الميـزان التجاري سجّل فائضـــا يفــوق 12مليار دولار.. والقـادم أفضـل
نحو تخطي عتبة الـ400 مليار دولار معدلات النمو والناتج الداخلي الخام
أشاد التقرير الأخيرة للبنك المركزي بالوضعية الاقتصادية الكلية للبلاد خلال سنة 2023، والتي تميزت بالأداء القوي وديناميكية الاقتصاد الجزائري، بعد سلسلة الإصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية، والتي أدّت إلى تثبيت دعائم الاقتصاد المبني على التنافسية، توطين الإنتاج المحلي، الخروج من التبعية للمحروقات، تحفيز ريادة الأعمال والاستثمار وتعزيز الصادرات خارج المحروقات.
أكد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، أن الاقتصاد الجزائري سجّل انتعاشة قوية، ساهمت في بلوغ مرحلة نضج الاقتصاد الوطني الذي أصبح يتأقلم مع مستجدات الجيواستراتجية، مشيرا - في السياق – إلى التقلبات الجيوسياسية العالمية والتحديات الاقتصادية ووباء كوفيد -19 وعدم استقرار سوق النفط، عوامل سلبية لم تتمكن من توقيف نمو الاقتصاد الوطني الذي بقي في الاتجاه الإيجابي، ما سمح بتحقيق 4.1 بالمائة نسبة نموّ، بالإضافة إلى التحكم في معدل التضخم.
وأوضح محدثنا أن معدل النمو الحقيقي للجزائر هو أحسن معدل منذ سنوات، وذلك بفضل دعم الصناعات الاستخراجية، قطاع المعادن المناجم مواد البناء الحديد الصلب الفوسفات، وهي قطاعات ـ يقول سليماني - إستراتيجية خارج المحروقات، دعّمت الأداء القوى وزادت من معدلات النمو عام 2023، بعد أن حظيت بمرافقة الدولة، ورسمها رئيس الجمهورية.
ويعكس هذا الأداء ديناميكية النشاط الاقتصادي بالجزائر - يقول الخبير - حيث تراوح معدل النمو في الصناعات الإستراتيجية 4.8 بالمائة، مواد البناء 3.8 بالمائة، الأمر الذي ساهم في دعم الحركة التنموية وخلق نسيج اقتصادي وشركات مصغرة ناشئة وشركات مناولة ناشطة في قطاع المناجم والصناعات الاستخراجية والتحويلية، خاصة وأن الجزائر صدّرت أكثر من مليار دولار من الحديد والصلب، وحوالي مليار دولار من مواد البناء، الاسمنت الخزف، الكلينكر، غيرها..
وأشار سليماني إلى النتائج الإيجابية للميزان التجاري الإيجابي الذي سجّل فائضا بأكثر من 12 مليار دولار، ما يدل على أن صادرات الجزائر كانت أكبر من الواردات، ويؤكد أيضا أن الاقتصاد الجزائري يتّجه إلى تنويع صادراته والذهاب إلى الصادرات خارج المحروقات التي بلغت رقما قياسيا ناهز الـ7مليار دولار.
إلى ذلك، يقول سليماني إن ميزان المدفوعات يسجّل طفرة نوعية، بما يضمن تغطية احتياجات البلاد لحوالي سنتين، وهذا أمر ايجابي، إضافة إلى التحكم في معدلات التضخم التي قدرت بـ5بالمائة، بفضل حماية الدولة لاقتصادها، بالنظر إلى الميكانيزمات التي اعتمدتها للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، من زيادة الرواتب والمعاشات بنسبة 50 بالمائة، وكذا التوجّه نحو استيراد المواد الواسعة الاستهلاك وزيادة الإنتاج المحلي.
وقال سليماني إن الفائض في ميزان المدفوعات والميزان التجاري حقّق احتياطيا من العملة الصعبة بحوالي 69 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى منذ سنوات عديدة، بالإضافة إلى 10 آلاف مليار دينار قروض منحتها البنوك العمومية والخاصة بزيادات معتبرة في نسب القروض تتراوح بين 3 إلى 6 بالمائة لتحفيز الاستثمار العمومي وتحفيز القطاع الخاص.
ولم يفوت محدثنا المناسبة للتذكير أن الجزائر سجلت أكثر من 8700 مشروع استثماري جديد و150 استثمارا أجنبيا مباشرا، بعد إنشاء الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وتعزيز الاستثمار محليا، ما جعل القطاع الخاص يشهد ديناميكية كبيرة، خاصة مع تبنى الدولة مقاربة دعم القطاع الخاص في الدخول للصفقات العمومية، ودعم ريادة الأعمال والمؤسسات المصغرة، ما جعل القروض تزيد والاستثمار العمومي يرتفع..
وسجل سليماني أن احتياطي الصرف بالنقد الأجنبي، يعتبر دلالة على صلابة الوضعية العامة للاقتصاد الوطني، ودخول استثمارات أجنبية كبرى تساعد على زيادة هذا الاحتياط، وأضاف بخصوص مسألة الصيرفة الإسلامية التي أشار إليها البنك المركزي، أنها استقطبت أموال تقارب 680 مليار دينار، بحكم أنها الحل الأمثل لاستقطاب أموال السوق الموازية، والوصول إلى الشمول المالي، نظرا لمنتجاتها المتنوعة والشعبية التي تتمتع بها.
في حقل الرقمنة، قال سليماني، إنه مع إطلاق القانون النقدي والمصرفي الجديد الذي كرس الحوكمة الذكية لتسيير البنوك والمصارف، تمّ الذهاب إلى الرقمنة، خاصة وأن تقرير البنك المركزي تحدث عن ملايين عمليات الدفع الإلكتروني والسحب عن بعد، كلها تندرج في إطار التخلي تدريجيا عن الدفع بـ«الكاش” والذهاب إلى الرقمنه الشاملة، وتشجيع المؤسسات الناشئة الناشطة في مجال المالية الرقمية، التي تعتبر رافدا مهمّا يساهم في بناء الاقتصاد الوطني.
وأكد سليماني أن الجزائر لديها مشاريع مهيكلة للاقتصاد الوطني، مشاريع جبارة مثل إنشاء مجمعين، الأول للأشغال البحرية والموانئ لأجل توسيع الموانئ وتحويلها إلى مناطق حرة، وزيادة الصادرات، والثاني، مجمع للهندسة وإنجاز سكك حديدية، ما يسمح بتحكم الجزائر في نمط الإنتاج من الألف إلى الياء في السكك الحديدية، للوصول إلى أكثر من 12 ألف كلم من السكة الحديدية.
ومع دخول الجزائر الى منطقة “الزليكاف”، المنطقة القارية للتجارة الحرة والمنطقة العربية وإقامة مشاريع مع دول قوية مثل إيطاليا وقطر في مجال الزراعة الفلاحة، الصناعات التحويلية، وكذلك الاستثمار الفلاحي ودعم قطاع الخدمات، سوف نشهد - يقول الخبير الاقتصادي - خلال هذه السنة زيادة في النمو والزيادة في الصادرات خارج المحروقات، أي مواصلة الديناميكية في مجال المشاريع الكبرى وشراكات حقيقية، خاصة وأنها أمضت شراكات حقيقية واستراتيجية مع إيطاليا الصين ودول أوروبية، كذلك قطاع الطاقة والطاقة المتجددة التي ستزيد من معدلات النمو والناتج الداخلي الخام للوصول إلى 400 مليار دولار.