عندما يتضخم أنا الرغبات، التي تُعبّر عن نفسها بشكل غير مسبوق في بعض الجامعات، كالتي فضحت نفسها من خلال «محضر تصويت للغة التدريس».. نكون أمام تعدّ صارخ على الجمهورية!
الجامعة، منذ أن ظهرت بالشكل الذي نعرفه عنها، هي جامعة للتيارات والأفكار المتناقضة، دورها ريادي، قائم على دعه ينتج أفكارا، دعه يمر، وليس إقرار ما ليس من اختصاصها أصلا..
النقاش الدائر حول اللُّغة المستعملة والمفضلة، بعيدا عن اللغات المرسّمة دستوريا في الجزائر، نقاش ذو شجون، فيه وعليه، وكل متدخل فيه له حرية اختيار ما يراه مناسبا له، كشخص، لا كمجموعة بشرية منظمة، بعيدا عن التموقعات الإيديولوجية، التي غالبا ما أفسدت النقاش الفكري وأرسلته إلى حافة الجهالة من شد التشبت بـ «الرأي الواحد»، في قضايا تحتمل التعدد، ووجهات نظر، فما بالك لـمّا يتعلق الأمر بلغة التدريس، التي تحتاج أغلبية لتمريرها في برامج التعليم، وتحتاج ترسيما من دولة، وليس رغبة عابرة من أستاذ، من جامعة في شرق البلاد، لا يعرف أن لديه عقدة من لغة معينة، و»فوبيا» حيالها، فقد صواب التوقف عند حدوده كأستاذ، وفقد لباقة التطرق إلى موضوع حساس، وقرّر من نفسه أن يستفتي طلبة «غروب» في اللغة التي يتمنون الدراسة بها، واستنتج تفضيلا لم يسبقه إليه أحد، ولا أعتقد أن هناك من ينافسه فيه، وهو يكتب هذه الملاحظة: «مع تحبيذ أن تكون الإجابات بالإنجليزية، سيتم قبول الإجابات بالعربية والفرنسية، شريطة الحفاظ على المصطلحات التقنية بالإنجليزية»!.
هذا الأستاذ قرر من نفسه، في سابقة أولى من نوعها، تدريس الفوج، الذي استفتاه -ولم يطلب منه أحد ذلك- باللغة الإنجليزية، وضرب عرض الحائط أخلاقيات الجامعة ومنظومتها العلمية عرض الحائط.
ولبعض أساتذة الجامعة الجزائرية في هذا الجانب شؤون وشجون والكثير من الغرائبية التي تنط الى عيون المتابعين لمثل هذه الجرأة على القوانين المتعلقة بالتدريس وتنظيمه، واللغات المعتمدة فيه، والبرامج التي تعتمدها مجالس علمية..
أتمنى أن تكون هذه الحادثة شاذة، ولا يقاس عليها..