، ويراهن عليها لتعزيز التجربة الديمقراطية من خلال رصيد النزاهة والمشاركة القوية.
أزيد من 24 مليون ناخب مسجّل في القائمة الانتخابية، مدعوون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المسبقة، واختيار واحد من بين المترشحين، لقيادة الجزائر في الفترة المقبلة، المثقلة بالرهانات الداخلية والخارجية.
ويتنافس في هذه الاستحقاق، الرئيس عبد المجيد تبون، بصفته مترشّحا حرّا يمثّل مختلف الأطياف السياسية والتنظيمات الوطنية، ويوسف أوشيش السكرتير الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، وعبد العالي حساني شريف، رئيس حركة مجتمع السلم.
المترشّحون الثلاثة الذين ينتمون إلى تيارات مختلف هي التيار الوطني، تيار اليسار الاشتراكي والتيار الإسلامي، خاضوا حملة انتخابية هادئة ونوعية من حيث الخطاب السياسي، بإجماع الملاحظين، وبغض النظر عن الفوارق الطبيعية في برامجهم، إلا أنهم التقوا في قواسم مشتركة كاحترام الثوابت الوطنية، واتخاذ بيان أول نوفمبر مرجعية دائمة، والحفاظ على مبادئ السياسة الخارجية.
وطيلة 20 يوما، قدّم المتنافسون وعودا والتزامات، واجتهدوا في الوصول إلى المواطن عبر التجمعات والاجتماعات والعمل الجواري الكثيف الذي كان ميزة بارزة في الحملة الانتخابية، دون تسجيل أي خطابات مسيئة أو تتعارض مع القواعد القانونية والأخلاقية المنصوص عليها في قانون الانتخابات أو المتفق عليها في الأعراف السياسية.
هذا الاحترام اللافت بين المترشّحين، جعل العمل السياسي الذي يسبق يوم الاقتراع، فعلا «إقناعيا» بامتياز، وأبعده بمسافات عن تصرفات الاستقطاب السلبي عبر الإساءة أو الاستهداف الشخصي أو التحريض المجاني على المترشحين أو ضد العملية الانتخابية برمتها.
ومنذ صدور المرسوم الرئاسي المتعلق باستدعاء الهيئة الناخبة في جوان الماضي، طبع المسار الانتخابي بالصرامة في التصدي للمال الفاسد، حيث تحرك القضاء وبقوة في قضية شراء استمارات الاكتتاب الفردي، وأودع العديد من المشتبه بهم رهن الحبس المؤقت، ووضع آخرين تحت نظام الرقابة القضائية.
وبكونها ثاني الاستحقاقات الرئاسية التي تنظّم تحت الإشراف الكامل للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بعد رئاسيات 2019، كانت حالة الاطمئنان بخصوص النزاهة والمصداقية بادية على جميع المنخرطين في المسار، حيث خلت الخطابات من أي تشكيك مسبق أو تحذير حول سلامة الانتخابات ونتائجها النهائية.
ويعود ذلك، إلى نجاح نموذج السلطة المستقلة للانتخابات، والتي تمكنت من تنظيم 4 عمليات انتخابية في السنوات الأخيرة، دون تسجيل مساس بنزاهتها، إذ لم تصدر بيانات أو احتجاجات من قبل المتنافسين أو الهيئات الرقابية أو الجهات القضائية تطعن في النتائج.
هذا الرصيد، انعكس إيجابا على التحضير للرئاسيات في جميع الفترات، بدءا من سحب استمارات الترشح، وصولا إلى إيداع الملفات فدراستها ثم الفصل فيها نهائيا، ولم تسجّل سلطة الانتخابات طيلة فترة الانتخابات شكاوى أو اعتراضات حول نوعية وطبيعة الخطاب من قبل المترشحين الثلاثة.
كل هذه المؤشّرات تعكس حالة الاستقرار والمناخ العام الملائم الذي تعيشه الجزائر في السنوات الأربع الأخيرة، بشكل جعل تطلعات الجميع تتجه نحو زيادة الطموح الوطني في الاقتصاد وتعزيز مكانة البلاد في الخارج، والوعي الجماعي بطبيعة التهديدات الخارجية وضرورة مجابهتها.
جبهة داخلية متماسكة
الحالة الجيّدة التي تمر بها الجبهة الداخلية، انعكست أيضا في الدعوات الكثيرة إلى المشاركة بقوة في الانتخابات قصد إنجاحها، وتوجيه رسائل واضحة تعزّز شرعية الرئيس المنتخب، وتسند قراره وقرار الدولة الجزائرية ومؤسساتها في المحافل الدولية. وينتشر الوعي بين الجزائريين بمختلف فئاتهم، ويعبّرون عنه في مختلف المنابر وخاصة مواقع التواصل أين يتصدّون للحملات المغرضة والحرب الإعلامية التي تستهدف بلادهم باستخدام أكاذيب وتلفيقات، وتمّ فضحها الواحدة تلو الأخرى. وضمن هذا السياق العام، يتّجه الناخبون اليوم، عبر كافة ربوع الوطن، إلى صناديق الاقتراع، واختيار من يرونه مناسبا لرئاسة البلاد في السنوات الخمس، بعدما استمعوا واطّلعوا على البرامج الانتخابية.
وستفتح مكاتب التصويت على الساعة الثامنة صباحا، ليجد كل ناخب أمامه ثلاث أوراق للمترشحين، تعود لكل من المترشح الحر عبد المجيد تبون، الذي دخل المنافسة الانتخابية بشعار «من أجل جزائر منتصرة» على كل العراقيل، وعلى كل أعدائها ومناوئيها. وإلى جانبه، رئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، الذي طرح برنامج «فرصة»، للارتقاء بالبلاد في شتى الميادين، ويوسف أوشيش السكرتير الوطني الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية بشعار حملته «رؤية للغد»، والطامح لبناء دولة عصرية ومتقدمة.