إنه القرار الصائب، مطلب أهل الاختصاص الذين يقاومون في صمت وتحدّ في صفوف الدفاع الأولى لمواجهة وباء لا شكل له محدد، يخترق الأوطان طولا وعرضا مكسرا حواجز الجغرافيا وبعد المسافات. وزاد انتشارا في الجزائر مع استفحال سلوكات تدير ظهرها لتدابير الوقاية والتأهب.
هكذا- إذن، تقرر تكييف الحجر الجزئي وتأجيل الدخول الجامعي والمهني وأنشطة تعرف توافدا بشريا زائدا عن اللزوم، بعد أن تجاوزت حالات الإصابة بفيروس كورونا المعقول، حاصدة أرواحا بريئة بلا توقف ولا تمييز، معيدة السؤال المحير ماذا بعد؟ وكيف السبيل لوقف التراجيديا الوبائية في مشهد يومي يتكرر من أناس يتمادون في الخطإ والسذاجة وهم يقسمون بالثلاث عن عدم وجود فيروس كورونا المستجد.
هم يقومون بهذا غير آبهين بحملات تحسيس وتوعية من أطباء مجندين في توظيف أقصى درجة العلم لمحاربة كوفيد-19، إلى درجة أن الكثير منهم ضحوا بحياتهم في حرب مفتوحة.
ارتفعت أصوات عالية من على أكثر من منبر إعلامي، كُتبت تعليقات وقدمت قراءات تحليلية ومقاربات عن تمادي الوباء في فرض قانونه وقوالبه، ولم يعد مقبولا السكوت عن هول كورونا، عقب الارتفاع المقلق لحالات الإصابة والوفيات.
تقاطعت آراء حول ضرورة مراجعة الموقف والمرور الحتمي إلى خيارات بديلة تعزز ما اتخذ من تدابير احترازية، أفضت في فترات سابقة إلى السيطرة على الوضع والتحكم فيه إلى أبعد مدى.
حدث هذا عقب التزام كبير بإجراءات الحجر الصحي والعزل المنزلي وتقبل بصدر رحب ساعات حظر تجول، ومنع حركة النقل العام في المدن لمواجهة الوباء.
لكن هذا الالتزام لم يدم طويلا، بعد استئناف نشاط اقتصادي وتجاري مشروط ببروتوكول صحي لم ينظر إليه الجميع بعين الرضا، متجاهلين عن قصد مضمونه والنتيجة عودة سلوكات الاستهتار والاستخفاف إلى الواجهة وتفشت بالتجمعات السكنية، الأسواق والمقاهي حيث التباعد وارتداء الكمامات بات آخر الاهتمام، ما ساهم في ارتفاع منحنى الإصابات والدخول في موجة ثانية.
من هنا يفهم، لماذا جاءت التدابير الوقائية الجديدة وكيف تعد خيارا حتميا لمواجهة فيروس يستدعي العيش معه الالتزام بتدابير الوقاية... في انتظار اللقاح المعجزة.