تثير البكالوريا الفنية، كمشروع جاري التحضير له على قدم وساق، الكثير من الردود، بما فيها الردود المؤدلجة، بين من تعودوا تبادل اللكمات، لا الكلمات!
قراءات أولوية تحرم، وقراءات مقابلة ترمي باللائمة على الإسلاميين، في ثنائية بافلوفية، كثيرا ما أبعدتنا عنا رؤية الأهم، والتعامل مع المهم، ومراجعة ما ينبغي مراجعته، في الذات، والمحيط العام.
لا أحد من الطرفين، اللذين يتبادلان «التهاني» على طريقتهما، منذ عقود، تحدث عن أهمية البكالوريا الفنية، من حيث أنها تخصص مبكر، باستطاعته توجيه عقول إلى صناعة الذوق والفن بطريقة علمية وفنية، وبتحضير عقول باحثة عن تطوير هذا الجانب في الحياة العامة، يستفيد منه المحيط والسينما وصناعة الصورة وصناعة مستقبل هوية سمعية بصرية، وجوانب أخرى، قد تتشكل في المستقبل من احتكاك عناصر الحاضر مع المقبل، في كل الأحوال..
أقول هذا وفي نفسي بعضٌ ممّا علق من كلام الكوميدي كمال بوعكاز، في الآونة الأخيرة، عن اعتزال الفن والسينما والعمل التلفزيوني، والمسرح، ومبرره في ذلك وجود أغلبية في الأوساط الفنية، ليسوا فنانين!
صحيح، ما يقوله بوعكاز يكاد يكون حقيقة في الوسط الفني، وفي أوساط أخرى، للأسف، مع تراجع الأداء، وكثرة الإستعجالية في النص والتمثيل.. في الشكل والمحتوى!
ومع ذلك، مشروع «بكالوريا فنون»، الذي سيرى النور مع الدخول المدرسي المقبل، قد يكون محطة لإعادة العلاقة بين المدرسة والثقافة والفن، عموما، إلى سكتها، وبالتالي محطة تعيد الأمل لمن بدأ يفقده، مثل كمال بوعكاز، الذي يهدد باعتزال الفن وقلبه على الفن، وليس هروبا منه، بعدما نال منه أدعياء الفن ومتسلقوه والباحثون عن «جام» ولو بالتهجم على تقاليد هذا المجتمع، الذي يكره أن يُنسب إليه ما ليس فيه، ولو من قبيل التندر، أو إسقاط الكفة الثانية من ميزان العدل، والإبقاء على «بابور اللوح»، فقط!
تجربة بكالوريا فنية، التي ستنفذ في ثانويات نموذجية، قبل تعميمها مستقبلا، هي جزء من مشروع «الثانويات المتخصصة»، وهي ظاهرة تكتسح التربية فوق البسيطة، وتوجه مستقبلي في التعليم المتخصص، الذي يقصُر الطريق في البحث عن المواهب وتنميتها، والاستفادة منها، دون إضاعة وقت ثمين، من عمر الموهبة ومن عمر التعليم والأمة بحد ذاتها.