انتعشت السياحة بالغابات المنتشرة عبر سلسة جبال الأطلس البليدي، حيث تتنوّع هذه السياحة بحسب الغاية التي يرغب في تحقيقها السياح المحليين والأجانب.
تٌشكل مياه الينابيع والشلالات والمناظر الطبيعية الخلابة أبرز المقومات التي تجذب السياح بحثا منهم عن الراحة النفسية والاستجمام في حضن الطبيعة، ولأجل التأمل في روائع الخالق. في فصل الشتاء يقصدون أعالي الشريعة لما تكتسيه من حلة بيضاء بالثلوج، وفي بقية الفصول يتمتعون بالطبيعة العذراء، وتعتبر الوديان ملاذهم لمجابهة الحر في الصيف بالسباحة في مياهها العذبة الصافية.
أبرز محافظ الغابات محمد مقدم أهمية السياحة الغابية بالقول:
«تتميز البليدة بسياحة جبلية وبيئية جد متنوعة ثقافية حموية بيداغوجية دينية، وهذا بفضل الحظيرة الوطنية الشريعة المحمية دوليا والتي تتميز بتنوع بيولوجي جد هام (تشتهر بأشجار الأرز وأخرى مثل الفلين)».
وتابع بالقول: «هناك مناطق أخرى لا تقل أهمية مثل جبال حمام ملوان التي تتوفر على منشأة حموية في مركز البلدية وتُشكل أحد أدوات الجذب السياحي فيما يتعلق بالسياحة الحموية، وتتمثل السياحة الدينية في منطقة السباغنية أين تتواجد زاوية بن ميصرا الشهيرة (بني ميصرا أحد العروش التي جسدت المقاومة الأولى للاستعمار الفرنسي في سهل المتيجة)».
وأضاف المتحدث: «فيما يخص السياحة البيداغوجية فتكمن في مشجر المرجة في بلدية أولاد سلامة، والذي يعتبر أول مشجر أنشيء بالجزائر قبل حديقة التجارب بالعاصمة، وتمّ إنشاؤه سنة 1935 على مساحة تفوق 260 هكتار ويحوي على أزيد من 162 صنف نباتي تمّ إدخاله من مختلف أنحاء العالم، ويعتبر هذا المشجر مقصدا للطلبة والباحثين في إطار الزيارات البيداغوجية والأبحاث العلمية (حظيرة الشريعة وبعض الغابات الأخرى في المنطقة يتمّ زيارتها أيضا لأجلها هذا الغرض)».
وبالجهة الغربية لولاية البليدة تعتبر غابة «تمزقيدة» التي ينتمي جزء منها لولاية المدية، أهم المناطق السياحية التي يزورها السياح والتي تضمّ بحيرة جميلة ومحيط نباتي يسر الناظرين ويجعلهم يشعرون بالطمأنينة والراحة النفسية، كما هو الحال تمام لمضايق جبال بلدية الشفة أين يعيش القرد المغاربي والذي ينزل إلى قارعة الطريق المؤدي إلى المدية، كما يقصد السياح منطقة «الشرقية» أسفل جبال بلدية بوعرفة، حيث تُشكل مياه الشلالات مسابح طبيعية رائعة بالأودية.
بعدما أبرز أهم المواقع الغابية التي يقصدها السياح الجزائريين القادمين من كل الولايات، عرّج محافظ الغابات لولاية البليدة إلى استغلال الغابة في إقامة منتزهات وفضاءات للاستجمام والراحة في إطار تفعيل الاقتصاد الغابي (يتضمّن أيضا استغلال بعض النباتات في صناعة الزيوت الأساسية والطبيعية).
في هذا الإطار أوضح ذات المسؤول: نظرا لافتقار ولاية البليدة إلى مرافق ترفيهية برمجنا مشروعين مهمين لإنشاء غابات الاستجمام خلال السنة الحالية، حيث قمنا بوضع حجر الأساس للمشروع الأول بحي دريوش (بالقرب من القطب الحضري الجديد لبلدية بوعرفة) ضمن الاحتفالات بالذكرى الـ62 لعيد الاستقلال والشباب، لاستغلال مساحة أكثر من 13 هكتار من غابة «الدولة واد الكبير» جزء منها تابع لبلدية البليدة، وبمبلغ استثماري يفوق 39 مليار سنتيم.
كما تمّ وضع حجر الأساس أيضا لاستغلال مساحة قدر 27 هكتارا بمنقطة سيدي سالم (في بلدية بوعرفة التي تعتبر امتداد للحظيرة الوطنية الشريعة) من أجل إنشائها وتهيئتها لتكون متنفس للعائلات وفضاء ترفيهي لهم، وهي جزء من غابة الدولة بمنطقة «ماسكارو» بمبلغ استثماري يفوق 86 مليار سنتيم ومن شأن هذه الاستثمارات أن تُشجّع السياحة الجبلية وتفتح مناصب شغل جديدة».
وسيتمّ تجسيد هذين المشروع مع مراعاة القوانين والتشريعات التي تنصّ على استعمال مواد البناء تكون صديقة للبيئة ومتناغمة معها (الخرسانة ممنوعة) وذلك بموجب المرسوم التنفيذي 06-368 الذي يحدّد النظام القانوني لمنح الترخيص لاستغلال الغابات لإقامة مناطق للاستجمام، بالإضافة إلى قوانين أخرى مكملة.