كلمة العدد

العمل وإتقانه ضمانة الديمومة

سعيد بن عياد
30 ماي 2014

يمثل مخطط عمل الحكومة ورقة طريق إستراتيجية للبرنامج الخماسي، الذي تكون البلاد علت موعد معه لاستكمال المسار التنموي الشامل وفقا للأهداف الحيوية التي يقتضيها النمو. لانجاز الخيارات التي تثير نقاشا في جوانب مثل الغاز الصخري وتؤكد قناعات يتقاسمها الشركاء في جوانب أخرى مثل التنمية الصناعية والفلاحية والبشرية، رسمت الدولة خط سير واضح بكل ما يستلزمه من موارد وإمكانيات، تستوجب بالمقابل العمل بشكل مكثف على جبهتي رد الاعتبار للعمل والجهد الإبداعي من جهة ومضاعفة وتيرة مكافحة الفساد من جهة أخرى. في هذا الإطار، يرتقب آن يتركّز العمل كثيرا على توفير الضمانات القانونية والإجرائية، التي من شانها حماية المال العام الذي يتم ضخّه في دواليب الجهاز الاقتصادي في كافة قطاعاته من خلال منظومة المشاريع الكبيرة التي تسجل على امتداد السنوات القادمة والدعم المرافق للمؤسسة الاقتصادية المنتجة بغض النظر عن طابعها القانوني. المرحلة الجديدة جديرة بان تحقق أهدافها، إذا ما التزم كل طرف بما يقع عليه من مسؤولية تقتضي بالدرجة الأولى الحرص على انجاز المشاريع في آجالها وبالمعايير المعتمدة التي تضمن رفع تحدي المنافسة. بعد التقدم الذي حققته المنشآت القاعدية طيلة السنوات الأخيرة، بالرغم من الجدل حول جوانب الجودة والكلفة، فإن الظرف الراهن يفرض التكفل بالنهوض بالموارد البشرية للارتقاء بها إلى درجة متقدمة في أداء العمل واتقانه والسيطرة على أدوات التكنولوجيا ذات الصلة، من اجل تحقيق المرودية المطلوبة بحجم وجودة توازي أو تفوق المنافسة الأجنبية، التي أصبحت حقيقة في السوق الجزائرية بفعل الحضور الاستثماري الأجنبي. هذا الأخير، الاستثمار الأجنبي، ينتظر أن يوجّه أكثر فأكثر إلى قطاعات اقتصادية خارج المحروقات بتوسيع فرص الشراكة من خلال مضاعفة المتعامل الجزائري، خاصّا كان أو عاما، لجهود جذب الرأسمال الأجنبي من خلال الاستفادة الكاملة والناجعة من الفرص المواتية وإجراءات التحفيز المقننة بشكل يكرس الضمانات القانونية اللازمة. يوجد أكثر من مثال يؤكد نجاح مشاريع شراكة في ظل القانون الساري دونما عقدة من قاعدة 49/51 التي يفترض أن لا يثيرها الطرف الاقتصادي الجزائري في مفاوضاته مع نظيره الخارجي كعائق، كما يعتقد البعض، بقدر ما هي ضمانة لا تزعج شركاء لديهم قناعة راسخة بالرهان على الاستثمار في السوق الجزائرية الواعدة. يكفي النظر إلى المعطيات والمؤشرات على الأرض اليوم للتأكد من أن هناك ثمار بدأت تظهر كما هو في قطاع الصناعات الميكانيكية الثقيلة والخفيفة، التي تشكل قاطرة للنهوض بالمقاولة من الباطن التي تتكفل بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، شريطة أن تلتزم وتحرص على اعتماد معايير الجودة لتستفيد من فرص السوق أكثر من غيرها وتحسبا للتحديات التنافسية التي تفرض نفسها في المديين المتوسط والطويل بفعل إتمام مسار الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، الذي يرتقب آن يعرف وتيرة فعالة لتدارك التأخر الذي بقدر ما أنتج فائدة كما يعتقد البعض، بقدر ما أضاع أيضا فرصا للنمو كما يرد به البعض الآخر من دعاة الانفتاح. انه انفتاح هادئ وبالتدرج يمنح فرصة ثمينة أخرى للمؤسسة الجزائرية لتستدرك أوضاعها بالارتقاء إلى مستوى المتعامل الحائز لأهلية المنافسة مع القدرة على الاستجابة لقواعد اقتصاد السوق خاصة بالانفتاح أولا على المحيط المحلي بتجاوز الذهنية البالية المستمدة خطأ من ثقافة حماية الإنتاج الوطني واستبدالها بذهنية الذكاء الاقتصادي الذي يكرس الجودة سلاحا للحماية في ظل المنافسة. ان تحقيق هذا الهدف قد يكون صعبا في الأول لكنه ليس مستحيلا بالنظر للموارد البشرية المتوفرة حول المؤسسة وتراكم الخبرات المبعثرة والاهم تقاسم قناعة وطنية بان العمل واتقانه الضمانة الكفيلة بديمومة ونمو المنظومة الاقتصادية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024