تحديات كبيرة تستدعي رفعها من الجهاز التنفيذي الذي يعرض، قريبا، خطة العمل الحكومية المعوّل عليها في الإقلاع الوطني. هي خطة تضع الاقتصاد نصب الأعين وتعيرها العناية القصوى والاستعجال، بالنظر إلى الظرف الصعب الذي تمر به البلاد وشحّ المداخيل جراء الإتكالية المفرطة على برميل النفط، الذي لم يستقر عند حدّ متوازن، بسبب تداعيات الصراعات الجيو استراتيجية وحسابات المصالح والنفوذ، يضاف إلى هذا المعطى، هشاشة الاقتصاد خارج المحروقات.
يظهر من خلال البرنامج الرئاسي مدى العناية بهذه المسائل التي تنفّذ من فريق عمل وكفاءات تتقاسم المهام لغاية واحدة، تدرج ضمن ورشات إصلاح شامل للدولة الحديثة بفروعها ومؤسساتها الجمهورية، تكريسا لدولة القانون في خدمة المواطن وإشراكه في معادلة التقويم والتجدد.
يظهر من خلال الممارسة الميدانية والقرارات المتخذة، أن التغيير الجذري يبدأ من مراجعة الدستور وما يشمله من محاور كبرى ومضمون، يصب في أخلقة السياسة وتعزيز الحكم الراشد ونجاعة التسيير التي تجعل الكفاءات معيارا تفرضه المرحلة التي تستدعي رؤية استشرافية استباقية، تعطي أجوبة عن إشكاليات الراهن ولا تترك الأسئلة معلقة مؤجلة.
لكن الرهان يكسب أيضا بالإقلاع الاقتصادي، الذي يعوّل عليها في تحريك النمو الصناعي الكفيل بتوفير مناصب شغل وخلق إيرادات مصدرها الجهد الإنساني لا الريع النفطي. وكما قيل سابقا: «إذا سار البناء والعمران، كل شيء يسير معه»، يمكننا اعتماد مقولة بديلة تحمل ذات المعنى والبعد وتكييفها مع المتغير الراهن: «إذا سار الاقتصاد، سار كل شيء معه».
من هنا تبرز حدة المعادلة ويفهم سبب المرافعة لنموذج اقتصادي بديل يؤسس لاقتصاد المعرفة والذكاء الصناعي والمؤسسات الناشئة، التي يعوّل عليها في كسب رهان التنوع الاقتصادي، الخيار الحتمي لتلبية احتياجات قاعدة صناعية ومطالب سكان، تتزايد وتضغط ولا تقبل الانتظار.
النموذج الاقتصادي من هذه الزاوية يجيب عن السؤال الكبير المتداول، أي بدائل تريدها جزائر القرن 21 التي تأخرت كثيرا في بناء منظومة اقتصادية قوية لا تهتز تحت أي طارئ وأزمة. منظومة مستقرة في إنتاج الثروة ولا تبقى أسيرة الزعامات والأشخاص، منظومة تلعب فيها الدولة الوطنية دور المرافق للمستثمر والمتعامل، وتهيّئ له مناخ الأعمال لتنويع إنتاج «صُنِعَ في الجزائر» وحفظ علامته المسجلة وتسويقها إلى أبعد الفضاءات التجارية التي لا تعترف بالحواجز، عدا النوعية والمواصفات.
إنها رهانات وتحدّيات الجزائر الجديدة التي تتخذ التدابير الكفلية لمواجهتها اعتمادا على كفاءاتها، مدركة حجم تعقيدات الحاضر والمستقبل، وما يتطلبه من إجراء استعجالي يعتمد الحكامة قاعدة والنجاعة غاية والمقاربة البعدية إستراتيجية، تتبع لتصحيح اختلالات في نظام التمويل المصرفي البنكي ووسائل الدفع الإلكتروني والرقمنة، الخيار المؤمَّن من أية صفقات مشبوهة وقضايا فساد، داء القرن.