استبشر فلاحو ولاية بومرداس خيرا باستمرار تساقط الأمطار وبكميات معتبرة منذ عدة أيام، بعد أشهر من الجفاف والمعاناة، حيث بدأت مختلف الشُّعب عملية الاستعدادات لبداية موسم فلاحي واعد هذه السنة، خاصة في شعبة الحبوب والبقوليات التي دخلت مرحلة البذر بفضل المياه المتساقطة، والرهان على ترقية النشاط ورفع الإنتاج في مختلف المواد من خضروات وفواكه، الى جانب شعبة إنتاج البطاطا التي لا تزال تصنع الحدث وتشغل بال المستهلك بسبب ارتفاع سعرها.
يتواصل الاضطراب الجوي المصحوب بأمطار غزيرة ليشمل أغلب الولايات الساحلية والداخلية ومنها ولاية بومرداس، التي شهدت تساقط كميات معتبرة وصلت حد قطع الطرق وتعطل حركة المرور في عدة محاور رئيسية معروفة بانبساط أراضيها نتيجة تجمع المياه جراء انسداد التشعبات وقنوات التصريف مثلما شهده الطريق الوطني رقم 24 بمنطقة بن شود، منطقة بومليح باتجاه برج منايل، إضافة الى نقاط أخرى بعاصمة الولاية وبودواو، مع تسجيل انجراف للتربة وتأثر بعض المنشآت الفنية نتيجة قوة تدفق المياه بالأودية.
وبالرغم من كل هذه المعوقات المصاحبة لموجة الاضطراب الجوي المستمر الذي لم تشهده الجزائر منذ حوالي 20 سنة، بحسب خبراء الأرصاد الجوية، والتخوف من حدوث كوارث طبيعية وفيضانات، مع حرمان 13 بلدية من مياه الشرب بسبب تعطل محطة تحلية مياه البحر لرأس جنات، فإنها تهون أمام أزمة العطش التي عرفتها الولاية لعدة أشهر، بحسب تعليقات المواطنين والمنتجين، بسبب شح المياه وقلة كمية الأمطار المتساقطة التي تسببت في جفاف تام ولأول مرة لعدد من سدود المنطقة ومنها سد قدارة المعروف الذي يمول جزءاً من المنطقة الشرقية للعاصمة.
كما أنعشت الأمطار الأخيرة التي عرفتها الولاية السدود الرئيسية ومعها الحواجز المائية للفلاحين التي توسعت لسقي 26 ألف هكتار من المساحة المسقية، حيث تشير آخر أرقام الوكالة الوطنية للسدود إلى تسجيل نسب متفاوتة في منسوب المياه المتجمعة تجاوزت 55٪ بسد بني عمران بمجموع أزيد من 4,5 مليون متر مكعب من طاقته الاستيعابية المقدرة بـ12 مليون متر مكعب، 24٪ بالنسبة لسد الحميز بمجموع 3,5 مليون متر مكعب من أصل 16 مليون متر مكعب، وأخيرا سد قدارة بنسبة أقل لا تتعدى 10٪.
تفاؤل لدى منتجي الزيتون
لقد تزامنت أمطار الغيث أيضا، مع بداية نضج وإنتاج محصول الزيتون الذي يشكل هو الآخر شعبة رئيسية بولاية بومرداس، التي تعرف عودة قوية للنشاط من قبل الفلاحين، الذين قاموا باستثمارات لتوسيع المساحات المغروسة، حيث تفيد أرقام مديرية المصالح الفلاحية أن الشعبة عرفت توسعا كبيرا في المساحة المغروسة التي ارتفعت من 5500 هكتار إلى أزيد من 8500 هكتار في السنوات الأخيرة، رغم ظاهرة الحرائق والجفاف الذي أثر سلبا على مردودية الإنتاج السنة الماضية التي لم تتجاوز 500 ألف قنطار، مقارنة مع سنة 2019 التي تعدت 2,7 مليون قنطار.
كما عادت العائلات المحافظة على هذا النشاط، خاصة بالمناطق الجبلية المعروفة بالولاية، الى الاهتمام أكثر بإنتاج الزيتون وزيت الزيتون. وهنا كشف بعض المنتجين والفلاحين الذين باشروا عملية الجني في حديثهم لـ «الشعب»، أن سقوط الأمطار بداية شهر أكتوبر استمرارها في نوفمبر ضرورية لنضج محصول الزيتون وبالتالي الرفع من مردودية الإنتاج»، خاصة بعد التخوفات السابقة من استمرار ظاهرة الجفاف والحرارة التي تؤثر سلبا على الشعبة المتوقع أن تشهد هذه السنة كميات معتبرة مقارنة مع السنة الماضية.